ملفات وحوارات

منح الجنسية المصرية للأجانب مقابل الدولار يثير ضجة كبرى.. ما المخاوف المطروحة؟

قوبل قرار رئيس الوزراء بتخفيف شروط حصول الأجانب على الجنسية المصرية في مقابل ودائع بالدولار الأمريكي،بموجة من الجدل بين مرحّبٍ ومنتقد.

وكان مجلس النواب قد أقر في عام 2018، قانونا يسمح للأجانب بطلب الحصول على الجنسية مقابل وديعةمصرفية، لكن بموجب القرار الجديد، يجوز لرئيس الوزراء منح الجنسية لطالبها في حال انطبقت عليه الشروط ودفعمبالغ مالية تتراوح بين 100 إلى 500 ألف دولار حسب كل حالة من أربع حالات حددها القانون.

في الحالة الأولى من القانون، تُمنح الجنسية لمن يشتري عقارا مملوكا للدولة أو لغيرها من الأشخاص الاعتباريةالعامة بمبلغ لا يقل عن 300 ألف دولار، وفي الثانية تمنح لمن ينشئ أو يشارك في مشروع استثماري لا يقل عن 350 ألف دولار، مع إيداع 100 ألف دولار كإيرادات مباشرة بالعملة الأجنبية تؤول للخزانة العامة للدولة ولا ترد.

أما في الحالة الثالثة فتمنح بـإيداع مبلغ 500 ألف دولار أميركي كوديعة يتم استردادها بعد مرور ثلاث سنواتبالجنيه المصري بسعر الصرف المعلن وقت الاسترداد، ودون فوائد، وطبقا للحالة الرابعة تمنح لمن يودع 250 ألفدولار كإيرادات مباشرة بالعملة الأجنبية تؤول إلى الخزانة العامة للدولة ولا ترد.

وبحسب نصر القرار المنشور في الجريدة الرسمية، لم يعد تحويل المبلغ من الخارج شرطًا، بل أصبح من الجائز أيضاأن يسدد المبلغ من داخل مصر، بشرط سابقة دخوله من منفذ جمركي وأن يكون قد تم إثباته. كما يتيح القرارتقسيط هذا المبلغ خلال سنة، مع منح المشتري وثيقة إقامة للسياحة خلال تلك الفترة، ومن ثم منحه الجنسية بعدسداد المبلغ بالكامل.

وعلى موقع التواصل احتدم الجدل، إذا يرى مستخدمون أن في القرار نفعًا لفئات مختلفة كالفنانين الذين يواجهونعراقيل متعددة عندما يتعلق الأمر بتنظيم إقامة حفلات أو المشاركة في نشاط فني، إذ من شأن الحصول علىالجنسية المصرية أن تذلل الكثير من المصاعب التي تواجههم، فيما يرى آخرون أنه ليس محفزا لمن هم خارج مصربقدر ما هو محفز لمن يعمل بداخلها كرجال الأعمال السوريين والعراقيين وغيرهم، وأن الحصيلة المتوقعة فيالإجمال لن تمثل فارقا كبيرا من الناحية المالية.

المحامي خالد أبوبكر، كان من أبرز الرافضين للقرار، فقد تساءلكيف يسمح البرلمان لرئيس الوزراء أن يتحكمبقراراته في قواعد منح الجنسية المصرية؟، وقال إنه سيظل دائما ضد منح الجنسية المصرية مقابل أموال، إذيكفي لأي مستثمر أن نمنحه الإقامة الدائمة هو وأسرته، معللا ذلك بأنّالمصريين أصل واحد وعرق واحد،والمساس بهذه الهوية، أمر لو تعلمون عظيم“.

وفيما يتعلق بتساؤل أبو بكر، يرد العميد السابق لكلية الحقوق بجامعة القاهرة، محمود كبيش بالقول إنمجلسالوزراء لا يصدر قوانين وانما يقدم اقتراحات بمشروع قانون، ويقول إنما يصدر عن مجلس الوزراء لا يسمى قانوناوإنما قرارا“. ويؤكد كبيش أن البرلمان يسنالقانونويصدره رئيس الجمهورية بعد ذلك.

ويبدو كبيش متحمسًا للقرار، إذ يرى أنمنح الجنسية لمن يساهم في الاستثمار بالدولة في حدود معينة ليسابتكارا مصريا ولكن الأمر معمول به في قوانين دول متقدمة، وفقا لضوابط. ويضيف في تصريحات صحفية أنهذهالدول لا تمنح الجنسية مباشرة لمجرد الاستثمار وإنما تمنح الإقامة الدائمة التي تنتهي بالجنسية إذا توافرت شروطوضوابط أخرى واعتبارات تحددها القوانين“.

من جهته، يقول الخبير الاقتصادي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أحمد النجار، في تصريحاتصحفية إن مصر عرفت تاريخيا بأنها بلد يستوعب كل من يطأ أرضه، مضيفا أنه لا يتفق كثيراً مع فكرة التشدد في منحالجنسية المصرية.

المشكلة في نظر النجار ليست في منح الجنسية لمن يستوفي الشروط، بل في فكرة تحول الحصول عليها إلى تجارةقد يتم خلالها التغاضي عن الكثير من الاشتراطات التي كانت مفروضة من قبل بسبب الاحتياج للعملة الأجنبية. أمافكرة منح الجنسية للأجانب في حد ذاتها، فهناك دول عديدة تمنح جنسيتها لآخرين في مقابل استثمارات مالية أمرليس بالجديد، وأن قواعد المنح معمول بها في دول مختلفة ومنها تركيا والبرتغال وعدد من دول الكاريبي، لكنالنجار يرى أنه إن كان مثل هذا الإجراء يُطبق في دول أوروبية فإن أوروبا ليست هي المعيار الوحيد للعالم لتقويمالصح من الخطأ، وليس معنى ذلك أن الأمر جيد فقط لأن البرتغال أو مالطا تفعلانه.

وتسعى مصر عبر تلك القرارات إلى زيادة مواردها بالدولار في ظل نقص حاد للعملة الخضراء وارتفاع لمعدلالتضخم إلى مستويات قياسية. ويرى الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب، أن للقرار فوائد اقتصادية تجذبالمستثمر الذي يريد التمتع بالجنسية، مشيرا إلى أن هناكمردودا اقتصاديا مقبولا للقرار خاصة فيما يتعلقبتشجيع وزيادة حوافز الاستثمار“. بل إن المستثمر سيضخ المزيد من الاستثمارات ولن يحول أرباحه إلى الخارج، مادام يشعر بالأمن.

ومن فوائد القرار في رأيه، أنه يجعلالعقار المصريأكثر جاذبية لمن يريد التمتع بالجنسية، معتبرا ذلكالجانبالأكثر أهمية على المستوى الاقتصادي، فالهدف الأساسي منه هوتسويق العقارات المصرية الفخمة الفارهةمرتفعة الثمن والتي تبنيها الدولة وقد تكون باهظة الثمن بالنسبة للمواطنين المصريين البسطاءعلى حد تعبيره.

لكن النجار يختلف معه في ذلك، إذ يقولليس لدي هذا الوهم على الإطلاق (أن يتم ضخ دولارات لمصر بسببالقرار)، فهناك أزمة خانقة فيما يتعلق بالعملة الأجنبية في مصر والسبب الرئيسي فيها هو سياسات الدولة وليسشيء آخر“. وأضاف أنالمشكلة في السياسات الاقتصادية التي تنتهجها الدولة والتي جعلتنا نصل إلى ما نحن فيهاليوم، وبالتالي حلول من هذه النوعية لن تشكل رافدا للعملة للاقتصاد وإنما الأمر هو مجرد فكرة طرأت للبعضورأى أحدهم أنها قد تمثل إضافة بشكل ما، لكنها لن تشكل عامل إنقاذ ولا مخرجا من المشكلة الاقتصادية“.

يتخوف الكاتب والمحلل السياسي، مجدي حمدان، من احتمال أن تكون للقرار توابع سلبية مستقبلا، فقد يؤثر علىالأمن القومي للبلاد، ويخل بتركيبة وتجانس المجتمع المصري، كما قد يضر بالاقتصاد في حالاستحواذالمستثمرعلى عقارات وإجراء مضاربات لاحقة تؤثر على المواطن البسيط. لذلك يشدد على ضرورة أن تضع الحكومة ضوابط أومحددات بشأن منح الجنسية للأجانب، محذرا من إمكانيةاستغلال البعض ذلك التجنيس لتحقيق مآرب غيرقانونية“. وحذر كثيرون من حصول مواطني بعض الدول المتخاصمة مع مصر على الجنسية المصرية.

عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، وليد جاب الله، يرد على ذلك بالقول إنالقرار يفيد الاقتصادالمصري دون الإضرار بالأمن القومي للبلادويضيف أنهلن تتم الموافقة على جميع الطلبات الخاصة بالحصولعلى الجنسية حتى لو انطبقت على المتقدم جميع الشروط، إلا في حال التأكد من عدم الإخلال بالأمن القومي للبلاد“.

ويرى جاب الله أنهلا داعي لتلك الضجة فالقرار مرتبط بقانون تم إصداره سابقا من قبل البرلمانويؤكد أنالحكومة ستراجع جميع الطلبات وتمنح الجنسية لمن ينطبق عليهمالشروط التي لا تخل بالأمن القومي، ولنتمنحها لآخرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *