
رباب الشاذلي
اتخذت الحكومة المصرية خطوات محورية في إدارة ملف التجارة الخارجية، بعد سنوات من غياب الرؤية الواضحة التي انعكست على تراجع تنافسية مصر بمؤشرات التجارة الدولية.
وجاءت التصريحات الأخيرة التي أدلى بها وزير الاستثمار والتجارة الخارجية حسن الخطيب لتؤكد أن السياسة التجارية الجديدة تمثل تحولًا نوعيًا في النهج المتبع، وتفتح آفاقًا واسعة لتعزيز موقع مصر الاقتصادي على المستويين الإقليمي والدولي.
وكشف وزير الاستثمار في تصريحاته الآخيره، أن الاستراتيجية الحالية ترتكز على تعظيم دور السوق المحلي وحماية الصناعة الوطنية، بالتوازي مع تحويل مصر إلى مركز إقليمي للصناعة والتجارة، مشيراً أن الحكومة تلتزم التزامًا كاملاً بقواعد التجارة الدولية بما يضمن تحقيق توازن مستدام بين الانفتاح الاقتصادي والحفاظ على المصالح الوطنية.
وأعلنت الحكومة، عن إطلاق آليات جديدة للدفاع التجاري، إلى جانب برنامج شامل لتحفيز الصادرات يعتمد على زيادة القيمة المضافة في الصناعات المحلية، مؤكدة أن البرنامج صيغ بالتعاون مع المجالس التصديرية وسيخضع لمراجعة سنوية لضمان كفاءته وملاءمته للتغيرات المتسارعة في الأسواق العالمية.
وعلى صعيد تيسير الإجراءات، أعلنت وزارة الاستثمار عن نجاحها في تقليص زمن الإفراج الجمركي من 14 يومًا إلى 5.8 يوم فقط، مع استهداف الوصول إلى يومين بحلول نهاية العام الجاري، موضحاً أن هذه الخطوة ستسهم في خفض التكاليف اللوجستية وتسريع حركة التجارة وتعزيز القدرة التنافسية للصادرات المصرية.
وكان شهد عام 2025 تحسنًا ملحوظًا في أداء الصادرات المصرية. ففي فبراير ارتفعت الصادرات بنسبة 24.1% لتسجل 4.43 مليار دولار مقارنة بـ3.57 مليار دولار في نفس الشهر من العام الماضي، مدفوعة بزيادة صادرات الملابس الجاهزة والمنتجات البترولية، وفي مارس واصلت الصادرات الصعود لتبلغ 4.62 مليار دولار بزيادة 20.7%.
أما في أبريل، فقد سجلت الصادرات 4.10 مليار دولار بزيادة 19.8%، بينما ارتفعت في مايو إلى 4.25 مليار دولار بزيادة 4.6%، وفي يونيو، نمت بنسبة 4.7% لتصل إلى 3.5 مليار دولار، مدفوعة بطلب قوي على المنتجات البترولية.
وعلى صعيد سجلت الصادرات غير النفطية فقد سجلت في الربع الأول من العام نحو 13 مليار دولار، بارتفاع 34% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وكان قطاع الأحجار الكريمة والمعادن من أبرز المساهمين، إذ بلغت صادراته نحو 2.9 مليار دولار مقابل 305.3 مليون فقط في الفترة المقابلة من 2024.
وفقًا لتقارير اقتصادية رسمية صادرة عن وزارة الاستثمار، ارتفعت الصادرات غير النفطية إلى 10.9% من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من 2025، وهو أعلى مستوى منذ عام 2011. كما تراجع عجز الحساب الجاري إلى 13.2 مليار دولار خلال الأشهر التسعة حتى مارس 2025، مقارنة بـ17.1 مليار دولار في نفس الفترة من 2024. ويعود ذلك إلى زيادة التحويلات بنسبة 86.6% لتسجل 26.4 مليار دولار، وارتفاع عوائد السياحة بنسبة 23% لتبلغ 12.5 مليار دولار.
تشير هذه المؤشرات إلى أن الإصلاحات الحكومية الجديدة في ملف التجارة الخارجية بدأت تؤتي ثمارها، سواء عبر التيسيرات الجمركية أو برامج تحفيز الصادرات.
ومع استمرار التوسع في تنويع الصادرات، وتعزيز دور الصناعات ذات القيمة المضافة، تزداد فرص الاقتصاد المصري في تحقيق تنافسية أعلى واستقرار أكبر في الميزان التجاري خلال المرحلة المقبلة.