
بينما كانت شوارع الإسكندرية تغرق قبل يومين تحت أمطار غير معتادة في هذا التوقيت من العام، كانت وسائل التواصل الاجتماعي تغلي بالتساؤلات: “هل ما يحدث طبيعي؟”، “هل هذا امتداد لظاهرة تغير المناخ؟”، أم أن هناك ما هو أعمق… وأكثر غموضًا؟
الحادث الذي أربك حركة المرور وتسبب في تعطيل الحياة اليومية في واحدة من كبرى مدن المتوسط، يأتي بعد سلسلة من الكوارث المناخية المشابهة في العالم العربي خلال العامين الماضيين، من فيضانات درنة في ليبيا، إلى السيول العنيفة في دبي. في كل مرة، يُعاد طرح سؤال واحد: هل هناك تدخل بشري في ما يحدث ؟
فكرة تعديل المناخ ليست جديدة. فقد بدأت الولايات المتحدة أولى تجاربها خلال حرب فيتنام، عبر عملية عسكرية سرية تدعى “بوباي”، هدفها كان إغراق طرق الإمداد للأعداء عبر التلاعب بالأمطار.
لاحقًا، جربت واشنطن مشاريع لتقليل قوة الأعاصير، ثم تحولت التقنية لأغراض مدنية في ولايات تعاني من الجفاف.
الصين، من جانبها، تتبنى برنامجًا ضخمًا يهدف لتغطية أكثر من نصف البلاد بتقنيات تعديل الطقس بحلول 2025. وقد استخدمت فعليًا هذه التقنيات لتأمين طقس جاف خلال أولمبياد بكين 2008.
الإمارات… والمطر تحت الطلب
الإمارات أيضًا لديها أحد أنشط برامج “تلقيح السحب” في العالم، وهي عملية يتم فيها رش مواد في الغلاف الجوي لتحفيز هطول الأمطار. غير أن أمطار دبي العنيفة في أبريل 2024 – والتي أغرقت الطرق والمباني – أعادت الجدل حول مدى أمان هذه التجارب، رغم نفي الجهات الرسمية أن يكون التلقيح سببًا مباشرًا في الكارثة.
ومن كل ذلك يبقى السؤال مشروعًا: هل يمكن أن تتسبب برامج تغيير المناخ في سقوط أمطار غير متوقعة على دول أخرى مجاورة أو على بعد آلاف الكيلومترات؟
العديد من العلماء، وبينهم باحثون في جامعات أمريكية وأوروبية، يحذرون من التسرع في استخدام هذه التقنيات دون فهم شامل للتبعات. فتعديل الطقس يعني التدخل في نظام بالغ التعقيد، وما يبدو نافعًا في منطقة ما، قد تكون له عواقب كارثية في منطقة أخرى.
د. رامي الطاهر، أستاذ فيزياء الغلاف الجوي بجامعة القاهرة، علّق على سيول الإسكندرية قائلاً:
“التغيرات المناخية أصبحت أكثر عنفًا وتطرفًا. ولكن من المبكر أن نربط كل ظاهرة بتعديل الطقس أو الهندسة المناخية، إلا أن هذا الاحتمال يجب ألا يُستبعد، خاصة مع نشاط هذه البرامج عالميًا”.