
بفضل 5 عوامل أهمها خفض الفائدة وتسعير الاسهم..
تعيش الأسواق العالمية حالة واضحة من التوتر هذه الأيام فى مشهد ضبابي بدأ بالرسوم الجمركية ووصل الى ذروته في يوم سمي بيوم التحرير في الثاني من أبريل 2025 حيث هبط مؤشر S&P 500 أكتر من 10% في يومين وهو أسوأ أداء منذ الحرب العالمية الثانية.
واستعرض خبراء سوق المال في حديثهم لـ ” البورصجية ” تأثير موجة الهبوط العنيفة التي تشهدها الأسواق العالمية على البورصة المصرية.
قال محمد سعيد خبير سوق المال أنه لم تكد الأسواق أن تستفيد من تأجيل ترامب للرسوم الجمركية بشكل مفاجئ، والذى كان يعد خبرًا جيدًا للأسواق، ولكن الرئيس ترامب فاجأنا بالتصادم مع رئيس الفيدرالي الأمريكي جيروم باول حيث أثارت تصريحات الرئيس ترامب حيث وصف باول الرسوم الأمريكية بأنها تزيد مخاطر التضخم وتعطل النمو.
ورأى أن كل هذه العوامل تجعل المستثمرين في الأسواق العالمية في حالة قلق ويتجهون للملاذات الآمنة مثل الذهب الذي يشهد حاليًا ارتفاعات حادة، حيث صعد بأكثر من 30% منذ بداية العام ووصل لمستويات قياسية تاريخية غير مسبوقة عند 3500 دولار، مؤكدا أن ذلك الارتفاع على اثر تزايد مخاوف المستثمرين من النزاعات التجارية وتدخلات السياسة الأميركية في السياسة النقدية.
وأضاف أن المثير للانتباه أن البورصة المصرية تظهر قوة وتماسك غير متوقع، مشيرًا إلى أن التماسك يعكس خصوصية السوق المصري و مرونته وقدرته على التكيف مع المتغيرات العالمية.
وأرجع تماسك السوق المصري لعوامل كثيرة، أولها هو تسعير أسهم السوق المصري التي ما زالت تتداول عند مستويات تقييم أقل بكثيرًاعن قيمتها العادلة وعند مضاعفات ربحية متدنية مما يجعلها أقل استجابة إلى الضغوط البيعية، وذلك يبدو جليًا من استمرار تلقي الشركات المصرية على عروض استحواذ أعلى بكثير من مستوياتها السوقية بل وقرارات الشطب الاختياري التي تتم بأسعار أعلى بكثير من سعر التداول وذلك كما حدث مع شطب سهم حديد عز.
وتابع أن الهيكلية في السوق المصري تشير الى مشاركة كبرى من المؤسسات المحلية والخليجية والتي أصبحت شريكًا في عدد لابأس به من الشركات المتداولة في السوق وهو عامل يشكل حماية لأسعار الأسهم من الانخفاض تحت مستويات معينة بالنسبة للأسعار التي استحوذت بها هذه المؤسسات على حصصها في السوق دون التأثر بتقلبات حادة في أسعار الأسهم تنتج عن تداولات الأفراد.
وكذلك زيادة تواجد المؤسسات الذين يهتموا بالاستثمار طويل الأجل وليس فقط المضاربة يعد عامل مهم في استقرار السوق وتماسكه حتى وسط الأزمات الاقتصادية العالمية.
ومن العوامل الأخرى أشار إلى أن انخفاض قيمة العملة المصرية ولو كان هامشيًا مقابل العملات الأجنبية ينعكس بشكل إيجابي على أسعار الأسهم المقيمة بالجنيه المصري.
أما العامل الأهم فرأى أن قرار البنك المركزي المصري بخفض الفائدة بنسبة 2.25% وهو بلا شك عامل إيجابي قوي جدًا، خاصًة أنه أول خفض كبير لأسعار الفائدة في السوق المصري منذ 5 سنوات وتحديدا منذ 2020 وسط ظروف الجائحة وهو ما يعكس تحول في سياسة البنك المركزي المصري بغض النظر عن قيمة الخفض منتهزًا فرصة انخفاض في معدلات التضخم في شهر فبراير.
ورأى أن خفض الفائدة ينعكس بشكل مباشر على البورصة في العديد من الإتجاهات ،فالشركات تتمتع بانخفاض تكلفة الاقتراض وبالتالي ارتفاع قدرتها على الاستثمار والتوسعات بتكلفة أقل وبالتالي تحسن في ربحية الشركات ما ينعكس على أسعار أسهمها.
ومن ناحية أخرى، أشار إلى أن انخفاض العوائد على الأدوات ذات الدخل الثابت مثل شهادات الإيداع والسندات يدفع المستثمرين للبحث عن بدائل استثمارية والتي يأتي في مقدمتها بالطبع سوق الأسهم ، فضلًا عن أن تكلفة تمويل شراء الأسهم تنخفض بشكل يعزز السيولة في السوق وييسر عملية الشراء بالهامش، وهو ما ينعكس أيضًا على المزيد من القوة الشرائية في الأسهم وارتفاع السوق.
ورأى أن تماسك السوق المصري في ظل هذه العواصف العالمية يعكس مرونة وقوة السوق ولكن استمرار صموده مع استمرار تقلبات الأسواق العالمية مرهون باستمرار احتواء معدلات التضخم والعمل على استقطاب استثمارات محلية وأجنبية مؤسسة مستدامة.
وأوضح أحمد مرتضى خبير سوق المال أنه رغم موجة الهبوط العنيفة التي تشهدها الأسواق العالمية مؤخرًا نتيجة المخاوف من دخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود، وصعود أسعار الذهب كملاذ آمن، إلا أن البورصة المصرية تبدو في وضع مغاير وقد تكون إحدى المستفيدين من هذه المتغيرات، حيث إنه فى الوقت الذي تتجه فيه الأسواق الخارجية نحو الحذر والانسحاب من المخاطرة جاءت قرارات لجنة السياسة النقدية في مصر بخفض أسعار الفائدة بإجمالى 2.25% كخطوة داعمة لتحفيز الاستثمار.
ورأى أن من القطاعات الواعدة التي ستتأثر بتلك القرار الصناعة والعقارات، التي تُعد الأكثر حساسية تجاه تغيّرات الفائدة.
وأشار إلى أنه من بين القطاعات التي من المتوقع أن تستفيد بشكل مباشر من هذا التوجه، يبرز قطاع المنسوجات، الذي يعتمد على التمويل لتغطية تكاليف التشغيل والتوسع ولدية بالفعل أسواق خارجية ويأتي ذلك في وقت تسعى فيه الدولة لزيادة صادرات هذا القطاع، خاصة مع تنافسية أسعار المنتجات المصرية بعد تحركات سعر الصرف، ما يعزز من فرص القطاع في السوقين المحلي والعالميه ومع البنية التحتية القوية التي بنتها الدولة خلال السنوات الماضية، والفرص الاستثمارية المتاحة في قطاعات النقل والطاقة والمناطق الصناعية.
وأضاف أن مصر تمتلك عناصر جذب حقيقية للمستثمرين الباحثين عن بدائل آمنة ومربحة بعيدا عن أسواق متقلبة بين الحواجز الجمركية ومن هنا رأى أنه قد تستفيد البورصة المصرية من التحولات الجارية عالميًا ليس فقط من خلال تدفقات استثمارية محتملة، بل أيضا من خلال إعادة التقييم الإيجابي لأصول الشركات المصرية المقيدة، خاصة في ظل تعافي تدريجي في سعر الصرف.
وتابع أن العديد من الشركات تتداول عند مضاعفات ربحية جاذبة ، وحرص الدولة على الاستمرار في تنفيذ خطط الطروحات الحكومية، والتي تعد عامل جذب إضافي للمستثمرين.
ورأى أنه حتى الآن لم تظهر مؤشرات قوية على تأثر البورصة المصرية سلبًا بهبوط الأسواق الخارجية، ما يعكس قدراً من الصمود، وربما بداية لصعود تدريجي مدعوم بعوامل داخلية مستقرة وتوجهات عالمية قد تصب في صالح الأسواق الناشئة.