 
						تصدّر هاشتاج الزي الفرعوني منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة، بعدما انتشرت موجة من الصور والفيديوهات التي ظهر خلالها الفنانون والمشاهير بل وحتى نجوم الزمن الجميل الذين رحلوا، بإطلالات فرعونية مبهرة، في ظاهرة فنية وثقافية غير مسبوقة، تعكس مزيجًا من الفخر بالهوية المصرية والاحتفاء بتاريخ يمتد آلاف السنين.
الترند انطلق مع تزايد الزخم الإعلامي حول افتتاح المتحف المصري الكبير، والذي تفصلنا عنه ساعات قليلة، ليصبح خلال وقت وجيز ساحة رقمية شيقة لتجسيد رموز الحضارة المصرية في ثوب معاصر، حيث لجأ البعض إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي لتصميم صورهم بالملابس الفرعونية، فيما أجرى آخرون جلسات تصوير فعلية استوحوا فيها ملامح الملوك والملكات القدماء، ليعيدوا للأذهان هيبة الفراعنة وملامح القوة والجمال التي ميّزت تلك الحضارة المصرية الخالدة.
المشاهير الأحياء يعيدون سحر الفراعنة
شارك عدد كبير في الفنانين والفنانات في ترند الزي الفرعوني كلاً على شاكلته، حيث لفت الفنان شيكو الأنظار بصورة رقمية ظهر فيها على هيئة أحد ملوك الدولة الحديثة، بينما أطلت الفنانة هاجر الشرنوبي بإطلالة فرعونية كاملة حملت ملامح الملكة نفرتيتي، لتلقى إشادات واسعة على مواقع التواصل.

كما شاركت الفنانة هنا شيحة بصورة فرعونية راقية، استخدمت فيها الألوان الملكية الشهيرة بالذهب والأزرق اللازوردي، فيما فاجأت الفنانة مي عمر جمهورها بإطلالة فرعونية ساحرة ضمن جلسة تصوير خاصة، جسّدت فيها قوة الملكة حتشبسوت وأناقتها.
وأيضاً نشر الفنان أحمد زاهر صورة افتراضية ظهر خلالها بزي ملكي فرعوني متكامل، وشارك ابنه ليلى زاهر بتصميم مشابه، فيما تداول الجمهور صورًا رقمية للفنان محمد رمضان مرتديًا التاج الذهبي وقلادة “عنخ”، في إشارة إلى رمز الحياة الأبدية في الحضارة المصرية القديمة، وهو ما انسجم مع شخصيته المعروفة بحب التميز والجرأة في الطرح، كما نشر الفنان أحمد حلمي والفنانة منى ذكي والفنان أحمد السعدني صوراً لهم مرتديون زي الملك توت عنخ آمون، تعبيراً عن تقديرهم لقوة الحضارة المصرية
كما انضمت الإعلامية منى الشاذلي إلى موجة الترند بصورة فرعونية أنيقة انتشرت على نطاق واسع، فيما أعادت عارضة الأزياء كارلا حداد نشر صورة رقمية لها تجسد شخصية الملكة كليوباترا، مصحوبة بتعليق: “الفخر بالحضارة التي ألهمت العالم”،
الراحلون يعودون بثوب الملوك
ولم يتوقف الترند عند حدود الحاضر، بل امتد ليشمل رموز الفن الذين غابوا بأجسادهم وبقوا خالدين في وجدان الجمهور، فقد استعان رواد السوشيال ميديا بتقنيات الذكاء الاصطناعي لإعادة تشكيل وجوه كبار الفنانين الراحلين في هيئات فرعونية مدهشة.
ظهرت سعاد حسني في صورة رقمية ترتدي تاج نفرتيتي وقلادة منقوشة بالهيروغليفية، بينما أطلت فاتن حمامة بملامح ملكة فرعونية رصينة تشبه حتشبسوت، وأعيد تقديم عبد الحليم حافظ في هيئة ملك شاب يحمل الصولجان والتاج المزدوج رمزًا لوحدة القطرين، كما تداول الجمهور صورًا للفنان رشدي أباظة بملابس فرعونية تليق بكاريزمته، وأخرى للفنانة شادية بخصل شعر ذهبية تتوسطها زهرة اللوتس، أحد رموز الجمال والخلود في مصر القديمة.


كما انتشرت صورة رقمية للفنان عمر الشريف بملامح فرعونية تجمع بين القوة والهيبة، لتتصدر قوائم البحث وسط إشادات بوصفه “ملك الشاشة المصرية في كل العصور”.
كل هذه الصور أعادت للأذهان رمزية الفن المصري الخالد، وأكدت قدرة التكنولوجيا الحديثة على إحياء الذاكرة الثقافية عبر أدوات معاصرة، إذ رأى كثيرون فيها جسرًا بين التاريخ والإبداع، يجمع بين عبقرية القدماء وسحر رموز الفن الحديث.




بين الفخر بالهوية ومواكبة العصر
عدد من خبراء السياحة والآثار، علقوا على انتشار الترند بأنه يعكس تحولًا في الوعي الجمعي المصري، حيث لم يعد الزي الفرعوني مجرد مظهر تاريخي، بل أصبح رمزًا للاعتزاز بالهوية في عصر الرقمنة والذكاء الاصطناعي، ومع اقتراب افتتاح المتحف المصري الكبير، وجد الجمهور في الهاشتاج وسيلة غير تقليدية للتعبير عن فخرهم الوطني وتفاعلهم مع الحدث الثقافي الأهم في القرن الحادي والعشرين.
في الوقت ذاته، أعاد هذا الزخم تذكير العالم بأن مصر ما زالت قبلة للفن والموضة والحضارة، فالإطلالات الفرعونية سبق أن استلهمتها نجمات عالميات مثل ريهانا وبيونسيه وكيم كارداشيان وكاتي بيري، اللواتي ظهرن في فساتين تحمل رموزًا فرعونية ضمن عروض أزياء وأعمال فنية عالمية، واليوم، يعود المصريون ليقدّموا صورتهم بأنفسهم، في مشهد يؤكد أن الفرعونية ليست تراثًا جامدًا، بل هوية متجددة تتحدث بلغة العصر.
رمزية فنية وحس إنساني
ويرى عدد من الكتاب المسرحيين والسينمائين أن إعادة تخيل الفنانين الراحلين بالزي الفرعوني ليست مجرد تجربة جمالية، بل تحمل رسالة وجدانية عميقة، مفادها أن الفن لا يموت، وأن رموز الإبداع المصرية سواء من عصور الفراعنة أو من القرن العشرين يظلون مصدر إلهام يتجاوز حدود الزمن.
وأكدوا إن الظاهرة تعكس تلاقي الذاكرة المصرية عبر العصور، موضحًا أن استدعاء الراحلين في هيئة ملوك الفراعنة يمثل “تحية رقمية راقية تربط بين المجدين: مجد الفن ومجد التاريخ”، مؤكدًا أن “الذكاء الاصطناعي في هذه الحالة لم يسرق الواقع، بل أضاف إليه بعدًا من الخلود الفني”.
الفرعونية الجديدة.. فخر يتجدد بإستمرار
في النهاية، يبقى ترند الزي الفرعوني شاهدًا على أن المصريين قادرون على تحويل التراث إلى لغة معاصرة، تمزج بين التاريخ والفن والتكنولوجيا، فبين من جسّد ملامح نفرتيتي ومن استحضر هيبة رمسيس أو وقار حتشبسوت، رسمت السوشيال ميديا لوحة رقمية من الفخر والانتماء، تؤكد أن روح مصر القديمة ما زالت تنبض في وجدان أبنائها بالحاضر والماضي، بالحلم والذاكرة، وبالذهب الذي لا يصدأ.

 
                




