
أكد الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، أن التعاون بين مصر والمملكة العربية السعودية في قطاع الحديد والصلب يمثل نموذجًا واعدًا للتكامل الصناعي الإقليمي، يسهم في تعزيز الأمن الصناعي العربي وبناء اقتصاد قوي قادر على مواجهة التحديات العالمية.
جاء ذلك خلال مشاركة الوزير في الجلسة الوزارية بعنوان “تمكين توطين سلسلة قيمة الحديد بدعم النمو الاقتصادي وتنوع مصادر الدخل”، ضمن فعاليات المؤتمر السعودي الدولي الثالث للحديد والصلب المنعقد في العاصمة الرياض، بمشاركة المهندس بندر الخريف، وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي.
وأوضح الوزير أن التعاون المصري السعودي في قطاع الصلب يمكن أن يحقق الاكتفاء الذاتي الإقليمي من المنتجات الاستراتيجية، ويخفض تكاليف الإنتاج من خلال التكامل الرأسي، كما يعزز القدرة التنافسية للمنتجات العربية في الأسواق العالمية، مشيرًا إلى أن هذا التعاون يشكل خيارًا استراتيجيًا لتعزيز الأمن الصناعي وبناء شراكة عربية قادرة على تحقيق الازدهار المشترك للشعبين.
وتطرق الوزير إلى تداعيات اتفاق إنهاء الحرب في غزة، مؤكدًا أنه يمثل فجرًا جديدًا للشرق الأوسط، ويفتح الباب أمام مرحلة إعادة الإعمار التي ستعتمد بشكل كبير على الحديد والصلب، لافتًا إلى أن مصر ستواصل دعمها للأشقاء في غزة بالمنتجات الحديدية اللازمة لإعادة البناء.
وأكد الوزير أن صناعة الحديد والصلب تمثل ركيزة أساسية للاقتصاد المصري ومحورًا رئيسيًا في تنفيذ خطط التنمية الصناعية والعمرانية للدولة، مشيرًا إلى أن الحكومة المصرية، بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي، تبنت رؤية وطنية متكاملة لتطوير هذه الصناعة تعتمد على تعميق التصنيع المحلي، وتحسين تنافسية المنتج المصري، وتحقيق التكامل الإقليمي مع الدول الشقيقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
وأشار الوزير إلى أن مصر تمتلك اليوم بنية تحتية صناعية متطورة وطاقة إنتاجية مؤهلة للتوسع في التصدير، مدعومة بسياسات واضحة لتوطين الصناعات المغذية وتحسين توافر الطاقة والمواد الخام، إلى جانب تبني تكنولوجيات الإنتاج الأخضر والمستدام، مؤكدًا أن المشاركة في المؤتمر تعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وتوحد الرؤية نحو بناء صناعة عربية قوية قادرة على المنافسة عالميًا.
واستعرض الوزير الخطوات التي تتخذها الحكومة لضمان استدامة وتنمية صناعة الحديد والصلب، من بينها توطين صناعة البيليت لتقليل فاتورة الاستيراد وتخفيف الضغط على النقد الأجنبي، وطرح رخص جديدة للإنتاج بطاقة 1.2 مليون طن، فضلًا عن الإعداد لمبادرة قومية لتجميع خردة الحديد من مصادر متنوعة كمورد محلي مستدام.
كما أشار إلى أن الدولة تعمل على مراجعة أسعار الغاز والكهرباء للقطاع الصناعي لضمان تنافسية الإنتاج المحلي، في ظل حوار مستمر بين الحكومة والمصنعين للوصول إلى آليات تحقق التوازن بين تكلفة الإنتاج والأسعار العالمية.
وفي سياق متصل، أوضح الوزير أن الحكومة تتبنى إجراءات “حماية ذكية ومؤقتة” لدعم الصناعة المحلية، من بينها فرض رسوم وقائية محددة المدة على واردات بعض منتجات الحديد، بالتوازي مع العمل على خفض التكلفة الهيكلية عبر توطين الصناعات المغذية ورفع كفاءة الإنتاج، بما يضمن توازن السوق واستقرار الأسعار للمستهلكين.
وأكد الوزير أن الاستراتيجية الوطنية لتطوير صناعة الحديد والصلب تهدف إلى تطوير سلسلة القيمة بالكامل من المواد الخام حتى المنتجات النهائية، من خلال توطين الصناعات الوسيطة كالبليت واللفائف والألواح، وتشجيع إنتاج الصلب عالي القيمة لتلبية احتياجات الصناعات المتقدمة مثل السيارات والأجهزة المنزلية، مع التحول نحو الإنتاج الأخضر واستخدام أحدث التقنيات العالمية.
وختم الوزير كلمته بالتأكيد على أن التكامل بين مصر والسعودية في صناعة الحديد والصلب يمثل ركيزة للتنمية الصناعية العربية، مشيرًا إلى أن المملكة تمتلك مزايا في وفرة الطاقة والمواد الأولية، بينما تتمتع مصر بقدرات تصنيعية وأيدٍ عاملة ماهرة وموقع استراتيجي يخدم الأسواق الإفريقية والأوروبية، ما يجعل التعاون بين البلدين فرصة حقيقية لبناء تحالف صناعي إقليمي قوي يضع العالم العربي في مكانة متقدمة على خريطة الصناعات الثقيلة عالميًا.