ملفات وحوارات

“نزيف المليارات” في 16 هيئة اقتصادية يثير التساؤلات.. هل الحل في البيع؟

خلق الحساب الختامي لموازنات الهيئات العامة الاقتصادية للعام المالي 2022 /2023، جدلا واسعا، إذ  بيّن أن نشاط 16 هيئة منها، أسفر عن خسائر بلغت 14.4 مليار جنيه.

وأوضح خالد علام، ممثل الجهاز المركزي للمحاسبات، في كلمة أمام مجلس النواب، أن جملة الحسابات الختامية لموازنات 59 هيئة بلغت 3638.7 مليار جنيه، حققت 39 هيئة منها نحو 192 مليار جنيه أرباحا، فيما حققت 16 هيئة خسائر بلغت 14.4 مليار جنيه، مقابل 5 هيئات حققت توازنًا بين إيراداتها ومصروفاتها الجارية.

أبرز محققي الخسائر

وأضاف أن الخسائر تركزت في الهيئة الوطينة للإعلام بمبلغ 10.6 مليار جنيه، والهيئة القومية للأنفاق. وأشار علام إلى حصول بعض الهيئات على 468 مليار جنيه كمنح وإعانات ومساهمات من الخزانة العامة، لافتا إلى أن استمرار خسائر بعض الهيئات أدى إلى تراكم الخسائر المُرحلَّة، بنحو 219 مليار جنيه.

وسبق أن قال وزير المالية محمد معيط أن 96 بالمئة من خسائر الهيئات الاقتصادية في هيئتي السكة الحديد والهيئة الوطنية للإعلام، موضحا أن الدولة تمنح 220 مليون جنيه لـ”الوطنية للإعلام” شهريًا لدعمها.

تركزت الخسائر أيضا بشكل كبير في هيئة السكة الحديد، إذ كشف مدير عام القوائم المالية للهيئة أسامة عبد الرحمن، إنّ تغير سعر الصرف كان سببا رئيسيا في الخسائر، حيث دفعت الهيئة 3 مليارات دولار أقساطا وفوائد من إيرادات الهيئة، لافتا إلى أنها ستحقق خسائر في موازنة الهيئة للعام المالي الجديد 2024/2025 بقيمة 5.4 مليار جنيه.

وتابع أن “هناك قروضا محلية حصلت عليها الهيئة بقيمة 21 مليار جنيه، بالإضافة إلى 8 مليارات جنيه قروضا أجنبية، كما نستهدف الحصول على قروض بقيمة 16 مليار جنيه في العام المالي الجديد لتمويل الخطة الاستثمارية”.

ظاهرة غريبة ومتكررة

هذه الأرقام، دفعت عددا من النواب إلى مطالبة الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف الخسائر والعمل على إعادة هيكلتها، كما دعوا إلى اتخاذ إجراءات لاسترداد مستحقات الحكومة المتأخرة لدى الغير والتي بلغتي نحو 570 مليار جنيه مما يسهم في سد العجز، مع ضرورة العمل على تعظيم الموارد.

النائب محمد صلاح أبو هميلة، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري، يرى أن هذه الخسائر ظاهرة متكررة، ومن ثمّ يجب هيكلة هذه الهيئات لوقف الخسائر. واعتبر النائب أحمد بهاء شلبي، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب حماة الوطن أنّ أرقام الحساب الختامى “كلها تقول إنه الأسوأ على مدار السنوات الخمس الأخيرة”.

أما النائبة مارثا محروس، فتعتقد “أننا أمام ظاهرة غريبة تتنافي مع فسلفة إنشاء الهيئات الاقتصادية”، فخسائر الهيئات الاقتصادية في 2016 بلغت 28 مليار جنيه، والآن بلغت نحو 20 مليار جنيه، ومن ثمّ هناك ضرورة لوضع برنامج إصلاح يتضمن الحد من الاقتراض وتطوير الهيكل الإداري لهذه الهيئات، وترشيد الإنفاق لتقليل الخسائر ووقف النزيف الاقتصادي.

وتساءل النائب أيمن محسب: تقرير الجهاز يتضمن ملاحظات وتوصيات مهمة فلماذا لا تنفذ؟ ومن المسؤول عن عدم تنفيذها؟ مضيفا “يجب تفكيك هذه الهيئات وإعادة هيكلتها أو وتوزيعها على جهات أخرى لتعظيم مواردها”.

توصيات المركزي للمحاسبات

من جهته ردّ ممثل المركزي للمحاسبات بأن الجهاز كثيرا ما يوصي بوضع أولويات لأوجه الإنفاق المختلفة وصولا لترشيد الإنفاق العام وما يترتب عليه، ومواجهة زيادة النفقات لتخفيف الأعباء عن الموازنة العامة للدولة لأقل حد ممكن، وتحصيل الديون المستحقة للحكومة، واتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من الزيادة المستمرة في الدين العام الحكومي، وإصلاح الخلل في هياكل الجهات والهيئات التي تحقق خسائر مما يزيد قدرتها على مواجهة الأعباء.

وتعقيبًا على ذلك، قال وزير المالية محمد معيط، إن “المالية” تنفذ كثيرا من توصيات الجهاز المركزي للمحاسبات، ولا يعني عدم تنفيذ بعض الملاحظات عدم التزام الحكومة، على حد قوله.

وأكد معيط أن الدراسة التي أجرتها المالية بشأن إصلاح الهيئات الاقتصادية، انتهت إلى مكامن الخطورة في الهيئات واقتراحات الإصلاح، مع وضع توصيات لبعض الهيئات، موضحا أن هناك هيئات اقتصادية لا بد أن تعود خدمية عامة وبعضها “لا تصلح أن تكون خدمية ولا اقتصادية” ونرى دمجها.

الحكومة تجري تعديلات

الحكومة بصدد إجراء تعديلات علي قانون الهيئات الاقتصادية، وفقا للوزير معيط الذي أشار إلى أن “القانون المنظم يجري حاليا عليه بعض التعديلات لأنه منذ ما يقرب من 64 عاما ولم يجر عليه تعديلات، وبالتالي لم يعد صالحا لنستكمل به في عام 2024”.

بلغت التعليقات على تقرير المركزي للمحاسبات، إلى حد المطالبة ببيع الهيئات الخاسرة، أبرزها ما قاله الإعلامي عمرو أديب خلال برنامجه التلفزيوني، إذ أشار إلى أن تمسك الدولة بإدارة الهيئات الاقتصادية سيزيد من الأعباء المالية خاصة في ظل ما تحققه من خسائر.

وأضاف أن هناك الكثير من الهيئات الاقتصادية تتعرض لخسائر كبيرة ، ومن ثمّ “ينبغي أن تباع”.

وضرب أديب باستاد القاهرة مثلا، لكونه يتكبد خسائر كبيرة، قائلا “أي خطر على الأمن القومي إذا تم بيع استاد القاهرة؟ هناك نماذج كثيرة لهيئات تتمسك بها الدولة رغم أنها تتعرض لخسائر كبيرة”، مشيرًا إلى أن النتيجة الحتمية هي الوصول لمرحلة البيع، لأن التأخير يزيد الخسائر، وفق قوله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *