في ثالث أيام سريان الهدنة الإنسانية في قطاع غزة، التي دخلت حيز التنفيذ يوم الجمعة الماضي، وعودة بعض سكان إلى منازلهم، بدأ حجم الكارثة الإنسانية والدمار الهائل الذي خلفه العدوان الإسرائيلي على القطاع يتكشف، خاصة في الشمال ومدينة غزة.
وتشن قوات الاحتلال حربًا شرسة ضد قطاع غزة منذ خمسين يوما راح ضحيتها قرابة الـ 15 ألف شهيد وآلاف الجرحى والمفقودين، علاوة على تدمير البنية التحتية وتدمير وهدم مئات آلاف المنازل والبنايات وتخريب الطرقات وتجريفها واستهداف المستشفيات وترحيل المصابين والجرحى وتهجير المواطنين من منازلهم عنوة وما زالت مستمرة.
أنابيب بلا غاز.. وسيارات بلا وقود
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”، أن آلاف المواطنين يصطفون في طوابير طويلة أمام إحدى محطات تعبئة وتوزيع الغاز المنزلي، كل منهم يحمل بيده أو يضع بجانبه أنبوبة غاز فارغة أو أكثر أملا في تعبئتها بعد انقطاعه عن المنازل في كافة مناطق قطاع غزة منذ خمسين يوما متواصلة.
وحرمت غزة من الغاز وأنواع الوقود والكهرباء كافة منذ بداية الحرب الإسرائيلية الشرسة المتواصلة منذ السابع من أكتوبر الماضي، الأمر الذي زاد من معاناة المواطنين فوق قساوة ظروفهم نتيجة الحرب والقصف ومنعهم من الحصول على لقمة عيش كريمة كباقي مواطني العالم.
وتكرر المشهد أمام محطات تعبئة الوقود، حيث مواطنون بمركباتهم وجالوناتهم اصطفوا أيضا طمعا في التزود بالوقود لتسيير أمور حياتهم من مواصلات أو حتى تشغيل مولدات كهربائية صغيرة من أجل التزود بالكهرباء لشحن بطارياتهم المنزلية وهواتفهم نتيجة انقطاع للكهرباء.
تحذير من انتشار الأمراض
وحذر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، التابع للأمم المتحدة، من أن خطر انتشار الأمراض المعدية على نطاق واسع يتهدد مليونا و700 ألف نازح داخل قطاع غزة، وأكد أن نحو 80% من سكان القطاع نزحوا من منازلهم.
وقال المكتب في بيان اليوم الأحد، إن نحو 896 ألف نازح يقيمون في 99 منشأة بالأجزاء الوسطى والجنوبية من قطاع غزة.
وأشار إلى تسجيل أعداد متزايدة من المصابين بأمراض مختلفة، مثل التهابات الجهاز التنفسي الحادة والإسهال والتهاب الجلد وغيرها من الأمراض المتعلقة بانعدام وسائل النظافة، بسبب الاكتظاظ وسوء الظروف الصحية في الملاجئ التابعة للأمم المتحدة التي تؤوي النازحين.
وأوضح المكتب الأممي أن ضيق المساحة داخل ملاجئ الإيواء في الجنوب يضطر معظم النازحين من الرجال والمراهقين إلى البقاء بالعراء في ساحات المدارس أو الشوارع خارج الملاجئ.
وبحسب البيان، فإن نحو 400 فلسطيني انتقلوا يوم الجمعة الماضي مع بدء الهدنة الإنسانية من مدينة غزة والمناطق الشمالية إلى الجنوب، عبر طريق صلاح الدين.
وأوضح مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أن الجوع هو السبب الرئيسي لهذا النزوح الجماعي، حيث لم يتلق سكان شمال غزة أي مساعدات غذائية منذ أسابيع.
في وقت سابق، أعلنت قوات الاحتلال الإسرائيلي أنها ستدخل خلال أيام الهدنة المستمرة منذ الجمعة ولمدة أربعة أيام بإدخال 130 ألف لتر من السولار وستكون للمؤسسات الدولية خاصة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، إضافة لأربع شاحنات من غاز الطهي.
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية، إنه “في الظروف الطبيعية والأيام العادية كان متوسط حاجة قطاع غزة من السلع يبلغ 500 شاحنة يوميا، إلى جانب الحاجة اليومية لـ 400 ألف لتر من البنزين والسولار وقرابة 400-450 طنا من غاز الطهي”.
يشار إلى أن قوات الاحتلال فرضت طوقا مشددا على قطاع غزة منذ بداية الحرب، وحرمت المواطنين في القطاع من الحصول على أدنى متطلبات الحياة اليومية، حيث منعت دخول الدواء والكهرباء والماء والوقود والغاز الأمر الذي فاقم معاناة المواطنين الذين يمرون بها من فقد وتشريد ونزوح وشح في المواد الأساسية والغذائية وحليب الأطفال والمستلزمات الطبية في محاولة منها لتنفيذ سياسة العقاب الجماعي التي حرمتها كل الشرائع والقوانين الدولية والعالمية.