
ضربت مدينة الإسكندرية، فجر السبت، عاصفة جوية وصفت بأنها “الأعنف منذ سنوات”، لتعيد إلى الواجهة أشهر التنبؤات المتداولة عن غرق مدينة الإسكندرية التاريخية بفعل التغيرات المناخية وارتفاع منسوب مياه البحر.
مشاهد لم تعتدها المدينة، حيث تساقطت الثلوج في عز الربيع، وغمرت الأمطار الشوارع، وهزت الرياح العنيفة المباني، وسط حالة رعب وثّقها السكندريون بكاميراتهم، وتناقلتها وسائل الإعلام والسوشيال ميديا على نطاق واسع.
عاصفة أم إنذار مبكر
رغم أن العاصفة كانت متوقعة من قبل هيئة الأرصاد الجوية، كما أوضح الخبير الدكتور محمود القياتي في مداخلته مع قناة “صدى البلد”، فإن حجم الظاهرة وقسوتها أعادا إلى أذهان المصريين أشهر التصريحات العالمية والمحلية حول خطر غرق الإسكندرية في المستقبل القريب.
وكان تقرير البنك الدولي عام 2014 قد حذّر من أن مدينة الإسكندرية تُعد من أكثر المدن الساحلية عُرضة للغرق بفعل ارتفاع منسوب سطح البحر، إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة لحماية الشريط الساحلي.
وهو ما أكدته تقارير لاحقة صادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، والتي صنّفت دلتا النيل ضمن أكثر المناطق هشاشة أمام التغيرات المناخية، مشيرة إلى أن أي ارتفاع بمقدار نصف متر في مستوى البحر قد يُغرق مساحات شاسعة من الإسكندرية والمناطق المجاورة.
و كتب الخبير المناخي الدكتور أحمد فاروق، عبر صفحته على “إكس” (تويتر سابقًا):
“ما حدث في الإسكندرية ليس مجرد حالة طقس استثنائية، بل ناقوس خطر يدق بوضوح… ظواهر متطرفة مثل هذه ستكون أكثر تكرارًا وحدّة في المستقبل.”
وأشار إلى أن تساقط الثلوج في أواخر مايو، بالتزامن مع أمطار شديدة ورياح عاتية، يعكس تغيرات مناخية مركبة، مؤكدًا أن التكيف وحده لم يعد كافيًا، بل لا بد من خطط هندسية عاجلة لحماية السواحل.
مشاهد من قلب العاصفة
وثّقت فيديوهات نشرها المواطنون على منصات التواصل الاجتماعي لحظات من الرعب الحقيقي: “شوارع تحوّلت إلى أنهار، رياح اقتلعت لوحات إعلانية وأشجارًا، سيارات عالقة وسط مياه الأمطار، وبرق ورعد لم ينقطع لساعات.
وأطلق المغردون وسومًا مثل #ساعة_الرعب و**#الإسكندرية_تغرق**، حيث سادت تعليقات تنم عن الدهشة والخوف، وبعضها حمل تساؤلات مريرة: “هل هذه بداية النهاية؟ هل فعلاً سنشهد غرق الإسكندرية ونحن أحياء؟”
من جانبه، أصدر الفريق أحمد خالد حسن سعيد، محافظ الإسكندرية، تعليمات فورية برفع درجة الاستعداد القصوى في جميع الأجهزة التنفيذية، مع تكثيف تواجد فرق الإنقاذ والصرف الصحي، خاصة في محيط المدارس، تزامنًا مع سير امتحانات الشهادة الإعدادية التي لم تُؤجل.
في السياق ذاته، أكدت وزارة الصحة أن جميع المستشفيات في المحافظة تعمل بكامل طاقتها، ولم تُسجَّل أي وفيات أو إصابات نتيجة العاصفة، حتى لحظة صدور البيان الرسمي.
ما الذي يمكن فعله الآن؟
يرى خبراء المناخ أن الوقت قد يكون بدأ بالنفاد، مطالبين بـ” الإسراع في إنشاء حواجز بحرية جديدة لحماية الكورنيش، تطوير شبكات الصرف القديمة التي تنهار أمام الأمطار الغزيرة، دمج سيناريوهات المناخ في خطط التخطيط العمراني والبنية التحتية.