
من المقرر أن تنعقد لجنة تسعير المواد البترولية في أبريل المقبل لتحديد مصير أسعار البنزين في مصر، في وقت تتباين فيه التوقعات بشأن استئناف خطة زيادة الأسعار التتدريجية، بعد تثبيتها لمدة 6 أشهر منذ آخر زيادة في أكتوبر 2024.
وتوقعت مصادر مطلعة، أن تكون الزيادة الأولى في أبريل المقبل، تليها 3 زيادات أخرى على مدار العام، إذ تهدف هذه السياسة إلى تجنُّب أيّ صدمة اقتصادية مفاجئة، والسماح للأسواق بالتكيف مع الأسعار الجديدة تدريجيًا، وفقا لمنصة “الطاقة”.
وفقًا لقرارات لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية، فإن أسعار الوقود في مصر حاليًا على النحو التالي:
- بنزين 80: 13.75 جنيهًا للّتر
- بنزين 92: 15.25 جنيهًا للّتر
- بنزين 95: 17 جنيهًا للّتر
- السولار (الديزل): 13.5 جنيهًا للّتر
- المازوت الصناعي: 9500 جنيهًا للطن
- غاز السيارات: 7 جنيهات لكل متر مكعب
وفي مؤتمره الصحفي الماضي، قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إن الحكومة مستمرة في تنفيذ خطتها التدريجية لرفع الدعم عن الوقود بحلول نهاية 2025، مع الإبقاء على بعض أشكال الدعم، مثل “الدعم البيني” بين المنتجات البترولية، لضمان تحقيق التوازن في الأسعار، مشددا على أن السولار وأنبوبة البوتاجاز ستظل مدعومة، مراعاة للفئات الأكثر احتياجًا.
وتضخ الحكومة في السوق يوميًا نحو 40 مليون لتر سولار، بفاتورة دعم تصل إلى 500 مليون جنيه يوميًا بواقع 10 إلى 15 جنيهًا للتر، ونحو 1.2 مليون أنبوبة بوتاجاز ما يعني دعم بقيمة 250 مليون جنيه يوميًا للبوتجاز، ليصل إجمالي دعم البوتاجاز والسولار يوميا نحو 750 مليون جنيه، بحسب تقديرات وزير البترول الأسبق، أسامة كمال.
وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم مجلس الوزراء السفير محمد الحمصاني، إن “عملية رفع الدعم ستتم تدريجيًا وبصورة متوازنة، مع استمرار دعم بعض المواد البترولية، بحيث يتم تغطية تكلفة بعض المنتجات البترولية من خلال تسعير منتجات أخرى، للحفاظ على مستوى أسعار السولار عند حد متوازن، نظرا لتأثيره المباشر على العديد من الخدمات”.
وأكد الحمصاني أن الحكومة “مستمرة في دعم السولار والبوتاجاز حتى بعد انتهاء العام المالي، لأنهما يؤثران بصورة مباشرة على أسعار السلع، خاصة تلك التي تهم محدودي الدخل”.
تعليقا على ذلك، قال رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب الدكتور فخري الفقي، إن “رفع الدعم عن المواد البترولية سيكون له تأثير على معدلات التضخم، لكنه سيكون تأثيرا مؤقتًا، نظرًا لأن القرار يتم تطبيقه بشكل تدريجي وانتقائي”.
وأضاف الفقي، في تصريحات صحفية أن “الهدف الأساسي من هذه الخطوة هو تقليص عجز الموازنة وإعادة توجيه الدعم إلى القطاعات الأكثر احتياجًا، مثل الصحة والتعليم وبرامج الحماية الاجتماعية”.
وتابع أن “دعم المواد البترولية في الموازنة العامة يصل إلى نحو 155 مليار جنيه، يذهب 60% منها إلى دعم السولار وحده، ما يستوجب إعادة هيكلة الدعم لضمان وصوله إلى الفئات المستحقة”، وأشار إلى أن “استمرار الدعم على السولار والبوتاجاز لن يكون بنفس الآلية السابقة، حيث سيتم تغطيته من خلال تحريك أسعار المنتجات الأخرى، بما يحقق التوازن في السوق”.
وشدد على أن “معدلات التضخم بدأت في الانخفاض بشكل ملحوظ، حيث تراجع معدل التضخم السنوي إلى 12.8% في فبراير 2025، مقارنة بـ23.2% في يناير من نفس العام”، مؤكدًا أن “استقرار سعر الصرف وتحسن تدفقات النقد الأجنبي كانا من العوامل الرئيسية وراء هذا التراجع”.
أما الخبير الاقتصادي مصطفى إبراهيم، فقال إن “رفع الدعم عن المواد البترولية بالكامل قد تكون له تداعيات معقدة في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية”، مشيرا إلى أن “الحكومة قد تبقي على جزء من الدعم للسولار، نظرًا لارتباطه بقطاعات حيوية مثل النقل والزراعة، بالإضافة إلى استمرار دعم غاز المنازل والمصانع”.
وأضاف أن “الزيادات المتوقعة في أسعار الوقود، خصوصا البنزين تأتي ضمن جهود تقليص عجز الموازنة والتزام مصر بشروط صندوق النقد الدولي”، وأشار إلى أن “هناك مراجعة جديدة من الصندوق في يونيو/ حزيران”، متوقعا أن “يكون لها تأثير مباشر على قرارات تسعير الوقود”.
وأوضح أن “التحول إلى الدعم النقدي يجب أن يكون متناسبا مع معدلات التضخم”، مشيراً أن “ثبات قيمة الدعم رغم ارتفاع الأسعار قد يؤدي إلى تآكل قيمته الحقيقية”.
وفيما يرى خبراء اقتصاديون أن تنفيذ سياسة إنهاء دعم الوقود في مصر سيؤثّر مباشرةً في أسعار النقل والسلع الاستهلاكية، ما قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم، فإن هناك ثلاثة سيناريوهات لرفع الدعم عن المواد البترولية، وضعها بنك “الاستثمار الأهلي فاروس”.
السيناريو الأول، توقع فيه عدم حدوث تقلبات مفاجئة كبيرة في سعر الدولار؛ مع استقراره قرب 50 جنيهًا، وعدم وجود تغييرات كبيرة في أسعار السولار، مع احتمالية حدوث زيادات في أسعار الأوكتانن أي أن الإجراءات المالية التي قد يكون لها تأثير تضخمي كبير سيتم تعليقها مؤقتًا.
وفي هذه الحالة، توقع البنك أن يسجل معدل التضخم متوسط 20.8% خلال السنة المالية 2024/2025، ومتوسط 14.6% خلال العام الميلادي 2025، ما يفتح مجال كبير لخفض أسعار الفائدة بإجمالي يتراوح بين 800 و900 نقطة أساس.
وفي السيناريو الثاني توقع أن يصر صندوق النقد الدولي على التزام الحكومة المصرية بالجدول الزمني الأصلي للإصلاحات، فوفقًا للاتفاق الحالي مع الصندوق، تعهدت الحكومة برفع دعم الوقود وإعادة أسعار الوقود إلى مستوى استرداد التكلفة بحلول ديسمبر 2025.
في هذه الحالة، توقع أن يسجل معدل التضخم متوسط 23.7% خلال السنة المالية 2024/2025، ومتوسط 24% خلال عام 2025، مما يعني أن بعض الأشهر قد تشهد معدلات تقترب من 30% أو تتجاوزها. بناءً على ذلك، نعتقد أن البنك المركزي المصري قد يُبقي أي خطط لخفض أسعار الفائدة معلقة طوال العام.
لكن السيناريو الأساسي له افترض أن الحكومة ستواصل تنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي، ولكن بوتيرة أبطأ، فلأسباب اجتماعية، ستسعى الحكومة إلى تنسيق مع الصندوق يسمح لها بتنفيذ بعض إجراءات التوحيد المالي المطلوبة، ولكن وفق جدول زمني معدل.
وقد يؤدي ذلك إلى تسجيل معدل تضخم بمتوسط 21.8% خلال السنة المالية 2024/2025، وبمتوسط 18% خلال عام 2025، وهو مستوى أعلى بشكل ملحوظ من السيناريو المستقر، لكنه أقل حدة من نهج التوحيد المالي الصارم، وفقا للبنك.