
لم يكن أحد يتخيل أن حلم الثراء السريع سيتحول إلى كابوس مالي يطارد مئات المواطنين، بعدما وقعت أموالهم في قبضة واحدة من أخطر شبكات الاحتيال الإلكتروني.
خلال أيام قليلة، تمكنت منصة “FBC” من جمع ملايين الجنيهات من ضحايا يبحثون عن استثمار مربح، قبل أن تختفي فجأة دون أثر، تاركة خلفها صدمة واسعة واستغاثات لا تنتهي.
لكن لم يدم اختفاء المحتالين طويلًا، حيث نجحت أجهزة وزارة الداخلية في فك شفرة هذه الجريمة، وكشفت عن شبكة دولية منظمة كانت تدير عملية الاحتيال من داخل البلاد.
ومع سقوط 13 متهمًا بحوزتهم أموال طائلة ومعدات تقنية متطورة، بدأت تتكشف التفاصيل الصادمة وراء واحدة من أكبر عمليات النصب الإلكتروني التي شهدتها مصر مؤخرًا.
101 ضحية و2 مليون جنيه مستولى عليها
تلقت الجهات الأمنية بلاغات من 101 مواطن خلال الفترة من 22 فبراير الجاري وحتى الآن، أكدوا تعرضهم للاحتيال المالي بعد أن دفعوا أموالهم إلى منصة “FBC”، التي أوهمتهم بتحقيق أرباح مالية ضخمة مقابل استثمار أموالهم. وقد بلغ إجمالي المبالغ التي تم الإبلاغ عنها حتى الآن قرابة 2 مليون جنيه، فيما تشير التقديرات إلى أن العدد الحقيقي للضحايا قد يكون أكبر من ذلك بكثير.
عصابة دولية تقود الاحتيال من داخل مصر
من خلال التحريات الأمنية، تم الكشف عن أن المنصة يديرها تشكيل عصابي مكون من ثلاثة أفراد يحملون جنسيات أجنبية، يقيمون داخل البلاد، ويرتبطون بشبكة إجرامية دولية متخصصة في الاحتيال الإلكتروني والاستيلاء على أموال المواطنين عبر منصات استثمار مزيفة.
وقد استعان المتهمون بـ11 شخصًا آخرين لمساعدتهم في تأسيس شركة بالقاهرة تعمل كواجهة لأنشطتهم الإجرامية، حيث كانوا مسؤولين عن الترويج للمنصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيق “واتساب” مقابل عمولات مالية، بالإضافة إلى توفير خطوط هواتف محمولة تم تسجيلها ببيانات وهمية لإنشاء محافظ إلكترونية تُستخدم في تلقي وتحويل الأموال المسروقة.
وبعد أن تمكنوا من جمع مبالغ ضخمة، قام الجناة بإغلاق المنصة وإغلاق مقر الشركة، في محاولة للفرار دون ترك أي أثر.
القبض على 13 متهمًا وضبط مبالغ مالية ضخمة
بعد استكمال التحريات، نجحت الأجهزة الأمنية في ضبط 13 متهمًا من أعضاء الشبكة، وعثرت بحوزتهم على:
_عدد من الهواتف المحمولة المستخدمة في التواصل مع الضحايا.
_1135 شريحة هاتف محمول، تم استخدامها لإنشاء المحافظ الإلكترونية الوهمية.
_جهاز لاب توب يحتوي على بيانات حول عمليات الاحتيال.
_مبالغ مالية بعملات مختلفة، بلغت قيمتها الإجمالية مليون و270 ألف جنيه.
وخلال التحقيقات، اعترف المتهمون بارتكابهم الواقعة وفق الأسلوب الإجرامي المشار إليه، وأكدوا أنهم كانوا جزءًا من شبكة أكبر تعمل على الاحتيال الإلكتروني وجمع الأموال من المواطنين عبر الإنترنت.
تحذير رسمي من وزارة الداخلية
في أعقاب هذه الواقعة، حذرت وزارة الداخلية المواطنين من التعامل مع التطبيقات والمنصات الإلكترونية المجهولة المصدر، التي تدّعي تحقيق أرباح مالية كبيرة وسريعة، مؤكدة أن هذه الأساليب غالبًا ما تكون حيلًا للاحتيال الإلكتروني تؤدي إلى خسارة الأموال دون أي إمكانية لاسترجاعها.
كما دعت الوزارة جميع المواطنين إلى التأكد من شرعية أي جهة استثمارية قبل التعامل معها، والرجوع إلى الجهات الرسمية المختصة للتحقق من أي كيان يدّعي تقديم خدمات مالية.
ولا تزال الأجهزة الأمنية تواصل التحقيقات لكشف مزيد من التفاصيل حول الشبكة الدولية المرتبطة بهذه الجريمة، وتتبع باقي الأموال المسروقة في محاولة لاسترداد حقوق الضحايا.