تجارة وصناعة

انطلاقة رقمية نحو مصانع ذكية

تشهد صناعة الحديد والصلب في مصر تحولًا جوهريًا في ظل التحديات البيئية المتصاعدة والمنافسة العالمية المتزايدة. ومع تزايد الحاجة إلى تعزيز الإنتاجية وخفض استهلاك الطاقة والحد من الانبعاثات، بات من الضروري الانتقال من الأفران التقليدية إلى الاعتماد على الأتمتة الرقمية وتحليل البيانات، بما يعزز مكانة مصر الإقليمية في هذا القطاع الحيوي.

في إطار هذا التوجه، وقّعت شركة العز الدخيلة للصلب اتفاقية مع شركة سيمنس لتطبيق منظومة رقمية متطورة تعتمد على التحليلات السحابية، في خطوة تعد الأولى من نوعها بالمنطقة، وتهدف إلى دمج الحلول الذكية في عمليات صناعة الحديد. وأكد مسؤولو الشركة أن هذا المشروع يمثل نقلة نوعية في تحديث القطاع الصناعي وتعزيز تنافسيته.

من جانبه، أشار مديرو “سيمنس” إلى أن صناعة المعادن لم تعد قائمة فقط على عامل السعر كما كان في الماضي، بل أصبح التفوق يعتمد على القدرة على استثمار البيانات وإدارة العمليات الإنتاجية بكفاءة عالية. وأوضحوا أن مصر تتحرك بخطى متسارعة نحو رقمنة القطاع الصناعي، لتصبح مركزًا للابتكار الرقمي في المنطقة، وهو ما يتماشى مع خطط الدولة الرامية إلى بناء مدن جديدة تعتمد على حلول ذكية وبنية تحتية رقمية متقدمة.

كما برز الدور المحوري لمركز الابتكار للصناعة 4.0 في العاصمة الإدارية الجديدة، حيث يمثل منصة لدعم تحول الصناعة الوطنية نحو أنظمة إنتاج أكثر ذكاءً واستدامة. ويُسهم هذا المركز في تقديم أحدث التقنيات والمعارف، فضلًا عن إعداد كوادر بشرية مؤهلة لإدارة التحول الصناعي الرقمي، بما يعزز من جاهزية المصانع المصرية لمواكبة معايير الثورة الصناعية الرابعة.

وتُظهر التجارب العملية أن هذه التقنيات لا تقتصر فوائدها على تسريع وتيرة الإنتاج، بل تمتد إلى تحسين كفاءة استهلاك الطاقة، تقليل فترات التوقف غير المخطط لها، وتعزيز استجابة المصانع للتحديات التشغيلية. كما تسهم البرامج التدريبية المرتبطة بتلك المبادرات في رفع كفاءة العنصر البشري، وهو ما يشكل ركيزة أساسية لدعم مسار التنمية المستدامة.

ويأتي هذا التحول في إطار رؤية مصر 2030، التي تركز على بناء اقتصاد قائم على المعرفة وتعميق التصنيع المحلي، مع تعزيز دور الشباب وتشجيع الابتكار المستدام. فالانتقال من الأفران التقليدية إلى المصانع الذكية لم يعد مجرد خيار تقني، بل يمثل استراتيجية وطنية لتحديث الصناعة وضمان قدرتها التنافسية بيئيًا واقتصاديًا على المدى الطويل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *