
شهدت مصر في السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في واردات الصلب المدرفل على الساخن، مما أثار قلقًا كبيرًا داخل القطاع الصناعي المحلي ودفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات وقائية لحماية الصناعة الوطنية.
فقد أعلنت وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية في 27 أبريل 2025 عن بدء تحقيق شامل في الإجراءات الوقائية ضد زيادة واردات مسطحات الصلب المدرفل على الساخن، استجابة لطلبات مقدمة من المصنعين المتضررين من المنافسة غير العادلة والممارسات الضارة في التجارة الدولية.
وبناءً على توصية اللجنة الاستشارية، تم فرض رسوم وقائية مؤقتة بنسبة 13.6% على واردات الصلب المدرفل على الساخن اعتبارًا من 14 سبتمبر 2025 ولمدة 200 يوم، كما تم فرض رسوم على واردات البيليت بما لا يقل عن 4613 جنيهًا للطن.
تشير البيانات الرسمية إلى أن واردات مصر من الصلب المدرفل على الساخن بلغت 962.8 مليون دولار في عام 2024، مقارنة بـ860 مليون دولار في عام 2023، بزيادة قدرها 12%، بينما سجلت واردات الحديد والصلب زيادة بنسبة 32.8% خلال أول 9 أشهر من عام 2024 لتصل إلى 3.989 مليار دولار، مقارنة بـ3.004 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2023.
كما تشير البيانات الرسمية إلى أن واردات مصر من مسطحات الصلب المدرفل على الساخن بلغت نحو 260 مليون دولار خلال النصف الأول من عام 2025. هذا الرقم يعكس زيادة ملحوظة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، مما دفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات وقائية لحماية الصناعة المحلية من تأثيرات الواردات الرخيصة.
تسعى الحكومة من خلال هذه الإجراءات إلى حماية المصانع المحلية من تأثير الواردات الرخيصة على قدرتها التنافسية، وفي الوقت نفسه الحد من أي تأثير كبير على أسعار المنتجات النهائية للمستهلكين، حيث تشير الدراسات إلى أن أثر الرسوم على الأسعار محدود، مع استثناء بعض الأصناف غير المنتجة محليًا والتي تدخل في صناعات أخرى حرصًا على عدم تعطيل سلاسل الإنتاج الوطنية.
وأعلنت الحكومة التزامها بالشفافية والعدالة في تطبيق هذه الرسوم، مع إمكانية استردادها في حال عدم فرض رسوم نهائية أو عند استخدام الواردات في إنتاج منتجات مخصصة للتصدير.
وتجري مصر حاليًا أربعة تحقيقات منفصلة على مختلف أنواع الصلب من جميع الدول، تشمل مكافحة الإغراق والإجراءات الوقائية على الصلب المدرفل على البارد والمجلفن والملون، بالإضافة إلى التحقيق الحالي على الصلب المدرفل على الساخن والتحقيق على واردات البليت.
وأكدت سلطة التحقيق أن هذه التحقيقات مستقلة ولا يتعارض إجراؤها بالتوازي مع القوانين المحلية والاتفاقيات الدولية حتى لو ارتبطت بمنتجات متشابهة، كما تدعو جميع المصانع المنتجة للسلع المرتبطة بالمنتجات محل التحقيق إلى تقديم الأدلة والملاحظات اللازمة لضمان دراسة شاملة وموضوعية لجميع البيانات.
ويحذر خبراء الصناعة من أن استمرار ارتفاع واردات الصلب دون رقابة صارمة قد يؤدي إلى تراجع الإنتاج المحلي وفقدان الوظائف وتقليل تنافسية السوق المصرية، ما يضعف الاقتصاد ويهدد الاستقرار الصناعي على المدى الطويل.
و تأتي أهمية متابعة تأثير الرسوم بشكل دوري وتعزيز الشفافية وإيجاد قنوات حوار مستمرة مع الدول المصدرة للوصول إلى حلول توازن بين حماية الصناعة المحلية والحفاظ على العلاقات التجارية الدولية. وتظل الإجراءات الوقائية المفروضة على واردات الصلب المدرفل على الساخن خطوة هامة لضمان المنافسة العادلة، وحماية الصناعة الوطنية والمستهلك على حد سواء، مع مراقبة مستمرة لتحقيق التوازن بين حماية الاقتصاد الوطني والحفاظ على العلاقات التجارية الدولية.