عالم

هل يطوي لبنان صفحة «محور المقاومة» أم يُدشن فصلاً جديداً من التكيّف الإيراني؟

كتب: عبد الحي إبراهيم
في خضم التطورات الإقليمية المتسارعة وتداعيات مقتل الأمين العام السابق لحزب الله “حسن نصرالله” وسقوط نظام “بشار الأسد”، وصل وزير الخارجية الإيراني “عباس عراقجي” إلى بيروت اليوم الثلاثاء، في زيارة رسمية تهدف إلى إعادة رسم ملامح العلاقة بين “طهران، ولبنان”، زيارة “عراقجي” التي جاءت بعد جولة إقليمية، حملت في طياتها تأكيدات إيرانية على دعم سيادة “لبنان” واستقلاله، لكنها قوبلت بمطالبات لبنانية صريحة تتعلق بسلاح “حزب الله”.
عقب لقاء جمعه برئيس البرلمان اللبناني، أكد عراقجي أن “إيران تدعم” “استقلال لبنان وسيادته بشكل كامل”، مبدياً استعداد بلاده للمساهمة في جهود إعادة الإعمار، وشدد على دعم “طهران” للحوار اللبناني-اللبناني، معتبراً أنه “لا يحق لأحد التدخل فيه”، هذه التصريحات تتماشى مع ما قاله “عراقجي” فور وصوله إلى “مطار رفيق الحريري الدولي”، حيث أكد أن بلاده تحترم الشؤون الداخلية لـ”لبنان” ولا يمكن أن تتدخل فيها.
من جانبه، أشار “عراقجي” إلى أن زيارته تأتي في إطار “فتح صفحة جديدة في العلاقة مع لبنان انطلاقاً من الظروف المستجدة” التي تشهدها المنطقة، كما أكد أن “نزع سلاح حزب الله هو قرار لبناني”، في إشارة إلى رغبة إيرانية في إبعاد نفسها عن هذا الملف الشائك ظاهرياً.
وقبل لقائه رئيس البرلمان، التقى “عراقجي” وزير الخارجية والمغتربين اللبناني “يوسف رجّي”، حيث تم بحث آخر المستجدات الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى المفاوضات الجارية بشأن “الملف النووي الإيراني”، غير أن النقطة المحورية في المحادثات كانت “سلاح حزب الله”.
وأكد الوزير “رجّي” لنظيره الإيراني أن “إعادة الإعمار مرتبطة بنزع سلاح الحزب”، في موقف واضح يعكس الضغوط الداخلية والخارجية التي يواجهها “لبنان”، كما أبلغ “رجّي”، “عراقجي” أن “المغامرات العسكرية وضعت لبنان بظروف صعبة”، مشدداً على أن أي اتصالات يجب أن تكون عبر “الدولة اللبنانية”، في تأكيد على ضرورة ترسيخ سلطة الدولة الحصرية.
وفي تصريحات صحفية، رسم “عراقجي” ملامح النهج الإيراني الجديد، مؤكداً سعي بلاده لـ “توسيع المسار السياسي والاقتصادي بين إيران ولبنان”، وشدد على أن هذا التوسع سيتم في إطار احترام كامل لـ”استقلال لبنان وسيادته وسلامة أراضيه”، مع التأكيد على علاقات مبنية على “الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية”.
ولم تخلُ تصريحات الوزير الإيراني من الإشارة إلى الموقف من الصراع الإقليمي، حيث أدان “احتلال أجزاء من الأراضي اللبنانية من قبل الكيان الصهيوني”، مؤكداً دعم إيران لـ “كل الجهود التي تبذلها الحكومة والشعب اللبناني لطرد المحتلين بأي وسيلة، بما في ذلك الدبلوماسية”.
وتأتي زيارة “عراقجي” ضمن جولة إقليمية، حيث وصل إلى “بيروت” قادماً من “مصر”، وتُعتبر هذه الزيارة محاولة إيرانية للتكيف مع المشهد الإقليمي الجديد الذي فرضته الأحداث الأخيرة، حيث يرى العديد من الخبراء أن زيارة “عراقجي” جاءت ضمن سعي إيراني لـ”إدارة الخسائر” الناتجة عن تراجع نفوذها بعد فقدان شخصيات محورية وقنوات إمداد استراتيجية، وتقديم صورة أقل عدائية لدورها في المنطقة، وأجمع محللون على أن مقتل “نصر الله” وسقوط “نظام الأسد” أضعفا بشكل كبير النفوذ الاستراتيجي الإيراني، مما دفع طهران لإعادة تقييم أدواتها في المنطقة.
وعلى الرغم من التصريحات الإيرانية التي تؤكد احترام السيادة اللبنانية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، فإن المطالبات اللبنانية العلنية بربط إعادة الإعمار “بنزع سلاح حزب الله” تُشير إلى تعقيدات العلاقة ومستقبل “النفوذ الإيراني” في “لبنان”.
ويبقى السؤال مفتوحاً حول مدى قدرة هذه الزيارة على “فتح صفحة جديدة” حقيقية، في ظل التباين الواضح في المواقف حول “سلاح حزب الله” ودوره في المشهد اللبناني والإقليمي؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *