اقتصادتجارة وصناعة

مصر تشحن مخزون الطاقة الكهربائية

توطين صناعة البطاريات..

تولي وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة في مصر اهتماما متزايدا بالتوسع في أنظمة تخزين الطاقة وتوطين صناعة البطاريات، باعتبارها عنصرا استراتيجيا لدعم خطط التحول نحو الطاقة النظيفة وتعزيز أمن الطاقة القومي، ويأتي هذا التوجه في إطار رؤية الدولة لخلق منظومة طاقة متكاملة ومستدامة، تعتمد بشكل أكبر على المصادر المتجددة مثل الشمس والرياح.

ومع تنامي استثمارات الطاقة المتجددة، خاصة في مناطق مثل بنبان بمحافظة أسوان ومزارع الرياح في جبل الزيت، تسعى الوزارة إلى إقامة بنية تحتية متطورة في مجال تخزين الطاقة الكهربائية، ولتحقيق هذا الهدف حرصت على فتح المجال أمام شراكات فعالة مع القطاع الخاص المحلي والدولي، حيث تم الإعلان عن تعاون بين الوزارة وشركات عالمية مثل إنفينيتي باور وسكاتك النرويجية ومصدر الإماراتية و مجموعة سانجرو SUNGROW الصينية لتنفيذ مشروعات تشمل حلول تخزين الطاقة و توطين صناعة البطاريات.

وتمثل هذه الجهود جزءا من استراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى رفع كفاءة استخدام الطاقة، وزيادة الاعتماد على مصادر نظيفة، وتحسين جودة الشبكة الكهربائية، بما يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة في المنطقة.

وقال الدكتور محمد الخياط رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة الأسبق، أن أنظمة تخزين الطاقة تعد من الركائز الأساسية لتحقيق الاستقرار في الشبكة الكهربائية، خاصة في ظل التوسع الكبير في الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتتمثل إحدى التحديات الرئيسية لهذه المصادر في اختلاف توقيتات إنتاجها، فمثلا تعتمد الطاقة الشمسية على إشعاع الشمس، وبالتالي يتوقف إنتاجها ليلا أو في فترات الغيوم، بينما تنتج طاقة الرياح على مدار اليوم، ولكن بكفاءة متفاوتة حسب سرعة الرياح واتجاهها.

وأكد الخياط في تصريحات خاصة لـ” البورصجية “، أن تقنيات التخزين تعد الحل المثالي لتجاوز هذا التفاوت في الإنتاج، فمن خلال تخزين الكهرباء الفائضة المنتجة في فترات انخفاض الطلب أو ذروة التوليد، يمكن استخدامها لاحقا خلال فترات الذروة أو عندما تكون المصادر المتجددة غير قادرة على تلبية كامل احتياجات الشبكة.

وأوضح رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة الأسبق، أن أنظمة تخزين الطاقة تساهم في تعزيز استقرار الشبكة، وتقليل الاعتماد على المحطات التقليدية التي تعمل بالوقود الأحفوري في أوقات الذروة، مما يوفر في التكلفة ويخفض الانبعاثات الضارة بالبيئة.

كما تتيح أنظمة التخزين الاستخدام الأمثل للبنية التحتية الكهربائية الموجودة، من خلال إدارة أفضل للأحمال وتوزيع أكثر كفاءة للطاقة.

وأكد الدكتور محمد السبكي رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة سابقا، أن تخزين الطاقة يعد خطوة استراتيجية ومفيدة على جميع المستويات، ويمثل توجه الدولة في هذا المجال توجها إيجابيا يعكس رؤيتها نحو مستقبل أكثر استدامة للطاقة، فمع التوسع في استخدام مصادر الطاقة المتجددة، يصبح التخزين أحد أهم الحلول لتعظيم الاستفادة من هذه المصادر وضمان استقرار الشبكة الكهربائية.

وأوضح السبكي في تصريحات خاصة لـ” البورصجية “، أنه من أبرز المكاسب التي ستتحقق من الاستثمار في إنتاج بطاريات تخزين الطاقة محليا، هو الأثر الإيجابي على الاقتصاد الوطني، فبدلا من الاعتماد على الاستيراد بتكاليف مرتفعة، سيوفر التصنيع المحلي ملايين الدولارات من العملة الصعبة، إلى جانب ما سيسهم به من تحفيز قطاع الصناعة ونقل التكنولوجيا الحديثة إلى السوق المصرية.

بالإضافة إلى فتح هذا القطاع الجديد الباب أمام توفير فرص عمل نوعية لمئات من الشباب، سواء في مجالات البحث والتطوير أو التصنيع أو التشغيل والصيانة، وسيكون للعاملين في قطاع الكهرباء نصيب كبير من هذه الفرص، لا سيما مع التوجه لتأهيل الكوادر الفنية للعمل في مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة.

وعلى الجانب الفني ستساهم أنظمة التخزين في تحقيق استقرار الشبكة الكهربائية، خاصة في فترات الذروة أو انقطاع إمدادات الطاقة من المصادر المتجددة، كما تساعد في الحد من اللجوء إلى تخفيف الأحمال، ما يعد نقلة نوعية في إدارة الطلب على الكهرباء.

وأكد أنه رغم أهمية هذه التقنية، إلا أن الواقع الحالي يشير إلى أن تكنولوجيا التخزين لم تصل بعد إلى مستوى التغطية الشاملة لاحتياجات مصر من الطاقة، ومع ذلك فإن التوسع في هذا المجال يعد خطوة أولى وأساسية نحو تحقيق منظومة طاقة أكثر مرونة وكفاءة واستدامة في المستقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *