
تعتزم الحكومة ضم عدد من شركات قطاع الأعمال العام إلى برنامج الطروحات الذي يجري تنفيذه ضمن خطة إصلاح الاقتصاد، وفقا لرئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، الذي جدد التأكيد على أن هناك فرصًا كبيرة للشركات التابعة لقطاع الأعمال العام؛ سواء للطرح العام بالبورصة المصرية، أو لمستثمر استراتيجي.
جهود كبيرة
وفي هذا الإطار، شدد رئيس الوزراء على أهمية استدامة هذا البرنامج كجزء من الاستراتيجية الوطنية للتحول الاقتصادي، مشيرًا إلى أن الحكومة على يقين كامل بأن هذا البرنامج يعد من الأدوات الفعالة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر. وأوضح أن الطروحات لا تقتصر فقط على البيع أو الاستحواذ، بل تشمل مجموعة واسعة من الإجراءات التي تهدف إلى تحسين أداء الشركات الحكومية ورفع كفاءتها التشغيلية من خلال التعاون المستمر مع مؤسسات متخصصة في تعزيز معايير الحوكمة والشفافية.
كما أضاف أن الحكومة تواصل العمل على تحسين بيئة الاستثمار، مشيرًا إلى أن هناك اهتمامًا كبيرًا بتطوير الشركات التابعة لقطاع الأعمال العام من خلال إجراء تقييمات دقيقة لكفاءة هذه الشركات ومؤشرات أدائها. وحسب ما ورد في الاجتماع، فإن الحكومة تسعى إلى تحديد الوقت الأنسب لطرح الشركات في السوق المحلي أو نقل ملكيتها إلى مستثمرين استراتيجيين، بما يضمن تحقيق أعلى العوائد الاقتصادية.
وأشار كذلك إلى أن برنامج الطروحات يتماشى مع الخريطة الزمنية المعدة، والتي تعتمد على جاهزية الشركات وتوافر الظروف المناسبة سواء على الصعيد المحلي أو الدولي. وتابع مدبولي أن الحكومة ستستمر في تنفيذ البرنامج وفقًا للمتغيرات الاقتصادية والمالية، بما يعزز من دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني ويحقق الاستقرار المالي على المدى الطويل.
من جهته، أفاد المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الوزراء، بأن الاجتماع تناول مراجعة سير العمل في برنامج الطروحات الحكومية. ولفت الحمصاني إلى أنه تم استعراض أبرز ما تحقق من طروحات منذ بداية البرنامج، مع التأكيد على أنه سيتم طرح مزيد من الشركات في هذا العام في إطار سعي الحكومة المستمر لتوسيع قاعدة الملكية في الاقتصاد المصري.
وأضاف الحمصاني أن الحكومة ماضية في خطة جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، بما يسهم في ضخ المزيد من الأموال في السوق، مما يساعد على تحسين وضع الاقتصاد المصري في الأجلين المتوسط والطويل. وذكر أن الحكومة تتطلع إلى إشراك القطاع الخاص في عدد من المشاريع الكبرى التي ستعزز من قدرة الدولة على تلبية احتياجاتها التمويلية وزيادة قدرتها التنافسية.
لجنة للحصر
وذكرت تقارير أن صندوق مصر السيادي شكل لجنة لحصر جميع الشركات الحكومية بغرض ضمها إلى الصندوق خلال الفترة المقبلة، من بينها شركات قطاع الأعمال، وكذلك المملوكة لبنك الاستثمار القومي، وجهات أخرى. وستبدأ اللجنة أولا بتصنيف الشركات من الأسهل للضم إلى الأصعب على حسب الإجراءات المطلوبة، لتسريع وتيرة أعمال الحصر التي من المقرر الانتهاء منها بنهاية الربع الثانى من العام الجاري. على أن تُضم الشركات المحصورة إلى صندوق “ما قبل الطروحات” ضمن خطة إعادة الهيكلة التى يتم إجراؤاها لصندوق مصر السيادى نفسه، وجميع الصناديق المنبثقة منه وعلى رأسها “ما قبل الطروحات”، إلى جانب تغيير استراتيجية عمله.
وقال مسؤول حكومي لوكالة “سي.إن.إن” إن الحكومة تدرس حاليا نقل ملكية بعض الشركات إلى الصندوق السيادي المصري، وأن هذه الإجراءات ستبدأ في الربع الثاني من العام الجاري (أبريل – يونيو 2025). وأوضح المسؤول أن هذه الخطوة تأتي ضمن خطة الحكومة لتمكين الصندوق السيادي من إدارة شركات الدولة بشكل أكثر فاعلية، مع الحرص على تقديم هذه الشركات للمستثمرين المحليين والدوليين في إطار برنامج الطروحات.
ووفقًا لما جاء في وثيقة الشركات المملوكة للدولة الصادرة في سبتمبر 2024، فإن الحكومة تمتلك 709 شركات تتوزع عبر 33 جهة حكومية. وأشارت الوثيقة إلى أن حوالي 163 شركة منها تشكل نسبة كبيرة من حصة الدولة بنسبة تتجاوز 75%. ووفقًا للوثيقة نفسها، فإن حوالي 373 شركة تحقق أرباحًا، بينما 138 شركة أخرى تسجل خسائر.
وتسعى الحكومة إلى استكمال خطة الطروحات بالتعاون مع الصندوق السيادي، حيث يهدف الأخير إلى جذب مستثمرين جدد لشركات القطاع العام. وأوضح المسؤول أن النصف الثاني من عام 2025 سيكون محط الأنظار في ما يتعلق بالطرح المرتقب لشركات جديدة ضمن هذا البرنامج، حيث ستتم مراجعة الشركات المستهدفة لضمان استدامة العوائد المالية.
وفي تصريحات سابقة، كان وزير المالية المصري السابق، محمد معيط، قد أشار إلى أن الحكومة تستهدف جمع نحو 6.5 مليار دولار من خلال برنامج الطروحات بحلول نهاية عام 2024، بما يتماشى مع استراتيجية الحكومة لتحسين الوضع المالي والاقتصادي. إلا أن الحكومة قررت إجراء بعض التعديلات على البرنامج ليشمل طروحات إضافية تساهم في تنشيط سوق المال.
وتسعى الحكومة المصرية أيضًا إلى بيع حصص في أربع شركات حكومية أو أكثر بقيمة 3.6 مليار دولار خلال العام المالي 2024-2025، وذلك تماشيًا مع التزاماتها لصندوق النقد الدولي. وفي هذا السياق، صرح وزير المالية بأن حصيلة هذه الطروحات ستُستخدم في تقليص الدين العام وتحسين وضع الدولة المالي، بالإضافة إلى تعزيز تدفقات النقد الأجنبي.
وبحسب تقرير صادر عن مجلس الوزراء في أغسطس 2024، جمعت مصر حوالي 29.7 مليار دولار من خلال تنفيذ 18 صفقة تخارج وبيع حصص في شركات حكومية منذ بداية برنامج الطروحات في مارس 2022. وأوضح التقرير أن الحكومة حققت نسبة نجاح تزيد عن 288% من مستهدفاتها الأولية من البرنامج، خاصة بعد صفقة رأس الحكمة التي لعبت دورًا كبيرًا في تحقيق هذه العوائد.
إدراج في البورصة
وفي إطار التعديلات المرتقبة، تبحث البورصة المصرية مع الحكومة إمكانية إدراج شركات الطروحات من خلال الاكتتاب العام، بدلاً من بيعها مباشرة لمستثمرين استراتيجيين. وأوضح أحمد الشيخ، رئيس بورصة مصر، في تصريحات صحفية أن الحكومة بصدد إجراء تعديلات تشريعية لتسهيل عملية الطرح في السوق، مؤكدًا أهمية التنسيق مع وزارة الاستثمار لضمان نجاح هذا النوع من الطروحات.
تعليقا على ذلك، أكدت راندا حامد، عضو مجلس إدارة البورصة المصرية، أن طرح الشركات الحكومية في البورصة جزء من خطة الإصلاح الاقتصادي الهادفة إلى دعم الاستثمارات الوطنية والأجنبية. وأضافت في تصريحات صحفية أن البورصة جاهزة لاستيعاب هذه الطروحات بشرط توفير الظروف الملائمة من حيث التخطيط الجيد والتسعير التنافسي، مشيرة إلى أن الطرح العام يجب أن يتضمن حوافز لجذب المستثمرين، مثل تخصيص حصة أكبر من الأسهم المطروحة للجمهور.