
أثارت أزمة انقطاع التيار الكهربائي بمحافظة الجيزة، والتي استمرت ما يقرب من أربعة أيام، العديد من التساؤلات حول الإجراءات الواجب اتخاذها لمنع تكرارها، خاصة بعدما تسببت في معاناة عشرات الآلاف من المواطنين بعدة مناطق، أبرزها: العمرانية، فيصل، الهرم، المنيب، منيل شيحة، والمرازيق.
ووفقًا للبيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة ومحافظة الجيزة، فقد تجاوزت فترات انقطاع التيار في بعض المناطق ثلاثة أيام متواصلة، ما تسبب في توقف محطات المياه التي تغذي نحو 30% من سكان المحافظة.
وأوضحت وزارة الكهرباء أن الأزمة نتجت عن عطل مزدوج في كابلين جهد 66 ك.ف بمحطة محولات “جزيرة الذهب”، بالتزامن مع تسجيل الشبكة القومية أعلى حمل في تاريخها، بلغ 39,400 ميجاوات، بزيادة قدرها 1,400 ميجاوات مقارنة بالعام الماضي.
وكاد أن يتسبب انقطاع التيار الكهربائي في توقف خدمات حيوية مثل المستشفيات والمخابز؛ ما دفع الأجهزة التنفيذية إلى التدخل السريع بنشر أكثر من 55 خزان مياه متنقل وتشغيل 60 مولدًا كهربائيًا لضمان استمرار الخدمات الأساسية، إضافة إلى الدفع بأكثر من 1200 فني وعامل لإصلاح الأعطال وتنفيذ نحو 27 وصلة كابل جديدة.
قال الدكتور محمد السبكي، مدير مركز بحوث الطاقة، لـ”البورصجية”،: إن “جزءًا من الشبكة الكهربائية تعرض للتهالك وانتهى عمره الافتراضي، وهو ما تسبب في المشكلات التي أدت إلى الانقطاعات الأخيرة”، موضحًا أن شركات الكهرباء تعمل منذ فترة على إصلاح الشبكات المتهالكة إلى حدٍ كبير.
وأضاف السبكي: أن أزمة محطة محولات “جزيرة الذهب” جاءت نتيجة وجود أجزاء من الشبكة انتهى عمرها الافتراضي، وهو ما حدث بالفعل خلال الفترة الماضية، مؤكدًا أن هذا الأمر طبيعي في البنية التحتية لأي شبكة كهربائية إذا لم تصل بعد إلى دورها في البرنامج الزمني المخصص للصيانة والتجديد.
وتابع: “وزارة الكهرباء لديها بالفعل خطط مسبقة وعاجلة لإصلاح الشبكة، تُنفذ وفق برامج زمنية محددة، لكن من الطبيعي أن تنهار أجزاء من الشبكة أسرع من غيرها، خاصة إذا لم يحِن موعدها في خطة الإصلاح والاستبدال.”
وحول التعامل مع أزمة محطة محولات “جزيرة الذهب”، أشاد السبكي بأداء شركات الكهرباء، وبالأخص شركة النقل وشركة جنوب القاهرة للتوزيع، مؤكدًا أنها تعاملت مع الأزمة باحترافية عالية، وسعت للسيطرة على الموقف بأسرع وقت ممكن لتقليل آثار الانقطاع على المواطنين.
وأكد الدكتور ماجد كرم، خبير الطاقة والاستشاري الإقليمي في مشروعات الطاقة النظيفة، أن مصر لا تواجه أزمة في محطات توليد الكهرباء، لكن التحدي الحقيقي يكمن في ضرورة تطوير الشبكات الكهربائية، ووضع خطة عاجلة لرفع كفاءتها حتى تتحمل الأحمال المرتفعة، خاصة في ظل موجات الطقس الحار.
وأوضح كرم، في حواره لـ”البورصجية”، أن شبكات التوزيع تحتاج إلى خطة تطوير أسرع مما هي عليه حاليًا، لتفادي تكرار مثل هذه الأزمات مستقبلًا، مشددًا على أهمية التعلم من هذه “الدروس القاسية”، خصوصًا أن احتياجات المواطنين من الكهرباء ارتفعت بشكل ملحوظ خلال فترات الطقس شديد الحرارة.
وأشار خبير الطاقة إلى أهمية توفير الدعم اللازم لتطوير الشبكات، مع إنشاء مسارات متعددة لخطوط الكهرباء، بحيث تكون هناك بدائل فورية في حال تعطل أي جزء من الشبكة؛ مما يضمن استمرار الإمدادات الكهربائية وعدم وقوع أزمات حادة في بعض مناطق الدولة.