بدت ملامح الصراع الأمريكي الروسي تتخذ منحى جديدًا تنعكس آثاره على ما تبقى من مواءمات الحرب الباردة، والتي حرصت خلالها واشنطن على وضع بعض الأُطر السياسية التي ترجح كفة الغرب وتضع مزيدًا من القيود على موسكو.
السعودية وأمريكا تدعوان طرفي الصراع في السودان لاتفاق جديد لوقف إطلاق النار
روسيا التي دخلت حربًا في أوكرانيا للتخلص من هذه القيود، وجدت نفسها أمام خيارات محدودة في التعامل مع النفوذ الغربي المُحيط بحدودها، لتبدأ رحلة من البحث في دفاترها القديمة، وتحديدًا زمن الحرب الباردة، لنسف بعض المعاهدات والاتفاقات المُسببة لتلك القيود.
وخلال هذه المساعي، انسحبت روسيا رسميا، اليوم الثلاثاء، من معاهدة القوات المسلحة التقليدية في أوروبا التي وُقِّعت 1990، إذ أكدت وزارة الخارجية الروسية أن هذه المعاهدة أصبحت “من التاريخ”، خاصةً وأنها “أُبرِمت في نهاية الحرب الباردة عندما بدا تشكيل هيكل جديد للأمن العالمي والأوروبي على أساس التعاون أمرًا ممكنًا”، على حد وصفها.
وحمّلت روسيا الولايات المتحدة مسؤولية تقويض الأمن في حقبة ما بعد الحرب الباردة بتوسيع حلف شمال الأطلسي “الناتو”، إذ قالت إن “الدفع الأمريكي باتجاه توسيع حلف شمال الأطلسي أدى إلى قيام دول الحلف “بالتحايل علانية” على القيود التي تفرضها المعاهدة على الحلف.
وأضافت الوزارة: “حتى الحفاظ الرسمي على معاهدة القوات التقليدية في أوروبا أصبح غير مقبول من وجهة نظر المصالح الأمنية الأساسية لروسيا”، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها لم يصدقوا على معاهدة القوات التقليدية في أوروبا المعدلة لعام 1999.
ووضعت المعاهدة الأمنية التاريخية قيودًا على فئات رئيسية من القوات المسلحة التقليدية بالقارة الأوروبية، يُمكنها التحقق من فئات المعدات العسكرية التقليدية التي يمكن لحلف شمال الأطلسي وحلف وارسو آنذاك نشرها، حسب رويترز.
وكانت المعاهدة تهدف إلى منع أي من طرفي الحرب الباردة من حشد قوات لشن هجوم سريع ضد الطرف الآخر في أوروبا، لكنها لم تحظ بشعبية في موسكو لأنها أضعفت تفوق الاتحاد السوفيتي في الأسلحة التقليدية.
وعلقت روسيا مشاركتها في المعاهدة عام 2007 وأوقفت مشاركتها الفعالة فيها عام 2015، ثم وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد أكثر من عام من الحرب الروسية الأوكرانية مرسومًا ببطلان المعاهدة.