مصر

مصر شريان الحياة لغزة.. جهود لا تتوقف لإغاثة القطاع المحاصر

تُعدّ الأزمة الإنسانية في قطاع غزة إحدى أكثر الأزمات إلحاحًا وتأثيرًا على المستويين الإقليمي والدولي. ومع تصاعد حدة الصراع والحصار المفروض على القطاع، اضطلعت مصر بدور محوري ولا غنى عنه في التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع، خاصةً في أعقاب التصعيد الأخير. ولم يقتصر دورها على تسهيل مرور المساعدات، بل كانت الشريان الحيوي الذي اعتمد عليه غالبية الدعم الإنساني للمدنيين المحاصرين.

وتُشير التقديرات إلى أن ما يقارب 80% من المساعدات التي وصلت إلى غزة قد عبرت الحدود المصرية، مما يؤكد على الثقل الاستراتيجي واللوجستي لمصر في هذه العملية المعقدة والحساسة.

ويُعد معبر رفح البري نقطة العبور الرئيسية والبوابة شبه الوحيدة لدخول المساعدات إلى غزة من خارج القطاع. لقد تحمل هذا المعبر، الواقع تحت السيادة المصرية، العبء الأكبر في استقبال وتنسيق وتوجيه القوافل الإنسانية الضخمة القادمة من مختلف أنحاء العالم. وعلى الرغم من التحديات اللوجستية والأمنية والسياسية الهائلة، عملت السلطات المصرية على مدار الساعة لضمان تدفق المساعدات بأكبر قدر ممكن من الكفاءة.

الهلال الأحمر المصري
يُعتبر الهلال الأحمر المصري في طليعة الجهود الإغاثية. فمنذ بداية الأزمة، قام الهلال الأحمر المصري بدور تنسيقي وتنفيذي غير مسبوق. وبالإضافة إلى جهوده في جمع وتخزين المساعدات من الجهات المانحة الدولية والمحلية، تولى الهلال الأحمر المصري مسؤولية فرز وتعبئة ونقل هذه المساعدات إلى معبر رفح. تشمل هذه المساعدات كل ما يلزم للحياة الكريمة في ظل الظروف القاسية، من غذاء وماء ودواء ومستلزمات طبية، وصولًا إلى خيام ومستلزمات إيواء. تُشير تقارير الهلال الأحمر المصري إلى حجم هائل من المساعدات التي تم التعامل معها، والتي تعكس التزامًا لا يتزعزع تجاه الشعب الفلسطيني.

وتُظهر السجلات والبيانات الصادرة عن الهلال الأحمر الفلسطيني الدور المحوري للهلال الأحمر المصري في تيسير وصول المساعدات إليهم، مما مكنهم من توزيعها داخل القطاع. لم يقتصر الأمر على المساعدات العينية، بل امتد ليشمل تنسيق دخول الكوادر الطبية وسيارات الإسعاف، وهو أمر حيوي لتقديم الرعاية الطارئة للجرحى والمرضى.

علاوة على ذلك، كان التنسيق بين مصر ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة، مثل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الغذاء العالمي، على أعلى مستوى.

الدبلوماسية المصرية
سهّلت مصر عمل هذه المنظمات على أراضيها، ووفرت البنية التحتية اللازمة لتخزين المساعدات وتجهيزها للنقل. تُشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن مصر كانت ولا تزال الشريك الأكثر موثوقية في عملية إيصال المساعدات إلى غزة، وأن معظم الشحنات الإغاثية قد مرت عبر الأراضي المصرية. هذا التعاون الوثيق ضمن تدفقًا أكثر انتظامًا للمساعدات، على الرغم من التحديات الهائلة على الأرض.

لم يقتصر دور مصر على الجانب اللوجستي فحسب، بل امتد إلى الجانب الدبلوماسي. لقد بذلت وزارة الخارجية المصرية جهودًا دبلوماسية مكثفة مع جميع الأطراف الدولية والإقليمية لضمان استمرار تدفق المساعدات وفتح ممرات إنسانية آمنة ومستدامة. شملت هذه الجهود الضغط على إسرائيل لتسهيل دخول المساعدات ورفع القيود المفروضة، بالإضافة إلى التنسيق مع الدول المانحة لضمان وصول التبرعات والإمدادات. كما لعبت الدبلوماسية المصرية دورًا حاسمًا في تسهيل خروج الجرحى والمرضى الفلسطينيين لتلقي العلاج في المستشفيات المصرية، وهو ما أنقذ حياة الآلاف.

التحديات والجهود المستمرة
وعلى الرغم من الجهود المصرية المضنية، تواجه عملية إدخال المساعدات تحديات جمة. تشمل هذه التحديات القيود الأمنية المفروضة من قبل إسرائيل، والتي تؤدي إلى بطء في عمليات التفتيش ودخول الشاحنات. كما أن البنية التحتية داخل غزة قد دُمرت إلى حد كبير، مما يزيد من صعوبة توزيع المساعدات بمجرد دخولها.

ومع ذلك، تواصل مصر التزامها الثابت بتقديم الدعم للشعب الفلسطيني. تُشير مراكز الأبحاث والدراسات المتخصصة في الشأن الإنساني والشرق الأوسط إلى أن الدور المصري في هذه الأزمة لا يمكن الاستغناء عنه، وأن أي تراجع في هذا الدور سيؤدي إلى تفاقم كارثي للوضع الإنساني في غزة. تستمر مصر في العمل على زيادة حجم المساعدات الداخلة، وتطوير آليات التوزيع، والضغط من أجل فتح جميع المعابر وتسهيل وصول المساعدات دون قيود.

تبرز الأدوار المصرية كركيزة أساسية في الاستجابة للأزمة الإنسانية في قطاع غزة. فمن خلال معبر رفح، وجهود الهلال الأحمر المصري، والتنسيق الوثيق مع المنظمات الدولية، والدبلوماسية النشطة، أثبتت مصر التزامها الثابت تجاه الشعب الفلسطيني. إن حقيقة أن ما يقرب من 80% من المساعدات قد عبرت الأراضي المصرية تؤكد على أن مصر ليست مجرد ممر للمساعدات، بل هي شريك استراتيجي وحيوي في تخفيف المعاناة الإنسانية. ورغم التحديات المستمرة، تظل مصر فاعلًا لا غنى عنه في هذه الأزمة، وستواصل جهودها لضمان وصول المساعدات وإنقاذ الأرواح في غزة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *