دشن الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان، رسميا، مشروع “رأس الحكمة” الاستثماري على البحر المتوسط، والبالغة قيمته نحو 35 مليار دولار.
كانت الإمارات قررت في فبراير الماضي ضخ “35 مليار دولار استثمارات مباشرة” في غضون شهرين في مصر، بموجب اتفاق وقع بين الحكومتين المصرية والاماراتية بهدف “تنمية 170,8 مليون متر مربع في منطقة رأس الحكمة” على البحر المتوسط بشمال غرب البلاد.
وسبق أن أعلنت حكومة الدكتور مصطفى مدبولي أن اجمالي قيمة المشروع الذي يقضي بإنشاء مدينة متكاملة تتضمن منطقة سياحية كبيرة ومرسى للسفن السياحية الكبيرة إضافة الى مطار دولي ستديره الإمارات، تبلغ 150 مليار دولار.
وسيسهم المشروع بشكل كبير في الناتج المحلي للاقتصاد المصري بنحو 25 مليار دولار أمريكي سنويا، وسيوفر ما يقرب من 750 ألف فرصة عمل بشكل مباشر وغير مباشر.
رأس بناس
تعاني مصر من أزمة اقتصادية حادة بسبب ندرة العملة الصعبة، وهي أزمة بدأت منذ عامين بعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، قبل أن يتضرر اقتصاد البلاد من حرب غزة التي تسببت في انخفاض إيرادات قناة السويس بأكثر من النصف وتباطؤ نمو السياحة، ما دفع الدولة للتفكير في حلول أخرى لإنعاش اقتصادها.
ومن بعد رأس الحكمة، برزت أسماء أخرى مثل منطقة رأس بناس، فقد أكد مدبولي أن الحكومة لن تطرح رأس بناس وحدها للاستثمار، بل حددت من 4 إلى 5 مناطق كبيرة على ساحل البحر الأحمر، تستهدف فيها التنمية على غرار صفقة رأس الحكمة.
وأوضح مدبولي أن رؤية الحكومة تهدف لتحقيق تنمية مُتكاملة في هذه المناطق الخمسة بحيث تكون كل واحدة منها في قوام مدينة كاملة، مضيفا أن الهدف هو أن تدخل الدولة في شراكات كبيرة لاجتذاب استثمارات أجنبية مباشرة لتنمية هذه المناطق الواعدة جداً من الناحية السياحية والتنموية، وتكون فرصة لجذب الاستثمارات وفرص العمل.
توصف شبه جزيرة “رأس بناس” بأنها من أكبر تجمعات الشعاب المرجانية البكر في العالم، حيث تقع جنوب مرسى علم، على مساحة تتجاوز مساحة مشروع رأس الحكمة، وتمتد لمسافة 50 كيلومتراً داخل مياه البحر الأحمر، محتوية على كنوز طبيعية فريدة، أبرزها أكبر تجمع للشعاب المرجانية البكر في العالم.
وقد بدأت الدولة وضع مخطط استثماري لمنطقة “رأس بناس” بهدف طرحها على شركات القطاع الخاص لتطويرها، على غرار مشروع “رأس الحكمة”، بحسب وزير الإسكان شريف الشربيني.
وسبق أن صرّح رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، النائب محمد الفيومي، بأن مساحة منطقة “رأس بناس” تبلغ 200 مليون متر مربع، وهي تتجاوز منطقة رأس الحكمة التي تقدر مساحتها بـ170 مليون متر مربع، موضحاً أن صفقة “رأس بناس” تبلغ نحو 41 مليار دولار.
وتسعى الدولة من خلال صفقة رأس بناس المنتظرة إلى خلق وجهة سياحية متكاملة، تجمع بين سحر الطبيعة ورفاهية الفنادق والمنتجعات، بهدف تعزيز مصادر الدخل وزيادة عدد السياح الوافدين إلى ساحل البحر الأحمر.
وتسعى الحكومة من خلال هذه الصفقة المنتظرة إلى خلق وجهة سياحية متكاملة، تجمع بين سحر الطبيعة ورفاهية الفنادق والمنتجعات، بهدف تعزيز مصادر الدخل وزيادة عدد السياح الوافدين إلى ساحل البحر الأحمر.
وقدّرت وزارة الإسكان قيمة الأراضي والوحدات التي سيتم طرحها ضمن المشروع بنحو تريليوني جنيه.
رأس جميلة
كما تعد الدولة خططا لتطوير منطقة رأس جميلة الساحلية الواقعة بالقرب من منتجع شرم الشيخ، وفقا لما صرح به منصور عبد الغني، المتحدث باسم وزارة قطاع الأعمال العام، الذي قال في تصريحات تلفزيونية إنه “فيما يخص أرض رأس جميلة.. تم تشكيل لجنة بقرار من مجلس الوزراء لبحث وطرح وإعداد رؤية استراتيجية لاستغلال المساحة”.
وأضاف أن هدف الاجتماع كان “بحث وضع رؤية استراتيجية لاستغلال الأرض، مش استغلال رأس جميلة فقط، بل في إطار المنطقة المحيطة بها والحيز الجغرافي والمناطق المجاورة، يتم وضع رؤية لكيفية الاستغلال بما يحقق أقصى استفادة وأقصى عائد ممكن لهذه المنطقة المميزة”.
وأكد عبد الغني أنه “قد يتم طرح الموضوع من خلال استشاري عالمي أو بيت خبرة عالمي لوضع رؤية لكيفية استغلال هذه الأرض”.
وارتبط اسم المملكة العربية السعودية بهذه الصفقة، لكن دون تأكيدات رسمية، فقد ذكرت صحيفة عكاظ السعودية، أن مصر تستعد لعرض الأرض على السعودية قبل أن تحذف التقرير من موقعها.
كما نقلت صحيفة “الوطن” عن مصادر مطلعة بوزارة الإسكان، أن قيادات الوزارة شاركت في رسم المخططات والتصور النهائي لتطوير رأس جميلة، وقالت من المنتظر أن يتم الإعلان قريبا عن طرح المشروع على مستثمرين سعوديين، بالشراكة مع القطاع الخاص.
وتقع رأس جميلة على ساحل البحر الأحمر ضمن امتداد مدينة شرم الشيخ بمحافظة جنوب سيناء، وتبلغ مساحة المنطقة نحو 860 ألف متر، وتتميز بقربها من مطار شرم الشيخ الدولي.
وتستهدف خطط الحكومة المعلنة من قبل لتطوير المنطقة، إقامة مشروع سياحي فندقي بالمنطقة عبر طرح المشروع للشراكة مع القطاع الخاص بما يتضمن بناء فندق 5 نجوم يقدم غرفاً وشققاً وخدمات عالمية المستوى بأعلى المعايير الدولية.
ويعود ملف تطوير المنطقة إلى عام 2016، بحسب تقارير صحفية محلية، لكن المشروع لم يصل إلى مرحلة الاتفاق، فقد تفاوضت الحكومة مع مجموعة وادي دجلة للاستثمار العقاري، بالإضافة إلى مجموعتي الفطيم السعودية، وإعمار الإماراتية في ذلك العام، لكن لم تتوصل الأطراف لاتفاق وقتها.
وقد شدد عدد من الخبراء على أن مثل هذه المشروعات تمثل فرصا اقتصادية واعدة، إذ يمكنها أن تعالج الفجوة التمويلية، وتقضي على السوق الموازية للدولار، مما يخفض من أسعار السلع، كما تبعث برسالة طمأنة للمستمرين بشأن قدرات الاقتصاد المصري وإمكانية تحقيق تنمية مستدامة.