ملفات وحوارات

«لطفى منيب» فى حوار مع «البورصجية»: مصر ضمن أكبر 10 دول مصدرة للمجوهرات عالميًا بحلول 2027

في ظل القفزات اللافتة التي يحققها قطاع الذهب والمجوهرات في مصر خلال الفترة الأخيرة، وما سجّلته الصادرات من أرقام قياسية غير مسبوقة، أصبح هذا القطاع واحدًا من الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني، سواء في دعم الاحتياطي النقدي أو تعزيز مكانة “صُنع في مصر” على الساحة العالمية.

في حوار خاص مع “البورصجية”، يفتح لطفي منيب، وكيل شعبة الذهب بالاتحاد العام للغرف التجارية، ملف صناعة الذهب في مصر، كاشفًا أسرار الأرقام القياسية التي حققها السوق خلال شهري يوليو وأغسطس، والعوامل التي تقف وراء نجاح المشغولات المصرية في الأسواق العالمية. وتناول منيب التحديات التي تواجه الصناعة محليًا، ورؤيته لمستقبل هذا القطاع الواعد، مرسومًا بخريطة طموحة تعكس مكانة الذهب المصري على الساحة الدولية.

* كيف ترون وضع سوق الذهب في مصر خلال شهري يوليو وأغسطس 2025؟

شهد السوق استقرارًا نسبيًا في الأسعار مع بعض التحركات الطفيفة المرتبطة بتقلبات السوق العالمي. حيث إن استقرار سعر صرف الدولار ساعد في تهدئة الأسعار وإعادة الثقة تدريجيًا للمستهلكين، إلى جانب أن المواسم الصيفية دعمت مبيعات المشغولات الذهبية، بينما استمرت السبائك والجنيهات في جذب المواطنين الباحثين عن الادخار والتحوط ضد التضخم.

** بالانتقال إلى المنتج نفسه، ماذا عن وضع المشغولات الذهبية المصرية في السوقين المحلي والخارجي؟

المشغولات المصرية تشهد طفرة واضحة في التصميم والجودة خلال الفترة الأخيرة، بفضل توسع المصانع في الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة، وهو ما جعل منتجاتنا قادرة على منافسة المشغولات التركية والإيطالية مع ميزة إضافية هي انخفاض أسعار المصنعية.

محليًا، يظل الإقبال الأكبر على الأوزان الخفيفة بسبب قدرتها الشرائية، بينما يتركز الطلب الخارجي على المشغولات عالية القيمة والتصميمات التراثية، وهو ما فتح أمامنا فرصًا تصديرية واعدة في عدة أسواق جديدة.

** الأداء التصديري كان لافتًا.. ما حجم الصادرات المصرية من الذهب والمجوهرات خلال النصف الأول من 2025؟

الصادرات المصرية حققت قفزة غير مسبوقة، حيث سجلت 3.93 مليار دولار في النصف الأول من 2025، مقارنة بـ 1.34 مليار دولار فقط في الفترة نفسها من عام 2024، بنسبة نمو وصلت إلى 194%.

هذا الأداء الاستثنائي رفع ترتيب مصر عالميًا من المركز 94 إلى المركز 54 في قائمة الدول المصدرة للمجوهرات.

وعن أبرز الأسواق المستقبلة للذهب المصري فهي: الإمارات، وتركيا، وسويسرا، وكندا، مع توقعات باستمرار النمو بدخول عقود تصديرية جديدة وزيادة الطاقة الإنتاجية للمصانع.

وهل انعكس الأداء التصديري القوي على واردات الذهب الخام؟

بالفعل، انعكس بشكل إيجابي؛ إذ تراجعت فاتورة واردات الذهب إلى نحو 220 مليون دولار خلال النصف الأول من 2025، مقابل 310 ملايين دولار في الفترة نفسها من 2024.

ويعود هذا التراجع لتوسع مصر في عمليات إعادة تدوير الذهب واستغلال المناجم المحلية، وهو ما قلل الاعتماد على الاستيراد، وفر العملة الصعبة، وساعد المصانع على تغطية جزء معتبر من احتياجاتها داخليًا.

** النمو يتطلب استثمارًا.. فهل هناك تدفقات جديدة في قطاع الذهب؟

بالفعل، شهد النصف الأول من 2025 توقيع اتفاقيات مهمة مع شركات عالمية كبرى مثل :Barrick Gold وCentamin لتوسيع أعمال البحث والتنقيب في الصحراء الشرقية.

وتهدف الحكومة من خلال هذه الخطوات إلى رفع مساهمة قطاع التعدين، وعلى رأسه الذهب، في الناتج المحلي الإجمالي من 1% حاليًا إلى 5% بحلول 2030، ما يعكس حجم الثقة الدولية في إمكانات هذا القطاع كأحد أعمدة الاقتصاد الوطني المستقبلية.

** على المستوى الكلي.. كيف انعكس الأداء القوي لقطاع الذهب على الاقتصاد وميزان المدفوعات؟

الذهب أصبح بالفعل أحد الأعمدة الرئيسية للصادرات غير البترولية، حيث ساهم وحده بنحو 22% من إجمالي الصادرات المصرية خلال النصف الأول من 2025.

هذا الإنجاز ساعد الدولة في تعويض جزء من فاتورة الواردات المرتفعة، خاصة في السلع الغذائية والطاقة، كما أن الفوائض الناتجة من صادرات الذهب عززت احتياطيات النقد الأجنبي وخففت من الضغوط الواقعة على الجنيه المصري.

** شهدنا مؤخرًا إدراج الذهب في البورصة السلعية.. كيف تقيمون هذه الخطوة وتأثيرها على السوق؟

إدراج الذهب في البورصة السلعية منذ مايو 2025 كان نقلة نوعية للسوق. هذه الخطوة أسهمت في تنظيم حركة السوق والحد من المضاربات. كما أن البورصة وفرت مستوى أعلى من الشفافية وربطت السوق المحلي بالأسواق العالمية، وهو ما أتاح منصة عادلة للتسعير يستفيد منها المستثمرون والمصنعون على حد سواء. وبالفعل، انعكس ذلك بوضوح في شهري يوليو وأغسطس، حيث استقرت الأسعار وتراجعت الفجوة بين السعر الرسمي والسوق الموازي.

** رغم النجاحات التي تحققت.. ما أبرز التحديات التي ما زالت تواجه صناع الذهب في مصر؟

التحديات ما تزال قائمة، وأهمها ارتفاع تكلفة التمويل التي تضغط بشكل خاص على المصانع الصغيرة والمتوسطة. كذلك نحن بحاجة مستمرة إلى مواكبة التطورات التكنولوجية في عمليات التصنيع للحفاظ على قدرتنا التنافسية.

هناك بالفعل جهود تُبذل بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة لتوفير برامج دعم فني وتمويلي، إلى جانب العمل على تسهيل الإجراءات الجمركية والضريبية. لكن تبقى المشاركة المصرية في المعارض الدولية محدودة نسبيًا، وهو ما يتطلب دعما أكبر لتعزيز الحضور العالمي للمشغولات المصرية.

** بناءً على ما سبق.. كيف ترون مستقبل صناعة الذهب والمجوهرات في مصر؟

المستقبل يبدو واعدًا للغاية، فمصر تمتلك كل المقومات التي تؤهلها لدخول قائمة أكبر 10 دول مصدرة للمجوهرات عالميًا بحلول 2027، إذا استمرت السياسات الداعمة على نفس نهج الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار، مع توظيف العمق التراثي والفني الذي تتميز به مصر، مما يوضع القاهرة على نخريطة الموضة العالمية للمجوهرات خلال السنوات القليلة المقبلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *