إلى جانب دور الشركات المصرية فى إعادة الإعمار..
على مدار أيام الحرب نزف الاقتصاد المصري مليارات عديدة، فمنذ نوفمبر 2023، بدأت جماعة “أنصار الله” اليمنية، استهداف سفن حربية وتجارية في البحر الأحمر، لا سيّما المارة عبر مضيق باب المندب الذي يلبّي 15% من التجارة العالمية المنقولة بحرا.
وقد أثر ذلك بشكل أساسي، في قناة السويس، حيث تجنبت السفن هذا المسار، ولجأت إلى رحلة أطول حول أفريقيا للوصول إلى وجهاتها. فقد انخفض عدد السفن التي تمر عبر القناة إلى 20148 سفينة في العام المالي 2023-2024 مقابل 25911 سفينة في العام 2022-2023.
وتراجعت الإيرادات التي حققتها القناة خلال العام 2024 بنسبة تجاوزت 60% على أساس سنوي، وفق ما قاله المتحدث باسم رئاسة الجمهورية في بيان، في نهاية ديسمبر الماضي، ما يعني أن مصر خسرت ما يقرب من سبعة مليارات دولار من إيرادات القناة خلال العام الجاري عند مقارنتها بنظيرتها في العام 2023.
ودعا الرئيس عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء الماضي، خلال استقباله الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية أرسينيو دومينغي، إلى تهدئة الأوضاع في منطقة مضيق باب المندب، خصوصاً مع النجاح في التوصل إلى اتفاق لوقف النار في قطاع غزة.
عودة الملاحة
ومع سريان الهدنة في غزة، تتجه الأنظار إلى انتعاش الملاحة في البحر الأحمر، على افتراض أن الجماعة اليمنية ستوقف هجماتها، مما سيخفف من كلفة الشحن، خصوصاً أن السفن التي كانت تعتمد هذا المسار قبل الأزمة، لم تعد مضطرة لقطع آلاف الأميال الإضافية للالتفاف حول القرن الأفريقي.
وتوقعت شركة الأبحاث البريطانية “كابيتال إيكونوميكس” أن تبدأ التداعيات الاقتصادية التي أثرت على مصر ودول الشرق الأوسط بصفة عامة في التلاشي حال إتمام اتفاق وقف إطلاق النار
ويتوقّع جو يرق، رئيس قسم الأسواق العالمية في “سيدرا ماركتس” (Cedra Markets)، أن تؤدي الهدنة إلى عودة النشاط إلى مسار البحر الأحمر الحيوي، ما من شأنه أن يدعم حتماً إيرادات قناة السويس، وبالتالي الاقتصاد المصري.
من جهته، قال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي أن وقف الحرب يعمل على تحسين حركة التجارة عبر قناة السويس مرة أخرى كأحد أهم الممرات البحرية في العالم، وهذا يسهم في زيادة إيرادات قناة السويس كما كانت عليها قبل الحرب والتي كان متوقعا لها أن تتخطى إيراداتها 10 مليارات دولار
كما أوضح أن انتهاء الحرب في غزة يعني عودة حركة الملاحة في قناة السويس إلى معدلاتها الطبيعية وهذا يسهم في تقليل تكلفة الشحن والنقل وتقليل رسوم شركات التأمين على السفن المارة التي كانت قد رفعتها نتيجة التوترات وبالتالي تقليل سعر السلع عالميا ما ينعكس بالإيجاب على تراجع معدلات التضخم في مصر ودول الشرق الأوسط .
إعادة الإعمار
ويتضمن اتفاق الهدنة 3 مراحل، ستشهد المرحلة الأخيرة منها “عملية إعادة إعمار قطاع غزة لمدة 3 إلى 5 سنوات، بما يشمل البيوت والمنشآت المدنية والبنية التحتية، تحت إشراف عدد من الدول والمنظمات، بما في ذلك مصر وقطر والأمم المتحدة”.
ويُنظر إلى إعادة إعمار قطاع غزة، باعتباره أحد الملفات المهمة التي يتفيد الاقتصاد المصري، فقد أشار الخبير أشرف غراب إلى أن وقف إطلاق النار في غزة ثم عودة إعمارها يصب في صالح الشركات المصرية العاملة في قطاع المقاولات والإعمار والإنشاء والتي لديها خبرة كبيرة في إعادة الإعمار، إضاقة إلى زيادة تصدير مواد البناء لغزة ما ينشط الاقتصاد المصري.
وأوضح الدكتور رمزي الجرم، الخبير الاقتصادي والمصرفي، أن وقف إطلاق النار في غزة، سيسهم في تحفيز التجارة عبر معبر رفح، مما يفتح فرصًا جديدة للشركات المصرية، خاصة في قطاع إعادة الإعمار.
وقالت الخبيرة المصرفية سهر الدماطي إن انتهاء الحرب سيساعد في عودة الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر، وفي نمو قطاعات حيوية مثل السياحة، وزيادة الإنتاج الصناعي المحلي بعد تقليل التكاليف الإنتاجية التي تأثرت بارتفاع تكلفة النقل عبر البحر الأحمر.