تجارة وصناعة

«ميناء جرجوب» يغير خريطة التنمية فى مصر

في إطار خططها الطموحة لتعزيز مكانة مصر كمركز عالمي للتجارة واللوجستيات في منطقة البحر المتوسط، تمضي الحكومة المصرية بخطى متسارعة نحو تطوير البنية التحتية للموانئ.

ويأتي مشروع ميناء جرجوب البحري بمدينة النجيلة كمحطة محورية في هذه الجهود، حيث يستهدف دعم التنمية الإقليمية والسياحة، وفتح آفاق أوسع للتجارة الدولية مع أوروبا وأمريكا وآسيا.

في تصريح خاص لـ”البورصجية”، كشفت الدكتورة شاهيناز الحديدي، مدير عام الجمارك بالهيئة العامة للاستثمار، عن تفاصيل مشروع تطوير المنطقة الاقتصادية بجرجوب في الساحل الشمالي الغربي، موضحة أنه “نموذج تنموي استراتيجي رائع” سيغير خريطة التنمية في مصر خلال العقود المقبلة.

وقالت “الحديدي”: إن المشروع يتضمن إنشاء مدينة سكنية متكاملة توفر أكثر من 40 مليون وحدة سكنية للمواطنين على مدار 40 عامًا، إلى جانب إقامة مصانع لإعادة تجميع السيارات، وإنتاج الزيوت، وتعبئة المنتجات الزراعية، وصناعة النسيج، بالإضافة إلى محطة متطورة لتصنيع الهيدروجين الأخضر، ومزرعة رياح على مساحة 70 كيلومترًا مربعًا.

وأشارت، أن المشروع يتضمن أيضًا، إنشاء قاعدة لوجستية متكاملة لبناء السفن، بالتعاون مع الترسانة البحرية في الإسكندرية، بما يعزز قدرات مصر في قطاع الصناعات البحرية.

وأوضحت الحديدي، أن المشروع سيُنفذ على ثلاث مراحل، بتكلفة تبدأ من 2 مليار جنيه، وسيُدار بنظام الـBOT، مع احتفاظ مصر بنسبة 51% من ملكيته، بما يضمن تحقيق عوائد استراتيجية واقتصادية طويلة المدى.

وكشف الخبير الاقتصادي الدكتور هاني الشامي عن خلفيات وتفاصيل مشروع تطوير المنطقة الاقتصادية بجرجوب، مؤكدًا أن الفكرة انطلقت خلال المؤتمر الاقتصادي الدولي عام 2015، حيث تم توقيع العقد الرسمي للمشروع آنذاك، قبل أن يدخل حيز التنفيذ الفعلي في يناير 2017.

وأوضح الشامي، لـ”البورصجية”، أن تنفيذ المشروع تتولاه 16 شركة عالمية، ضمن تحالف تقوده شركة الغربلي للأعمال الهندسية المتكاملة، مشيرًا أنه سيضم مرافق متعددة تشمل حاويات تجارية عالمية، وميناءً للركاب لدعم الأنشطة السياحية، ومنطقة لوجستية وصناعية متكاملة.

وأكد أن المشروع يهدف إلى بناء 15 مدينة جديدة على غرار مدينة العلمين ومدينة رأس الحكمة، إلى جانب استصلاح 250 ألف فدان، لافتًا أنه الأقرب إلى السواحل الأوروبية، ما يجعله حلقة وصل استراتيجية بين قارتي أوروبا وأفريقيا. كما أنه يربط العاصمة بالساحل الشمالي الدولي؛ مما يعزز استقبال البضائع ويدعم حركة التجارة الدولية.

وأضاف الشامي، أن المشروع يتضمن أيضًا إنشاء خط أنابيب بترول من ليبيا إلى جرجوب، بهدف إعادة التصدير إلى أوروبا، فضلًا عن محطة حاويات لخدمة البضائع القادمة من شرق آسيا إلى الأمريكتين.

وأشار، أنه في يونيو 2024 تم إنشاء مصنع جديد لإنتاج الوقود الأخضر بطاقة إنتاجية تصل إلى مليوني طن سنويًا، إلى جانب مزرعة رياح ومحطة طاقة شمسية باستثمارات تقدر بـ 24 مليار يورو، فيما بدأ في مارس 2024 تنفيذ خط “سملا–جرجوب” لربط الميناء بالداخل.

واختتم الشامي حديثه قائلًا: “هذا المشروع يجسد الاستفادة القصوى من الموقع الجغرافي الفريد لمصر، ويشكل ركيزة لتحقيق نهضة اقتصادية وعمرانية شاملة”.

الدكتور محمد يونس، عميد كلية التجارة بجامعة الأزهر سابقًا، استعرض أبرز المشروعات التي تتضمنها المنطقة الاقتصادية بجرجوب، مؤكدًا أن المشروع يضم مصنعًا لإعادة تجميع السيارات المستعملة الواردة من كوريا واليابان، تمهيدًا لإعادة تصديرها إلى الدول الأفريقية، موضحًا أنه يشمل أيضًا إنشاء خط أنابيب بترول يمتد من الأراضي الليبية إلى ميناء جرجوب، لإعادة التصدير إلى الدول الأوروبية، إضافة إلى إنشاء قاعدة لوجستية كبرى لتوفير خطوط الشحن لصالح مصر.

وقال يونس لـ”البورصجية”: إن المشروع يتضمن أيضًا إنشاء مصنع نسيج، ومصنع لتعبئة المنتجات الزراعية، فضلًا عن إقامة مدارس وملاعب ومراكز استشفاء على مساحة 54 كيلومترًا مربعًا، بما يحقق تنمية متكاملة للمجتمع المحيط.

وأشاد يونس بالمشروع، معتبرًا أنه إضافة نوعية لموانئ مصر الخمسة المطلة على البحر المتوسط، وداعمًا رئيسيًا لمكانة البلاد كمركز لوجستي وتجاري إقليمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *