عالم

مسيّرات إيرانية تضرب إسرائيل وتحذيرات دولية من «تصعيد شامل»

شهدت المواجهات بين إيران والكيان الإسرائيلي، اليوم السبت، تصعيدًا ملحوظًا في التوترات، تمثّل في هجمات بطائرات إيرانية مسيّرة على أهداف داخل الكيان، وفي خضم هذه الأحداث المتسارعة، تكثفت الجهود الدبلوماسية لاحتواء الأزمة، حيث انخرط كبار الدبلوماسيين من مصر وإيران والسعودية والعراق في مباحثات إقليمية، تأتي هذه التطورات في ظل تحذيرات من تصعيد أوسع، مؤكدة على هشاشة الوضع في المنطقة.

طائرات مسيّرة إيرانية تضرب أهدافًا في عمق إسرائيل:

أفادت مصادر إعلامية وتقارير عبرية اليوم السبت بوصول عشرات الطائرات المسيّرة الإيرانية إلى عمق الكيان الإسرائيلي، مما أسفر عن أضرار مادية في عدة مناطق، وأثار حالة من الإنذار والارتباك في صفوف الاحتلال، وفي تفاصيل هذه الهجمات، ذكرت وكالة “مهر” الإيرانية أن طائرة مسيرة استهدفت مبنى في منطقة “بيت شان” بالجليل، متسببة بأضرار جسيمة، فيما لم ترد أنباء عن وقوع إصابات بشرية، وبالتوازي، أفادت وسائل إعلام تابعة للاحتلال بأن طائرتين مسيرتين أخريين ضربتا منطقتي “يوتفاتا” في النقب وجنوب بحيرة “طبريا”، وتفاعلاً مع هذه الضربات، دوت صفارات الإنذار في مستوطنات “غور الأردن”،ومع اقتراب الطائرات المسيّرة من منطقة “ديمونا” ومحيطها في “النقب”، حيث تقع منشأة “ديمونا النووية” للاحتلال، انطلقت صفارات الإنذار أيضاً، ما يعكس القلق من استهداف محتمل للمنشآت الحيوية، وفي تأكيد للواقعة، أكدت صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية أن عشر طائرات مسيرة إيرانية على الأقل حلقت فوق الأراضي المحتلة منذ الصباح، مما أدى إلى تفعيل صفارات الإنذار في مناطق متعددة، كما أشارت التقارير إلى إصابة شرطي تابع للاحتلال إثر سقوط طائرة مسيرة إيرانية في “النقب”.

وفي تطور لافت، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن طائرة مسيرة كانت تحلق في منطقة “وادي عربة” قرب مطار “رامون” دون أن يتمكن جيش الاحتلال من اعتراضها، وفي سياق متصل، سُمع دوي انفجارات في ميناء “إيلات” جنوب الكيان الإسرائيلي، ويُعتقد أنها ناجمة عن طائرات مسيرة.

الرئيس الإيراني يتفقد مبنى الإذاعة والتلفزيون بعد استهدافه:

في أعقاب ما وُصف بـ”عدوان صهيوني غاشم” استهدف مبنى الإذاعة والتلفزيون الإيراني وقناة “الخبر” الإيرانية، قام الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بزيارة تفقدية للموقع، وخلال الزيارة، التي أفادت بها وكالة “مهر” الإيرانية، أكد الرئيس بزشكيان على استمرارية رسالة الإعلام الإيراني في مواجهة التحديات، معربًا عن شكره وتقديره لجهود العاملين في الإعلام الإيراني، وشدد بزشكيان على أن “صوت الحقيقة لن يصمت” في وجه هذه الاعتداءات، في إشارة إلى عزم إيران على مواصلة بث صوتها الإعلامي رغم الاستهداف.

جهود دبلوماسية مكثفة لاحتواء التصعيد الإقليمي:

في محاولة لاحتواء التوترات، عقد الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة المصري، سلسلة من اللقاءات الدبلوماسية المهمة اليوم السبت على هامش اجتماعات منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول.

بداية، التقى الوزير عبد العاطي بـ”عباس عراقجي، وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية، خلال الاجتماع، استعرض عبد العاطي الاتصالات المكثفة التي أجراها لدفع جهود خفض التصعيد ووقف إطلاق النار، مشددًا على “أهمية اللجوء للمسار الدبلوماسي والسياسي للتوصل إلى اتفاق مستدام حول البرنامج النووي الإيراني لاحتواء الموقف المتصاعد”، من جانبه، قدم عراقجي شرحًا لمضمون ونتائج المحادثات التي أجراها في جنيف بشأن الملف النووي، واتفق الوزيران على مواصلة الاتصالات والتشاور بهدف التوصل إلى حل للأزمة.

لاحقًا، التقى وزير الخارجية المصري بنظيره السعودي، الأمير فيصل بن فرحان“، وركزت المباحثات بين الجانبين على مناقشة التداعيات المتصاعدة للتوترات بين إسرائيل وإيران، وأكد عبد العاطي مجددًا على ضرورة “بذل كافة الجهود السياسية والدبلوماسية لخفض التصعيد ووقف إطلاق النار”.

وفي لقاء آخر، التقى عبد العاطي بنائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين“، وركز اللقاء على مناقشة التحديات الأمنية في المنطقة، وأكد الوزير المصري على أهمية تكثيف التشاور والتنسيق بخصوص التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، داعيًا إلى وقف التصعيد والعودة إلى مسار المفاوضات والحلول السياسية لتجنب “فوضى إقليمية شاملة”.

الحوثيون يحذرون أمريكا وإيران تؤكد قدراتها الدفاعية:

في سياق متصل بالتوترات الإقليمية، حذر يحيى سريع، المتحدث باسم جماعة الحوثي في اليمن، من أن جماعته ستستهدف المصالح والسفن الأمريكية في المنطقة، بما في ذلك بوارجها في البحر الأحمر، في حال “تورط أمريكا في العدوان على إيران”، وأكد سريع في بيان متلفز أن “أي هجوم أمريكي مساند لإسرائيل يعني استعباد أمتنا واحتلال أوطانها”، مشددًا على أن “المعركة مع العدو الإسرائيلي المعتدي على إيران هي معركة الأمة بأكملها”.

من جانبه، وفي اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، شدد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان على أن “اعتداء الكيان الصهيوني العسكري على إيران ينتهك كل القوانين الدولية”، معتبرًا إياه دليلاً على أن خطط بلاده لتعزيز قدراتها الدفاعية “غير قابلة للتفاوض مطلقًا”، وبحسب وكالة أنباء “فارس”، أكد بزشكيان أن طهران “لن تتنازل عن حقوقها المعلنة بموجب القانون الدولي في امتلاك القدرات النووية السلمية”، وحذر من أن “خفض الأنشطة النووية إلى الصفر غير مقبول تحت أي ظرف، وسيكون ردنا على استمرار عدوان النظام الصهيوني أشد وطأة وحسمًا”، وفي المقابل، أكد ماكرون للرئيس الإيراني أن فرنسا “لم تشارك في الهجوم العسكري الإسرائيلي على إيران ولم تدعمه”، مشددًا على أن “أي هجوم على المنشآت المدنية والنووية مُدان” من وجهة نظر بلاده.

وفي سياق ذي صلة، أعلنت ما يطلق عليها “جبهة الإسناد السيبرانية” الإيرانية عن تنفيذ هجوم إلكتروني استهدف ما وصفته بـ”مصنع إسرائيلي لأسلحة الدمار الشامل”، وبحسب بيان صادر عن الجبهة، فإن الهجوم استهدف منشآت شركة CR Casting / EXACT، التي زعمت الجبهة أنها “ساندت الصهاينة الجناة في تصنيع أسلحة الدمار الشامل”، وأشار البيان إلى أن هذه المصانع تُصنع “أجزاء من قطع الصواريخ الهجومية والدفاعية والدبابات والمروحيات والطائرات الإسرائيلية التي تستخدم في الهجوم الهمجي على المدنيين”، مؤكدة شن “هجمات سيبرانية متعددة للتوغل والتعطيل في أجهزتها”.

مصر تدين “العدوان الإسرائيلي” وتدعو لتهدئة شاملة:

في كلمة قوية أمام منظمة التعاون الإسلامي بإسطنبول، أمس اليوم السبت، دان وزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، “العدوان الإسرائيلي” الأخير ضد إيران، واصفًا إياه بـ”تصعيد خطير ومقلق” ينتهك القانون الدولي ويهدد الأمن الإقليمي والدولي، شدد عبد العاطي“، على ضرورة وقف الأعمال العدائية الإسرائيلية، مؤكدًا أن هذا الهجوم استبق نتائج مفاوضات “مسقط” التي سعت لحل سلمي للملف النووي، ومشددًا على أنه “لا حلول عسكرية” للأزمة، كما انتقد الوزير المصري الهجمات المستمرة على المنشآت النووية الإيرانية وتغاضي الدول الغربية عن هذه الممارسات، ودعا عبد العاطي“، إلى مقاربة شاملة للملف النووي، وإقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، محذرًا من أن التصعيد الحالي سيقود المنطقة إلى صراع أوسع، وأكد أن مصر ستواصل جهودها الدبلوماسية بالتنسيق مع الدول العربية والإسلامية “لنزع فتيل الأزمة ومنع مواجهة شاملة”، مؤكدًا أن الدبلوماسية والحوار هما السبيل الوحيد لحل الأزمات.

يظل الوضع في الشرق الأوسط متوترًا للغاية مع استمرار تبادل الضربات والتصريحات الحادة بين الأطراف الرئيسية، وعلى الرغم من الجهود الدبلوماسية المكثفة الرامية لخفض التصعيد، فإن المخاوف من اتساع نطاق الصراع لا تزال قائمة، مما يستدعي يقظة دولية مستمرة وسعيًا حثيثًا نحو حلول سلمية تضمن استقرار المنطقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *