اقتصادسوق المال

مبادلة الديون “تنفس صناعى” لأزمة العملة

في اطار الجهود المتواصلة التي تبذلها الدولة المصرية لمواجهة الأزمة الاقتصادية والبحث عن حلول لتوفير العملة الصعبة وجذب الاستمارات الأجنبية وحل مشكلات الديون وقعت مصر اتفاقية مع الصين لمبادلة الديون وإعلان شركات صينية ضخ استثمارات بأكثر من 15 مليار دولار في إنتاج الوقود الأخضر والتصنيع إضافة إلى تقديم تمويلات ميسرة لإنشاء المرحلتين الثالثة والرابع من مشروع القطار الكهربائي الخفيف وتعكس هذه الاتفاقية قوة العلاقات المشتركة بين البلدين التي تربطهما أواصر صداقة تمتد إلى جذور التاريخ كما أنها تؤكد تطور العمل المشترك في الفترة الحالية لتحقيق التنمية المشتركة والاستفادة من التجربة الصينية في التنمية.

ووفقاً لوزارة التعاون الدولي فإن برامج مبادلة الديون بدأت مع إيطاليا وتم توقيع اتفاقية برنامج مبادلة ديون بالمرحلة الأولى في 2001 ويشمل 54 مشروعاً تم تنفيذها من أبرزها مشروع التنمية الريفية في غرب النوبارية وإنشاء المدارس وتطوير التعليم ومشروعات التحول الأخضر ومتابعة الدورة الإنتاجية للحاصلات الزراعية وإعادة تأهيل نظم الإمداد بالمياه في محافظة البحيرة.

وخلال العام الجاري تم مد اتفاق المرحلة الثالثة من برنامج مبادلة الديون من أجل التنمية حتى ديسمبر من عام 2024 حيث سيتم تنفيذ عدد من المشروعات بينها مشروع إنشاء صوامع حقلية ونظام تكنولوجيا المعلومات لإدارة القمح بقيمة 416.7 مليون جنيه والمرحلة الثانية من مشروع تنمية الاستزراع السمكي في مصر بقيمة 138.9 مليون جنيه وفي قطاع البيئة تمويل المرحلة الثالثة من مشروع إدارة المخلفات الصلبة بمحافظة المنيا بقيمة 70.5 مليون جنيه.

أما فيما يخص الاتفاق مع الجانب الألماني على مبادلة ديون فقد تم في عام 2011 وانطلقت المرحلة الأولى عام 2012 وشملت مشروعات أبرزها التغذية المدرسية مع برنامج الأغذية العالمي ودعم جودة التعليم وإعادة تأهيل المحطات الكهرومائية والحد من التلوث البيئي بمحطات الطاقة الحرارية والمساهمة في تدشين قناطر أسيوط ومحطة كهرباء وبرنامج تحسين خدمات مياه الشرب وفي 2019 تم توقيع المرحلة الثانية لمشروعات تحسين جودة التعليم والاستثمار في رأس المال البشري في صعيد مصر وتحسين خدمات مياه الشرب والصرف الصحي والدعم المالي لمبادرة التعليم الفني الشامل أما المرحلة الثالثة فتم توقيعها في 2022 وضمت مشروعات التغذية المدرسية ومكافحة التسرب من التعليم وعمالة الأطفال والمساهمة في محور الطاقة.

وحول توقيع مصر والصين على اتفاق مبادلة الديون يقول الدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادي إن توقيع اتفاقية مبادلة الديون بين مصر والصين يسهم في تخفيف الضغط على التزام القاهرة بسداد ديون قصيرة الأجل من خلال توجيه جزء من الديون المستحقة للصين والبالغة 8 مليارات دولار لتمويل مشروعات تنموية بالعملة المحلية مما يسهم في زيادة معدل نمو الاقتصاد المصري وتخفيف الضغط على الدولار لسداد الالتزامات الدولية خلال الثلاث سنوات المقبلة.

وأشار نافع إلى أن مصر تواجه تحديًا في سداد أقساط وفوائد ديون ضخمة على الأجل القصير مما يتطلب منها زيادة مواردها من النقد الأجنبي والبحث عن بدائل مع شركاء التنمية لمساندتها لتخطي هذا التحدي، لافتًا إلى إن الاتفاقية تساهم كذلك في تعزيز التبادل التجاري وزيادة الاستثمارات الصينية في مصر خاصة في ظل انضمام مصر لدول تجمع البريكس بداية من يناير المقبل، مما يتيح آلية مبادلة العملة في التعاون الاقتصادي علاوة على مساهمة مصر في بنك بريكس مما يتيح لمصر الحصول على تمويلات ميسرة لتمويل مشروعات في مجال البنية التحتية.

وقال الدكتور هاني أبوالفتوح الخبير الاقتصادي إن ما يحدث الآن ما بين الجانب المصري والصيني نوع من التقارب فيما يخص الشأن التمويلي والاقتصادي إذ تعمل مصر جاهدة من خلال وزارة التعاون الدولي مع الجانب الصيني لإيجاد حلول فيما يتعلق بمشكلات الديون موضحًا أن الحكومة الصينية تسعى حاليًا إلى إيجاد حلول من أجل تخفيف الديون وإعادة هيكلتها.

ويقول الدكتور كريم العمدة الخبير الاقتصادي إن حجم الديون المصرية من الصين بناءً على بيانات البنك المركزي المصري يضعها كخامس أكبر دائن للدولة المصرية، مشيرًا إلى أن الصين أكبر شريك تجاري واستراتيجي لمصر ويجرى تقييم حجم التجارة بين البلدين بشكل دائم ودوري لافتًا إلى ضرورة تقييم سعر الدولار وفق الشركاء التجاريين وليس بالدولار الأميركي بشكل دائم.

 

وأوضح العمدة أنه وفق حجم تجارة مصر مع العالم الخارجي فإن أكبر مورد لمصر هي دولة الصين بواقع 14 مليار دولار بينما لا تتخطى صادراتنا للصين المليار ونصف المليار دولار مشيرًا إلى أن مبادلة الديون تقضي بتحويل الديون إلى مشروعات تنموية وهو أمر جيد يساعد في رفع الاقتصاد المصري حيث أن مبادلة الديون تمت من قبل بين مصر وإيطاليا عبر بناء مدينة الروبيكي لصناعة الجلود والتي جرى تخصيصها للإيطاليين  وكذلك تم توقيع اتفاقية لتبادل الديون مع المانيا.

ومن جانبه يرى الدكتور محمد عبد الغني الخبير الاقتصادي إن اتفاقية برنامج مبادلة الديون بين مصر والصين تعد استكمالًا للتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين مشيرًا إلى اتفاقية سبق أن وقعتها مصر والصين لمبادلة العملات بقيمة 18 مليار يوان ما يعادل 2.6 مليار دولار في عام 2016 وأثمرت عن طفرة في التبادل التجاري وتخفيف الضغط على الدولار باعتماد مبادلة العملات في جزء من الواردات المصرية.

وأوضح عبد الغني أن الاتفاقية الجديدة تسهم في تشجيع نمو الاستثمارات الصينية في مصر وتعزز التبادل التجاري بين البلدين إضافة إلى تخفيف الضغط على النقد الأجنبي اللازم لسداد الديون وتمويل الواردات المصرية ولكنها في الوقت نفسه لن تسهم في حل عجز النقد الأجنبي الذي يتطلب ضرورة زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعمل الحكومة بالفعل على زيادة هذه الاستثمارات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *