
تواجه مصر في السنوات الأخيرة تحديات متزايدة في تلبية احتياجاتها المتنامية من الغاز الطبيعي، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على قطاعات الطاقة والصناعة وعلى حياة المواطنين. ورغم أن مصر كانت قد حققت الاكتفاء الذاتي من الغاز في فترات سابقة، فإن التغيرات في الطلب وزيادة الاستهلاك المحلي أعادت ملف استيراد الغاز إلى الواجهة.
في هذا السياق، أوضح المهندس أسامة كمال، وزير البترول الأسبق، أن حجم إنتاج مصر الحالي من الغاز الطبيعي يصل إلى نحو 4 مليارات متر مكعب شهرياً. في المقابل، تبلغ احتياجات السوق المحلية نحو 6.2 مليارات متر مكعب شهرياً، مما يخلق فجوة تقدر بنحو 2.2 مليار متر مكعب يتم سدّها من خلال الاستيراد.
وأضاف كمال في تصريح خاص لـ البورصجية ، أن العودة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي ليست حلماً بعيد المنال، لكنه مرتبط بانتظام الدولة في سداد مستحقات الشركات الأجنبية العاملة في قطاع البحث والتنقيب عن الغاز. إذ أن هذه الشركات، التي تقوم بالاستثمار في تطوير الحقول والاستكشافات الجديدة، بحاجة إلى بيئة استثمارية مستقرة وضمانات مالية واضحة كي تواصل ضخ الاستثمارات الضرورية.
وشهدت الأسابيع الماضية توقفاً مؤقتاً في عدد من مصانع الأسمدة والبتروكيماويات نتيجة انقطاعات في إمدادات الغاز الطبيعي، بسبب تراجع الإنتاج المحلي.
وقد أدى ذلك إلى توقف العمليات التشغيلية في بعض المصانع لعدة أيام، ما تسبب في خسائر مباشرة لهذه القطاعات الحيوية وأثر على سلاسل التوريد المحلية والتصدير.
وأشار كمال إلى أن التأخر في السداد يضعف من قدرة هذه الشركات على تنفيذ خططها الاستثمارية، مما ينعكس سلباً على معدلات الإنتاج المحلي. في المقابل، فإن الانتظام في سداد المستحقات يشجّع الشركات على تسريع وتيرة أعمال الحفر والتطوير، وبالتالي رفع معدلات الإنتاج وتقليل الاعتماد على الواردات.
الجدير بالذكر أن مصر تمتلك إمكانيات واعدة في قطاع الغاز، خاصة بعد اكتشافات ضخمة مثل حقل “ظهر”، الذي ساهم بشكل كبير في رفع إنتاج البلاد خلال السنوات الماضية. إلا أن زيادة الطلب المحلي، خصوصاً من قطاعات الكهرباء والصناعة والبتروكيماويات، تتطلب استمرار الاستثمارات في البحث والاستكشاف.