ملفات وحوارات

“تحدّي الدولار” يواجه استفزاز المستوردين.. كيف تحل الحكومة المعادلة الصعبة؟

تكشف أحدث بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن صعود عجز الميزان التجاري في مصر خلال يوليو الماضي إلى 4.6 مليار دولار، بعدما كان قد سجل 2.870 مليار دولار في يونيو، أي بزيادة قدرها 60.3 بالمئة.

ووفقا للبيانات، ارتفعت قيمـة الصادرات بنسبـة 10.7 بالمئة، لتبلغ 3.54 مليار دولار خلال يوليـو، فيما ارتفعت قيمة الواردات بنسبـة 14.9 بالمئة، لتبلغ 8.14 مليار.

ومع أنّ جهود الدولة في خفض قيمة فاتورة الاستيراد وزيادة الاعتماد على المنتج المحلي باتت محل إشادة من الخبراء، إلا أنّ تلك الفاتورة لا تزال الشغل الشاغل لصانعي القرار، خشية تكرار الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد خلال السنتين الماضيتين.

وكان عجز الميزان التجاري للبلاد سجل انخفاضا كبيرا ليبلغ 36.9 مليار دولار في العام الماضي بالمقارنة مع 48.06 مليار دولار في 2022.

وقد سجلت قيمة الواردات من مختلف دول العالم 83.2 مليار دولار عام 2023 مقابل 96.2 مليار دولار عام 2022 بانخفاض بلغت قيمته 13 مليار دولار، وبنسبة انخفاض قدرها 13.5 بالمئة، وفقا لبيانات رسمية.

“إذا أردنا تجاوز تحدي الدولار، يجب علينا تصنيع نسبة كبيرة من المنتجات داخل مصر”. بهذه الكلمات الواضحة، صارح الرئيس عبد الفتاح السيسي الشعب، على هامش افتتاح محطة قطارات “صعيد مصر” بمنطقة بشتيل في الجيزة، السبت الماضي.

وكان الرئيس دقيقا في استخدام مصطلح “تحدي الدولار”، إذ لا تزال الدولة قريبة من دائرة الخطر التي رسمتها أزمة النقد الاجنبي، لا سيّما مع تصاعد التوترات الجيوسياسية في المنطقة، وتراجع إيرادات قناة السويس بنحو 60 بالمئة.

تراجع عدد السفن التي مرت عبر قناة السويس بنحو 22 بالمئة، على أساس سنوي، خلال العام المالي 2024/2023، بسبب التوترات في البحر الأحمر، حسبما أظهرت بيانات هيئة القناة. وقال الرئيس السيسي إن القناة خسرت نحو 6 مليارات من إيراداتها.

وخلال افتتاح محطة القطارات، عرض وزير النقل والصناعة، كامل الوزير، قائمة تحتوي على عدد من السلع التي وصفها بالاستفزازية، حيث قال إن الحكومة استوردت سلعا استفزازية بـ5.6 مليار دولار خلال الفترة ما بين 2014 و2023.

وضرب الوزير أمثلة على تلك السلع، من بينها “أثاث فاخر، وأوانٍ خزفية، وحلي، وورق فويل، وسجاد، وسيراميك وبورسلين، وشوكولاته”، ليعلق الرئيس على ذلك بأنها تتسبب في ارتفاع قيمة الدولار أمام الجنيه.

وفي تعقيبه على كلام الوزير، أشار الرئيس إلى أن التجار في مصر يفضلون الاستيراد من الخارج بدلاً من التصنيع المحلي، مشددا على أن الدولة يجب أن تعمل بجدية وصلابة لحل تلك الأزمة.

وقال الرئيس إن الدولة استوردت عطورا ومزيلات عرق بـ440 مليون دولار، ومستحضرات تجميل بنحو 500 مليون دولار، وحقائب يد بـ200 مليون دولار، وشوكولاته بنحو 400 مليون دولار، كما استوردت سيراميك بـ235 مليون دولار، وورق فويل بـ500 مليون دولار، وسيارات بنحو 25 مليار دولار، ثم قال “وبتلوموني إن الدولار بيرتفع”.

وأكد السيسي أن حل الأزمة في أيدي المصريين وذلك بالتصنيع المحلي، مشددا على ضرورة إنشاء مصانع وإنتاج المستلزمات التي يسهل تصنيعها بمصر، وأن هذا الأمر يعد فرصة عظيمة للاستثمار وخلق فرص العمل.

وعانت مصر خلال السنتين الماضيتين أزمة عملة صعبة كبيرة، ما أدى إلى انتعاش “السوق الموازية”، حيث وصل سعر الدولار خلال العام الماضي إلى نحو 70 جنيهاً، قبل أن تتدخل الدولة وتخفض قيمة الجنيه الذي فقد نحو 68 في المئة من قيمته في 4 تخفيضات متتالية، ليباع كل دولار أمريكي بنحو 49 بدلاً من 15 جنيها و60 قرشاً.

وكان البنك المركزي قد أعلن الأسبوع الماضي منع تدبير الدولار لاستيراد 13 سلعة وصفها بالترفيهية إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة منه.

في المقابل، تستهدف الحكومة زيادة متوسط قيمة الصادرات إلى 130 مليار دولار، خلال عام 2027/2026، واستمرار العمل على تحديث الأنشطة التصديرية المستهدفة ومراجعة الفجوة التصديرية بعد كل تغيير في سعر صرف الدولار.

وفي إطار برنامجها الذي يحمل شعار “معا نبني مستقبلا مستداما” ويستمر لمدة 3 سنوات خلال الفترة (2024-2027)، تسعى الحكومة إلى زيادة القدرة التنافسية للصادرات المصرية، وذلك عبر استمرار وضع برامج تمويلية بفوائد مخفضة لدعم المصانع لزيادة الاستثمارات الصناعية والإنتاجية، بما يحقق توافر السلع الموجهة للتصدير، والعمل علي توفير حزمة من الإعفاءات الضريبية وغير الضريبية التحفيزية للشركات التصديرية تُحدد كنسبة من زيادة الصادرات المحققة.

كما أعلن المهندس حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية ، أنّ الوزارة بصدد إعداد رؤية مستقبلية لسياسات الاستثمار والتجارة خلال الفترة من 2024 إلى 2030، تستهدف إعطاء أولوية مُطلقة للتصنيع لأغراض التصدير بصفة خاصة، وتعميق القيمة المضافة في الصادرات المصرية مع مراعاة المزايا النسبية والتنافسية للصناعات الوطنية.

وقد سجلت صادرات مصر السلعية خلال العام الماضي نحو 35.631 مليار دولار، بحسب ما أعلنته وزارة التجارة والصناعة.

وقال وزير التجارة والصناعة، أحمد سمير إن “الصادرات المصرية السلعية نجحت خلال عام 2023 في تحقيق معدلات نمو ملموسة تجاوزت مؤشرات عام 2022، وذلك رغم تتابع الأزمات الاقتصادية على الصعيدين الإقليمي والعالمي”.

أما المهندس أسامة الشاهد، عضو اتحاد الصناعات، فقد قال في تصريحات تلفزيونية إن “إجمالي الصادرات تراجع إلى 32 مليار دولار مقارنة بـ 38 مليار دولار خلال العام الماضي”.

أما عن العام الحالي، فقد صرّح رئيس الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، عصام النجار، بأن حجم الصادرات المصرية فاق 26.2 مليار دولار خلال الأشهر الـ 8 الأولى من هذا العام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *