قرار جديد لإنقاذ الإنتاج المحلى..
كانت مصر تستورد قبل 3 أعوام هواتف ذكية بما يتجاوز مليار ونصف مليار دولار سنويًا، مما دفع الحكومة إلى التفكير في توطين هذه الصناعة، لتقليل فاتورة الاستيراد، ولدعم قاطرة الصناعة.
وبالفعل أصبح في مصر عدد من الشركات الدولية لإنتاج الهواتف الذكية، تتمثل في شركات: “سامسونغ” و”شاومي” و”فيفو” و”إنيفينكس” و”نوكيا” و”مايكروماكس”، بطاقة إنتاجية مختلفة، وبمكون محلي يقارب 50 بالمئة.
ومع دوران عجلة الإنتاج، هبطت فاتورة الواردات في هذا البند إلى 338 مليون دولار في 2023 مقابل 1.6 مليار في 2021، وفقًا لبيانات رسمية، إلا أن هذه الشركات وجدت نفسها أمام تحدٍ كبيرٍ أضرّ بها، وهو التهريب. فقد بلغت قيمة الهواتف المحمولة “المهربة” نحو 60 مليار جنيه (حوالي 1.2 مليار دولار) خلال عام واحد، بمعدل 5 مليارات جنيه في الشهر، وفق ما كشفه شريف الكيلاني نائب وزير المالية للسياسات الضريبية. وهذا يكبّد الدولة نحو 100 مليون دولار شهريا، من التهرب من الجمارك والضرائب.
ووفقًا لوزارة الاتصالات، يصل إجمالي الطاقة الإنتاجية الحالية لتلك الشركات إلى 11.5 مليون وحدة، ويبلغ إجمالي الاستثمارات الحالية 87.5 مليون دولار، في حين يمثل إجمالي فرص العمل الراهنة 2050 فرصة عمل، وتزداد تلك الأرقام حالياً في ظل التوسعات الجديدة.
ورغم هذه الطاقة الإنتاجية الكبيرة، يبلغ الإنتاج المحلي الفعلي مليوني هاتف سنويًّا، وهذا راجع إلى وجود منافسة غير عادلة بسبب عمليات التهريب، حيث لا يدفع المهرب جمارك أو ضرائب أو الضريبة المضافة، وفقًا للمهندس محمد شمروخ الرئيس التنفيذي للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، الذي يؤكد أن 85 بالمئة من الهواتف التي بحوزة المصريين هي لشركات لها مصانع في مصر.
ونظرًا لخطورة هذا الأمر على توطين الصناعة، قررت الدولة إطلاق منظومة إلكترونية جديدة لتسجيل الهواتف المحمولة المستوردة. وبحسب الحكومة، يعزز القرار الجديد توطين صناعة المحمول، ويوفر المزيد من فرص العمل ومنع التهرب من الجمارك والضرائب، ويحمي السوق من الممارسات غير القانونية ويحافظ على حقوق الدولة وحماية المستهلكين من الأجهزة المقلدة.
وردًا على سؤال عن المنظومة الجديدة، قال رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي في المؤتمر الصحفي الأسبوعي للمجلس “عندنا خمس شركات دولية فتحت مصانع لإنتاج المحمول في مصر. هذه الشركات تشكو من التهريب. حجم الأجهزة التي تدخل (مُهربة) بأرقام كبيرة، هناك دول كثيرة جدا لجأت لنفس ما لجأنا إليه، حتى تضبط هذا السوق وفي نفس الوقت تشجع الصناعة المحلية”.
المهندس وليد رمضان، نائب رئيس شعبة الاتصالات والمحمول باتحاد الغرف التجارية، يحمّل الدولة مسؤولية تلك الأزمة التي بدأت عام 2021 بقرار تحويلها إلى سلعة ترفيهية.
وقال رمضان – خلال تصريحات تلفزيونية-: إن جميع أجهزة الموبايل حتى عام 2021 كانت تدخل السوق بشكل رسمي، وكان حجم السوق حينها 1.7 مليار دولار، لكنّ عندما أصدر البنك المركزي تعليمات بفتح اعتمادات مستندية لاستيراد أي منتج، وتم إدراج الموبايل ضمن جدول السلع الترفيهية، تراجع حجم السوق في عام 2022 بشكل غير طبيعي خلال الأشهر الأولى، وكان ذلك مؤشرًا لحدوث شيء ما خطأ.
وأردف: إن الغرفة التجارية أجرت دراسة أرسلتها إلى وزير المالية، ونبهت أن التليفون سلعة صغيرة وسعرها غالٍ، وليس سلعة ترفيهية أبدًا؛ بل سلعة أساسية يستخدم في التعليم والعمل عن بعد، والتحول النقدي كل هذه الأشياء أصبحت عن طريق الموبايل، لكن الوزير رفض استثناء الهواتف من قائمة السلع الترفيهية، وكانت النتيجة هي ما وصلنا إليه اليوم، حيث تحولت سوق الهواتف من الرسمية إلى غير الرسمية.
ويتراوح حجم مبيعات الهواتف المحمولة داخل مصر يتراوح سنويًا بين 18 إلى 20 مليون هاتف، بقيمة تتراوح بين 1.7 إلى 2 مليار دولار، وفقا لرمضان الذي أكد أن تطبيق “تليفوني” رغم كفاءته، ليس الحل الأنسب لمواجهة هذه الأزمة، بل الحل في إعادة تصنيف الهواتف المحمولة من سلع ترفيهية إلى سلع أساسية، مطالبا بضرورة ابتكار حلول أكثر فاعلية لمكافحة هذه الظاهرة، حيث أكد أنه يمكن تصميم برنامج “سوفت وير” قادر على إعادة فتح الهواتف المهربة على الشبكات المحلية.