
برنامج البكالوريوس يؤهل كوادر مصرفية رقمية ومتخصصة..
في خطوة استراتيجية تعكس رؤية واضحة لدعم القطاع المالي في مصر، كشف البنك المركزي المصري، تحت قيادة المحافظ حسن عبد الله، بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات والمعهد المصرفي المصري (EBI)، عن إطلاق أول برنامج بكالوريوس متخصص في العلوم المصرفية، بدءًا من العام الدراسي 2025/2026 في عدد من كليات التجارة بالجامعات المصرية.
ويعد هذا البرنامج الأول من نوعه في تاريخ التعليم المصرفي في مصر، إذ يجمع بين التعليم الأكاديمي، التدريب العملي، وتنمية المهارات الرقمية اللازمة لمواكبة التحولات السريعة في القطاع المالي.
يأتي البرنامج في وقت يواجه فيه القطاع المالي تحديات غير مسبوقة، تتعلق بالتحول الرقمي المتسارع، تطوير المنتجات والخدمات المصرفية، إدارة المخاطر، ومتطلبات الشمول المالي، ما يجعل تأهيل كوادر مصرفية شابة ومرنة ضرورة استراتيجية.
وأكد محافظ البنك المركزي المصري، حسن عبد الله، خلال مؤتمر إطلاق البرنامج، نؤمن أن الاستثمار في الشباب ليس خيارًا، بل استراتيجية طويلة الأمد، ومن خلال هذا البرنامج نعد جيلًا جديدًا من المصرفيين قادر على مواجهة التحولات الاقتصادية والرقمية بثقة ومهارة.
وأضاف البرنامج يمثل دمجًا حقيقيًا بين التعليم النظري والتدريب العملي، ويؤهل الطلاب لاكتساب مهارات عالمية في الشمول المالي والخدمات المصرفية الرقمية وإدارة المخاطر، مما يضمن جاهزيتهم للعمل الفوري والمساهمة في التنمية الاقتصادية.
ويستهدف البرنامج إعداد طلاب قادرين على مواجهة متطلبات سوق العمل المصرفي الحديث، حيث يجمع بين المعرفة الأكاديمية والتدريب العملي داخل البنوك والمؤسسات المالية، مع التركيز على القيم المهنية والأخلاقية.
ويغطي البرنامج موضوعات أساسية تشمل الشمول المالي والخدمات المصرفية الرقمية، التكنولوجيا المالية والابتكار المصرفي، إدارة المخاطر واللوائح التنظيمية، الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، بالإضافة إلى التحول الرقمي وتكنولوجيا البنوك.
ويأتي البرنامج استجابة للتحديات التي تواجه سوق العمل المصرفي في مصر، حيث أشار خبراء اقتصاديون إلى أن البرنامج سيساهم في سد فجوة الكوادر المؤهلة، وتحسين جودة الخدمات المالية، وتعزيز الشمول المالي، وتطوير الخدمات المصرفية الرقمية، بما يدعم الاقتصاد الوطني على المدى الطويل.
ويضم البرنامج قسمًا متخصصًا في تكنولوجيا البنوك، حيث سيتيح للطلاب تعلم المهارات الرقمية المتقدمة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، تحليل البيانات، وأمن المعلومات المصرفية، ويرى خبراء أن إدماج تكنولوجيا البنوك في التعليم الجامعي يمثل خطوة نوعية لتعزيز قدرات البنوك على الابتكار، تحسين الكفاءة التشغيلية، وتقديم خدمات مالية مبتكرة، وهو ما يمثل تحولًا حقيقيًا في قدرات القطاع المصرفي المصري.
ويشترط البرنامج للالتحاق به أن يكون الطلاب من المرشحين لكلية التجارة بجامعة عين شمس من خلال مكتب التنسيق، أو الطلاب المحولين من كليات التجارة بالجامعات الحكومية، بالإضافة إلى اجتياز اختبار تحديد مستوى اللغة الإنجليزية والسمات الشخصية الذي ينظمه المعهد المصرفي المصري.
أما المصروفات الدراسية، فهي 1500 جنيه رسوم تسجيل مبكر، و95,000 جنيه للعام الدراسي، تُسدد على أقساط، وهو ما اعتبره الخبراء استثمارًا طويل الأمد في رأس المال البشري، يضمن تخريج كوادر مصرفية مؤهلة ومتخصصة قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية وتحقيق النمو المستدام.
ويرى نور البدوي الخبير الاقتصادي، أن البرنامج يمثل دعامة أساسية للنمو الاقتصادي، حيث يتيح للقطاع المصرفي المصري كوادر شابة مؤهلة لتطوير المنتجات المالية، إدارة المخاطر، وتحليل البيانات المالية بكفاءة.
وأضاف أن التركيز على التدريب العملي والتكنولوجيا المالية سيزيد من تنافسية البنوك المصرية على المستوى الإقليمي والدولي، ويخلق فرص عمل جديدة للشباب، ويعزز قدرة القطاع المالي على مواجهة التحديات الاقتصادية.
ويولي البرنامج اهتمامًا خاصًا بتمكين الشباب والمرأة، من خلال توفير مسارات تدريبية مخصصة لتأهيل الطالبات للعمل في مجالات الابتكار المالي والتقني، بما يعكس الالتزام برؤية مصر 2030 في دمج الشباب والمرأة في سوق العمل، وتعزيز التنمية المستدامة. ويرى محللون أن هذه المبادرة تمثل نموذجًا رائدًا للاستثمار في رأس المال البشري وربط التعليم بسوق العمل، وهو ما يعزز الاستقرار المالي ويعطي دفعة قوية للابتكار داخل القطاع المصرفي المصري.
ويتوافق البرنامج مع الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي، ومع رؤية مصر 2030 التي تركز على تطوير التعليم وربطه بسوق العمل، وتعزيز الكفاءات الوطنية في القطاعات الحيوية.
ويؤكد البرنامج على أن تطوير رأس المال البشري المتخصص هو أساس التحول الرقمي في القطاع المالي، ويسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز استقرار النظام المصرفي على المدى الطويل، كما أن دمج المعرفة النظرية مع التدريب العملي، بالإضافة إلى التركيز على التكنولوجيا المالية والابتكار، يشكل نموذجًا مثاليًا لخلق كوادر مصرفية شابة قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية بثقة وكفاءة.
وبالنسبة للجانب العملي، يتيح البرنامج للطلاب فرص تدريب مكثف داخل البنوك المصرية، ما يعزز من جاهزيتهم المهنية ويقلل فجوة المهارات بين التعليم وسوق العمل، وتشمل التجربة العملية تدريبًا على الخدمات المصرفية الرقمية، إدارة المخاطر، التحليل المالي، وإطلاق مشاريع مبتكرة ضمن بيئة مصرفية حقيقية. ويعتبر هذا الدمج بين الدراسة الأكاديمية والتدريب العملي خطوة غير مسبوقة، حيث يتيح للطلاب تطوير مهاراتهم بشكل عملي ويجهزهم للعمل بكفاءة منذ اليوم الأول.
ويعكس البرنامج رؤية البنك المركزي المصري في الاستثمار طويل الأمد في رأس المال البشري، ودوره الرائد في دعم التعليم المصرفي وربط الكوادر الشابة بسوق العمل، كما أنه سيخلق تأثيرًا إيجابيًا ملموسًا على مستوى القطاع المصرفي، من حيث جودة الخدمات، القدرة على الابتكار، وتقديم حلول مالية متقدمة تتوافق مع التحولات الرقمية المتسارعة في السوق المحلي والإقليمي.
ويمثل إطلاق برنامج البكالوريوس في العلوم المصرفية خطوة استراتيجية غير مسبوقة من البنك المركزي المصري، لتأهيل جيل جديد من المصرفيين القادرين على قيادة القطاع المالي نحو التحول الرقمي، تعزيز الابتكار المالي، ودعم النمو الاقتصادي المستدام.