مصر

87.5% نسبة حضور الطلاب هذا العام.. ارتفاع قياسي يعكس انضباط العملية التعليمية بالمدارس

تواصل وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني جهودها لتعزيز الانضباط داخل المدارس وتحسين جودة العملية التعليمية، في إطار خطتها الشاملة لرفع كفاءة الأداء الميداني وتحقيق الانضباط الكامل داخل الفصول الدراسية.

وقد بدأت تلك الجهود تؤتي ثمارها بوضوح خلال العام الدراسي الحالي، مع تسجيل نسبة حضور غير مسبوقة على مستوى الجمهورية.

وفي هذا السياق قال الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، إن الحضور في حد ذاته ليس غاية وإنما وسيلة لتحقيق الأهداف التربوية.

وأضاف «حجازي» في تصريحات خاصة لـ«البورصجية» أن الحضور لا يمكن أن يكون المعيار الوحيد للحكم على جودة العملية التعليمية، فالجودة تُقاس بمدى تحقيق الأهداف التربوية، وقد تتحقق تلك الأهداف من خلال أنماط تعلم لا تتطلب وجودًا فعليًا داخل الفصل.

وأشار حجازي إلى أن حضور الطلاب دون توافر عدد كافٍ من المعلمين أو وجود أنشطة تعليمية حقيقية قد يؤثر سلبًا على تحقيق تلك الأهداف، بل قد يفرز نتائج عكسية، مضيفًا أن ارتفاع نسب الحضور مؤخرًا يعود إلى إدخال التقييمات الشكلية وأعمال السنة ضمن نظام التقييم بدرجة كبيرة، ما جعل الطلاب يحرصون على الحضور لضمان درجاتهم.

وتابع قائلًا: الثقة بين الطالب والمدرسة تُبنى على الجذب والتحفيز وليس على الإلزام، وبالتالي فإن الحضور الحالي يعكس حرص الطلاب على جمع الدرجات أكثر مما يعكس ثقة حقيقية في المدرسة.

واختتم حديثه مؤكدًا أن عودة الطالب للمدرسة خطوة أولى إيجابية، لكنها تحتاج إلى استكمال بخطوات أخرى لاستعادة الحضور الذهني والاستمتاع بالتعلم، وهو ما يتطلب تدريب المعلمين وتفعيل الأنشطة التربوية بشكل أوسع.

الأسرة والمدرسة.. شراكة ضرورية

من جانبها، أكدت داليا الحزاوي، الخبيرة التربوية ومؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر، أن التعاون بين المدرسة وأولياء الأمور هو الأساس في جذب الطلاب للمدرسة، موضحة أن رفض بعض الطلاب للذهاب غالبًا ما يكون ناتجًا عن مشكلات داخل البيت أو البيئة المدرسية نفسها.

وأشارت الحزاوي في تصريحات خاصة لـ«البورصجية» إلى أهمية حديث الأسرة بإيجابية عن المدرسة، والابتعاد عن الخلافات الأسرية التي تؤثر على نفسية الأبناء وتقلل رغبتهم في الذهاب، مؤكدة أن دور المدرسة لا يقل أهمية عن دور البيت في بناء شخصية الطالب وجعله يحب التعلم.

وأضافت أن ظاهرة الغياب تراجعت مؤخرًا بسبب تشديد الوزارة على تسجيل الغياب وربطه بأعمال السنة، لكنها شددت في الوقت نفسه على ضرورة أن يقابل هذا الانضباط تحسين في بيئة المدرسة من حيث النظافة، وتوفير الأنشطة، وحل عجز المعلمين بشكل جذري.

وتابعت الحزاوي: الطلاب بحاجة إلى بيئة محفزة تشجعهم على الحضور، فالإفراط في التقييمات والامتحانات يجعل بعضهم يشعر بالضغط ويبتعد عن المدرسة، لذلك يجب التوازن بين الانضباط والتحفيز.

واختتمت حديثها قائلة: ذهاب الطلاب إلى المدرسة لا يؤثر فقط على تحصيلهم الدراسي، بل يرسّخ فيهم قيم الالتزام والمسؤولية والانضباط، ويعزز مهارات التواصل والتعاون، والتعاون المستمر بين الأسرة والمدرسة هو مفتاح الحفاظ على تلك القيم.

ارتفاع قياسي في نسب الحضور

وكان محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، قد أعلن عن ارتفاع نسب حضور الطلاب في المدارس خلال العام الدراسي 2025-2026 إلى 87.5%، مؤكدًا أن هذه النسبة تعكس تحسنًا واضحًا في انتظام العملية التعليمية وانضباط المدارس.

وأوضح الوزير، خلال اجتماعه اليوم الأربعاء بمديري المديريات التعليمية عبر تقنية الفيديو كونفرانس، أن نسب الحضور شهدت قفزة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، إذ لم تتجاوز 15% في العام قبل الماضي، ثم ارتفعت إلى ما بين 80 و85% العام الماضي، لتصل هذا العام إلى ما بين 85 و90%.

ووصف الوزير هذا التحسن بأنه “نتيجة جهود الميدان التعليمي في استعادة الانضباط والجدية داخل الفصول”، وأضاف «عبداللطيف» أن الوزارة تولي أهمية كبرى للمتابعة الميدانية وتطبيق معايير الجودة والانضباط داخل المدارس، مشيرًا إلى أن تلك المؤشرات الإيجابية تؤكد نجاح خطط الوزارة في تحفيز الطلاب على الالتزام بالحضور والحد من ظاهرة الغياب، خاصة في المراحل الإعدادية والثانوية.

تحسن الثقة بين المدرسة والأسرة

ويُعد ارتفاع نسبة الحضور إلى هذا المستوى من أعلى المعدلات التي تحققها المدارس الحكومية خلال السنوات الأخيرة، ما يشير إلى تحسن الثقة بين الأسرة والمدرسة وزيادة وعي أولياء الأمور بأهمية الحضور الفعلي.

ووفقًا لتقارير الوزارة، بلغ عدد المدارس التي تم متابعتها ميدانيًا منذ بدء العام الدراسي أكثر من 12 ألف مدرسة في مختلف المحافظات.

كما تستهدف الوزارة خلال الشهور المقبلة رفع نسب الحضور إلى أكثر من 90% عبر تعزيز المتابعة اليومية والتوسع في برامج التحفيز للطلاب والمعلمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *