
في واحدة من أكبر عمليات الاحتيال الاستثماري التي شهدها السوق المصري في الفترة الأخيرة، تعرض آلاف المواطنين للنصب من قبل منصة FBC، التي جمعت مليارات الجنيهات قبل أن تختفي فجأة، تاركة خلفها آلاف الضحايا الذين فقدوا مدخراتهم في لحظة.
حلم الثراء السريع.. البداية المغرية
بدأت القصة عندما ظهرت منصة “FBC” كفرصة ذهبية للاستثمار السهل، حيث روجت لنفسها على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مقدمة وعودًا براقة بتحقيق أرباح خيالية في وقت قصير. زعمت المنصة أنها مرخصة وتعمل بشكل قانوني، ووفرت طرق دفع إلكترونية سهلة عبر المحافظ الرقمية، مما جعل عملية الانضمام تبدو آمنة وسريعة.
كانت الفكرة التي تروج لها المنصة بسيطة: قم بإيداع أموالك، وانتظر حتى تتضاعف في فترة قصيرة. لم تتطلب المنصة أي خبرة استثمارية أو مجهود من المشتركين، بل كان الأمر أشبه بـ”الثراء بضغطة زر”، وهو ما جذب أعدادًا ضخمة من المواطنين الطامحين لتحقيق مكاسب سريعة دون عناء.
الضحايا.. استثمارات بالمليارات انتهت إلى لا شيء
أحد المتضررين يروي مأساته قائلاً: “بعت اللي ورايا واللي قدامي، دخلت بـ 11 ألف و200 جنيه، وكل يوم كنت بشوف ناس بتدخل بأرقام خرافية، أعداد المشتركين كانت بالملايين، وكلنا كنا متأكدين إننا هنكسب ثروة”.
لم يكن هذا الشخص وحده، بل تكررت القصة مع آلاف آخرين، بعضهم باع ممتلكاته، والبعض استدان لدخول هذه “الفرصة الاستثمارية”، معتقدين أنهم على وشك تحقيق حلم العمر. ومع تزايد المشتركين، كانت المنصة تدفع الأرباح في البداية، مما عزز الثقة بها، لكن الحقيقة الصادمة لم تكن قد ظهرت بعد.
نهاية الحلم.. عندما انهارت المنصة واختفى القائمون عليها
مع مرور الوقت، بدأت أولى علامات الانهيار بالظهور، حيث تأخرت عمليات السحب، وبدأ بعض المستخدمين يشكون في وجود مشكلة. في البداية، كانت الردود الرسمية من المنصة مطمئنة، حيث ادعت أن هناك تحديثات تقنية أو ضغطًا على الخوادم، لكن سرعان ما اتضح أن المنصة كانت على وشك الانهيار التام.
فجأة، اختفت المنصة، وأغلقت جميع القنوات التي كان المستخدمون يتواصلون من خلالها مع الدعم الفني، ولم يعد هناك أي إمكانية لاستعادة الأموال. كانت صدمة كبرى لآلاف المستثمرين، الذين وجدوا أنفسهم أمام حقيقة واحدة: لقد خسروا كل شيء.
6 مليارات جنيه ضاعت.. ولا جهة رقابية لحماية الضحايا
تشير التقديرات إلى أن المنصة جمعت حوالي 6 مليارات جنيه من ما لا يقل عن مليون شخص، قبل أن تختفي دون أي أثر. التحقيقات كشفت لاحقًا أن الشركة التي تدير المنصة لم تكن مسجلة لدى أي جهة رسمية، ولم تكن خاضعة لأي رقابة مالية، مما يعني أنها كانت مجرد مخطط احتيالي منذ البداية.
كيف وقع الضحايا في الفخ؟
يعتمد هذا النوع من الاحتيال على مخطط “بونزي”، حيث يتم استخدام أموال المستثمرين الجدد لدفع أرباح للمستثمرين الأقدم، مما يجعل المشروع يبدو ناجحًا في البداية. ومع تزايد الثقة، يضخ الناس المزيد من الأموال، لكن بمجرد توقف تدفق المشتركين الجدد، ينهار النظام بالكامل ويختفي المحتالون بالأموال.
التحقيقات جارية
بعد انتشار الفضيحة، بدأت الجهات الأمنية في تتبع القضية، وسط مطالبات واسعة باستعادة الأموال ومعاقبة المسؤولين عن الاحتيال.
ومع ذلك، فإن تعقيد القضية وصعوبة تعقب الأموال المحولة إلكترونيًا يجعل استرداد الأموال أمرًا غير مؤكد.