في استجابة فورية لما تم تداوله حول وجود كميات من البنزين المغشوش بالأسواق المصرية، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي توجيهًا عاجلًا للحكومة بضرورة التحقيق الفوري في الواقعة، ومحاسبة المسؤولين عن تداول مواد بترولية غير مطابقة للمواصفات القياسية، لما تشكله من خطر على سلامة المواطنين وأمان المركبات، فضلًا عن الإضرار بالاقتصاد الوطني.
وشدد التوجيه الرئاسي على أهمية تكثيف الرقابة على محطات الوقود وسلاسل النقل والتوزيع، وضمان الالتزام الكامل بمعايير الجودة، مع اتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة تجاه أي جهة أو شخص يثبت تورطه في الغش أو التلاعب بمواصفات البنزين.
وفي سياق متصل، قال مدحت يوسف، الخبير البترولي ونائب رئيس هيئة البترول الأسبق، إن معامل التكرير في مصر لا يمكن أن تكون مصدرًا لغش البنزين أو إنتاج وقود غير مطابق للمواصفات، مؤكدًا أن معامل التكرير المحلية تعمل وفق أعلى المعايير العالمية، وتحديدًا وفق مواصفات “يورو 5” المعتمدة عالميًا.
وأوضح يوسف في تصريح خاص لـ البورصجية ، أن “قدرات معامل التكرير المصرية متميزة وتضم وحدات إنتاج للبنزين عالي الأوكتان، ويشرف على عمليات الخلط والتجهيز نخبة من الكوادر الفنية ذات الخبرة الواسعة إقليميًا ودوليًا، إضافة إلى المعامل الكيميائية الحديثة المزودة بأجهزة قياس دقيقة وحديثة”.
وأشار إلى أن الغش غالبًا لا يحدث في مراحل الإنتاج داخل المعامل، بل في مراحل لاحقة يسعى فيها البعض لتحقيق مكاسب مادية غير مشروعة، عبر خلط البنزين الأقل سعرًا (مثل بنزين 80) بأنواع أخرى أغلى سعرًا، أو باستخدام مواد أخرى رخيصة الثمن، وهو ما يؤثر على كفاءة البنزين وجودته.
وأكد يوسف أن هناك عوامل أخرى قد تؤدي إلى مشكلات في أداء البنزين مثل الإهمال في صيانة المستودعات الأرضية بمحطات التموين، مما يؤدي إلى تراكم المياه والصدأ داخل الخزانات، وهو ما يسبب أعطالًا جسيمة للسيارات.
كما حذر من ممارسات بعض سائقي شاحنات نقل البنزين، الذين قد يتلاعبون بالكميات أثناء نقلها من مستودعات شركات التسويق إلى المحطات، عبر خلط البنزين بالمياه وسرقة الكميات المقابلة.
وشدد الخبير البترولي على أن تعدد الجهات المتعاملة مع البنزين في مراحل التداول يُصعّب أحيانًا تحديد المسؤول المباشر عن الغش أو التلاعب، وهو ما يتطلب تشديد الرقابة والتنسيق بين الجهات المعنية لضمان سلامة المنتج النهائي.
وتأتي هذه التطورات في وقت تتابع فيه الأجهزة الرقابية والأمنية عمليات فحص وتحليل عينات البنزين المتداولة في السوق، وسط مطالبات نيابية وشعبية بالكشف عن الجهات المتورطة في هذه الواقعة ومحاسبتها بكل حزم.
