أثار قرار الحكومة إغلاق المحال التجارية في العاشرة مساءً، لترشيد استهلاك الكهرباء، جدلا واسعا، بين مؤيدٍ ومعارض، وامتد ذلك الجدل إلى البرلمان.
وتواجه الدولة أزمة في الطاقة بسبب تزايد حجم الاستهلاك، الذي سجّل 36 جيجا وات نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، فيما تراجع حجم المنتج محليًا من الوقود (الغاز، المازوت) اللازم لتشغيل محطات إنتاج الكهرباء، وفق تصريحات رسمية لرئيس الوزراء.
وتعتزم الحكومة مواجهة أزمة نقص الكهرباء من خلال استيراد غاز ومازوت بقيمة 1.18 مليار دولار، مع تطبيق خطة لترشيد الاستهلاك بغلق مختلف المحلات التجارية والمولات على مستوى الجمهورية في الساعة العاشرة مساء بداية من مطلع هذا الشهر، وطالبت المواطنين بالمشاركة في تطبيق عمليات الترشيد داخل المنازل، ومختلف المنشآت؛ لتقليل حجم المنتجات البترولية المستوردة.
واستثنى القرار، محال البقالة والسوبر ماركت والمخابز والأفران، وبعض الأنشطة الليلية مثل بيع الفواكه والخضراوات، ومحلات الدواجن، وأسواق الجملة، والصيدليات؛ مراعاة للخدمات المهمة التي تقدم للمواطنين، ويستثنى أيضاً خدمات “التيك أواي” وتوصيل الطلبات للمنازل للمطاعم والكافيهات على مدار 24 ساعة في اليوم وطوال العام.
وفي حال مخالفة هذه الأوقات، يتم تحرير إنذار بالإغلاق، مع متابعة المخالفة بعد أسبوعين للتأكد من عدم تكرارها، وفي حال الاستمرار على المخالفة، يتم الإغلاق لمدة شهر، ولا يجوز له فتح المحال إلّا بعد مراجعة مركز التراخيص. وفي حال التمادي في المخالفة وتكرارها، يتم غلق المحل وسحب الترخيص.
وتضاربت الآراء بين من يرى أن إغلاق المحال التجارية إجراء ينظم عملية البيع والشراء ويوفر استهلاك الطاقة ومن يعتبره ضربة موجعة للنشاط التجاري والسياحي في آن واحد.
وبسبب الصيف الشديد الحرارة، يفضل الكثير من الراغبين في التسوق الخروج في ساعات الليل، بعد أن تغرب الشمس في حوالي الثامنة مساء، وفي حال إغلاق المتاجر في العاشرة، فإن ذلك لا يترك للتجار وقتا كافيا للبيع والشراء، ما يعود بالخسائر على التجار، في بلد يئن من الأعباء الاقتصادية.
ماذا يقول الفريق المؤيد؟
رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، متى بشاي، يرى أن القرار تأخر كثيرًا في تنفيذه، موضحًا أنه قرار نظامي وسيؤدي إلى تنظيم حركة البيع والشراء دون أن يؤثر عليها، بل سيحدث تغييرًا في سلوك المواطنين.
ويستنكر بشاي في تصريحات صحفية الانتقادات الموجهة إلى القرار بدعوى أنه لا يترك مساحة كافية للبيع والشراء قائلا “لا أحد سيذهب لشراء ثلاجة الساعة 12 (منتصف الليل) ولا ملابس الساعة 1″، مشددا على أن البلاد تمر “بأزمة شديدة ويجب أن نتأقلم مع الوضع الحالي ونرشد الكهرباء ونساند الدولة حتى تعود الأمور لصورتها الطبيعية.”
وأوضح بشاي، أن تطبيق هذا القرار لايزال في مرحلة تجريبية “ويجب أن ننتظر حتى نرى محاسنه وعيوبه”، مؤكدا أن التجار إذا تضرروا جراء هذا القرار “سنرفع تقاريرنا إلى المسؤولين ونطالب بوضع خطة بديلة، لكننا في مرحلة انتقالية الآن.”
وكذلك، يرى رئيس غرفة القاهرة التجارية، أيمن عشري، أن القرار لن يؤدي إلى خفض حركة المبيعات، مستدلًا عل حديثه بتطبيق العديد من الدول حول العالم مواعيد لفتح وغلق المحال التجارية يوميًا دون أن يكون للقرار تأثير على الناحية الاقتصادية.
وشدد عشري في تصريحات صحفية، على أهمية تطبيق مواعيد غلق المحال التجارية لترشيد استهلاك الكهرباء في ظل الأزمة الحالية والتي تطول العديد من الدول بسبب الارتفاع المتزايد في درجات الحرارة، وسينعكس قرار إغلاق المحلات على ترشيد الكهرباء.
ماذا يقول المعارضون؟
أما نائب رئيس شعبة الملابس بغرفة القاهرة التجارية، خالد سليمان، فيعتقد أن القرار سيؤثر سلبًا على حركة المبيعات في الأسواق، نظرًا لضيق الوقت أمام المستهلكين في ظل ارتفاع درجة الحرارة الذي يجبرهم على التسوق بعيدًا عن أوقات النهار، لافتًا إلى أن المحال التجارية في المدن الساحلية ستكون أكثر تضررًا لأنها تعتمد على موسم الصيف في تحقيق النسبة الأكبر من مبيعاتها.
وأضاف سليمان، في تصريحات صحفية، أن فتح المحال التجارية في مواعيد مبكرة لن يعوض خفض ساعات العمل؛ لأن المستهلكين منشغلون في أعمالهم، وبالتالي لن يتجهوا إلى شراء احتياجاتهم.
في البرلمان حضر الجدل، فقد قال النائب محمد عطية الفيومي، رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، خلال تصريحات متلفزة إن هذا القرار مطبق في عدد من الدول، وليس جديدا في مصر، حيث تقرر إغلاق المحلات التجارية في العاشرة مساء بدلا من الحادية عشرة.
وعلق على المنتقدين بقوله: “ساعة ما فرقتش كتير”، معتبرا أن التوقيت الصيفي لا محل له، ويمكن أن تفكر الحكومة في إلغائه.
وتقدم عضو مجلس النواب بالإسكندرية، محمد جبريل، بطلب إحاطة لرئيس مجلس الوزراء للمطالبة بإعادة النظر في غلق المحال التجارية الساعة العاشرة مساءً، محذرًا من تداعياته السلبية على تزايد معدل البطالة بعد اتجاه أصحاب المحلات للاستغناء عن نصف العمالة، كما سيؤثر على حركة السياحة الوافدة إلى مصر.
وكتب النائب مصطفى بكري على منصة أكس (تويتر سابقا): “هل يعلم الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزارة (…) أن قرار إغلاق المحلات في العاشرة مساء سبب المزيد من الاحتقان ضد الحكم؟ وهل يعلم أن أزمة الكهرباء سببت عدم ثقة من الشارع في أداء الحكومة ومصداقيتها؟ وهل يعلم أن إدارة الحكومة لهذه الأزمة وغيرها من الأزمات تميز بالعشوائية وتسبب في غياب الأمل في أي إصلاح؟”.
وقال بكري، إنه علم أن الحكومة تراجعت عن قرارها الذي أعلنت عنه قبل أيام، مضيفا أن “الاقتراح الذي يدرس حاليًا الإغلاق لفترة محدودة بالفترة النهارية، مع ترك المحلات مفتوحة طيلة الفترة المسائية”.
الحكومة تنفي التراجع
وأوضح بكري أن الرئيس عبد الفتاح السيسي طالب بمراجعة القرار، إلا أن المستشار محمد الحمصاني، المتحدث باسم مجلس الوزراء، أكد الحكومة مستمرة في تطبيق القرار، نافيًا وجود أي نقاشات حالية حول إمكانية إلغائه.
وأضاف في تصريحات تلفزيونية أن هذه السياسة تتبعها العديد من الدول حول العالم في مواجهة التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة، وليست مصر هي الوحيدة.
وأكد أن الهدف المنشود وهو الإنهاء الكامل لمشكلة تخفيف الأحمال بحلول نهاية العام الجاري، مشيرًا إلى أن الشحنات المخطط استيرادها من الوقود ستصل تباعًا ومن المتوقع أن تكتمل بنهاية الأسبوع الثالث من شهر يوليو، مما يسهم في وقف تخفيف الأحمال الكهربائية خلال فصل الصيف.