فن وثقافة

“التريند فوق الحقيقة”.. كيف استُغلّت أزمة مها الصغير؟

في عصر تحكمه التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى قوة ضاربة في صناعة الرأي العام، لتحلّ محل الصحافة التقليدية في بعض الأحيان.

وبات التريند هدفًا في حد ذاته لدى الكثيرين، حتى لو كان ذلك على حساب الحقيقة.

خير مثال على ذلك ما حدث مؤخرًا مع الإعلامية مها الصغير، التي تحولت قصتها إلى عاصفة كبيرة، بعدما استغلّتها بعض المنصات بحثًا عن مشاهدات وشهرة لحظية.

البداية: فقرة فنية تحولت إلى جدل واسع

بدأت الأزمة بظهور مها الصغير في برنامج “معكم” مع منى الشاذلي، حين تحدثت عن شغفها بالرسم وعرضت بعض لوحاتها. لاحظ بعض المتابعين أن بعض هذه اللوحات مستوحاة من أعمال فنانين عالميين، ما أثار موجة جدل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وسرعان ما أطلق البعض تحليلات شخصية حول مها الصغير، معتبرين أن ما حدث يعكس أزمات تمر بها بعد انفصالها عن الفنان أحمد السقا.

ولم تسلم أسرتها من سيل الشائعات، إذ طالت الادعاءات والدها ووالدتها، دون أي سند حقيقي.

اعتذار واضح وتشويه متعمد

خرجت مها الصغير باعتذار سريعًا ، مؤكدة ، علي احترامها لجميع الفنانين وحقوقهم الفكرية.

كما تقدّمت الإعلامية منى الشاذلي باعتذار مهني، موضحة أن ما حدث كان خطأ غير مقصود، وأكدت احترامها التام لمبدأ حقوق الملكية الفكرية.

لكن، رغم هذه الاعتذارات الرسمية، كانت الصورة الذهنية التي ترسخت في أذهان الجمهور قد تضررت بالفعل، بفعل موجة الشائعات الضخمة.

واسچتمرت بعض مواقع التواصل الاجتماعي في نشر روايات مضخمة ومشوهة، ركزت على إثارة الجدل وجذب التفاعل، دون أي مراعاة للدقة أو احترام الحقيقة، بحثًا عن التريند والشهرة.

خطأ حقيقي وهوس جماعي

ورغم اعتراف الجميع بأن مها الصغير وقعت في خطأ كبير بتجاهل حقوق الملكية الفكرية، إلا أن استغلال هذا الخطأ كشف هوس المجتمع المصري بالتريند، حتى في أكثر القضايا حساسية، مثل أخبار الحوادث و الحرائق التي حدثت مؤخرًا، ففي حادث سنترال رمسيس الذي أثر كثيرا علي الانترنت و الاتصالات و منصات الدفع الالكتروني بمصر، أطلق الكثيرين تحليلات أبعد ما تكون عن الحقيقة، دون انتظار نتائج التحقيقات الرسمية .

وينطبق الأمر ذاته على تغطية أخبار جنازات الفنانين، التي تشهد في العادة تجاوزات كبيرة، نتيجة عدم احترام مشاعر الأشخاص وحقهم في الحزن والبكاء على أحبائهم. فالمجتمع هنا يبحث عن تريند “بكاء وانهيار فنان”، في مشهد يفتقر إلى الإنسانية.

على العكس، تماما نجد في مجتمعات أخرى مثل مدينة ليفربول، التي شهدت وفاة لاعب كرة القدم الشهير جوتا، أن جنازته أقيمت في أجواء هادئة، ساعدت على احترام مشاعر أسرته، دون أي محاولات لاستغلال الموقف لصناعة مشاهد أو إثارة جدل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *