
مع انتهاء ماراثون امتحانات الثانوية العامة للعام الدراسي 2024/2025، يعيش طلاب الصف الثالث الثانوي وأسرهم حالة من الترقب والقلق الشديد، انتظارًا لإعلان نتيجة الثانوية العامة التي تُعد بمثابة نقطة تحول في مسار الطلاب، ومحطة فاصلة في مستقبلهم الجامعي والمهني.
وفي ظل هذه الأجواء المشحونة بالتوتر، قدّم عدد من الخبراء في علم النفس التربوي مجموعة من التوصيات العملية لمساعدة الطلاب وأسرهم على اجتياز هذه المرحلة الدقيقة بسلام نفسي واتزان عاطفي.
قلق متراكم.. من المذاكرة حتى النتيجة
وقال الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، للبورصجية أن مشاعر القلق التي يعيشها الطالب لا تبدأ مع الامتحانات، بل تمتد منذ نهاية الصف الثاني الثانوي، وتتصاعد تدريجيًا مع بدء الاستعداد للدروس الخصوصية، لتبلغ ذروتها خلال أيام الامتحانات، حيث يرى كثير من الطلاب أن “كل المستقبل يتوقف على هذه اللحظة”.
وأوضح حجازي أن هذا التوتر لا يصيب الطالب وحده، بل ينعكس أيضًا على الجو العام في المنزل، ويؤثر في العلاقات الأسرية والاجتماعية، مشيرًا إلى أن أعراض التوتر قد تظهر في صور مختلفة، مثل:
- الميل للعزلة والانسحاب الاجتماعي
- التفكير التشاؤمي بشأن المستقبل
- العصبية والانفعال الزائد
- اضطرابات جسدية مثل فقدان الشهية أو ضعف النوم
ويؤكد أن نهاية الامتحانات هي فرصة للانعتاق النفسي واستعادة التوازن، غير أن فترة انتظار النتيجة قد تُعيد إنتاج القلق مجددًا، مما يتطلب تدخلًا ذكيًا من الأسرة.
روشتة نفسية للتعامل مع مرحلة ما قبل النتيجة
كما قدّم الدكتور عاصم حجازي مجموعة من النصائح النفسية الموجهة لأولياء الأمور، لمساعدة أبنائهم على تجاوز هذه المرحلة الحرجة بأقل قدر ممكن من الضغط:
- تعزيز الجانب الروحي والدعاء، كوسيلة لبث الطمأنينة
- تشجيع الطالب على ممارسة الهوايات والأنشطة الرياضية
- إعادة ترتيب مكان المذاكرة وتخزين كتب الثانوية بعيدًا عن الأنظار
- كسر الروتين من خلال رحلات قصيرة أو تغيير الأجواء
- الامتناع عن الحديث السلبي بشأن صعوبة الامتحانات أو النتائج
- غرس التفكير الإيجابي بأن الطالب بذل أقصى جهده
- دعم الحوار الإيجابي مع النفس من خلال أمثلة ملهمة لقصص نجاح سابقة
ما بعد النتيجة توصيات تربوية للطلاب وأولياء الأمور
وفيما يتعلق بالفترة التالية لإعلان النتيجة، شدد حجازي على أهمية أن يكون التعامل معها عقلانيًا، بعيدًا عن المقارنات أو ردود الفعل العاطفية المبالغ فيها، وطرح مجموعة من التوصيات المباشرة التي وجّهها للطرفين:
نصائح للطلاب:
- القلق والتوتر لن يغيرا من الأمر شيئًا، فكن هادئًا.
- هذه المشاعر قد تؤثر على طريقة تفكيرك وتدفعك لاختيار مسار جامعي غير مناسب.
- انتظر حتى إعلان النتيجة بشكل رسمي، ولا تعتمد على التسريبات أو الشائعات.
- اقرأ نتيجتك بموضوعية ووعي لتقف على مجالات تميزك.
- استقبل نتيجتك بفخر، فقد بذلت مجهودًا يتناسب مع قدراتك.
- قِس مجهودك، لا مجرد نتيجتك.
- تقبّل أخطاءك وتعلم منها دون جلد للذات.
- خطط لحياتك الجامعية بشكل عقلاني وواقعي.
- لا تقارن نتيجتك بنتائج زملائك، فلكل فرد مساره الخاص.
- تذكّر أن النجاح لا يرتبط بمسار واحد، وأن الاستثمار في القدرات والتعلم المستمر هو ما يصنع الفارق الحقيقي.
وبالنسبة لأولياء الأمور:
- انتظروا النتيجة بهدوء وتفاؤل.
- استقبلوا النتيجة بالرضا والفرح، بغض النظر عن المجموع.
- قدّروا مجهود الطالب وليس رقمه فقط.
- لا توجّهوا اللوم أو التوبيخ أو إظهار الحزن.
- لا تقارنوه بغيره من أقرانه.
- ساعدوه في التخطيط لمستقبله الجامعي بروح داعمة.
- قدموا له الدعم والتشجيع لا الضغط والإحباط.
وفي حال الصدمة الدعم النفسي أولًا
وحذّر عاصم من خطورة الوقوع في دائرة الإحباط أو الصدمة في حال جاءت النتيجة أقل من توقعات الطالب، معتبرًا أن هذه اللحظة اختبار حقيقي للمرونة النفسية.
مؤكدا على أن الأهل السماح للطالب بالتعبير عن مشاعره بحرية، دون ممارسة ضغط أو مقارنة مع الآخرين، مع ضرورة تقديم الدعم المعنوي ومساعدته على التفكير في بدائل جديدة سواء تعليمية أو مهنية.
كما شدد على أهمية التخلص من العزلة وممارسة أنشطة يومية تساهم في تحسين الحالة النفسية، مثل المشي، أو الاستماع للموسيقى، أو السفر القصير. وفي حال استمرار الأعراض النفسية السلبية، ينصح بطلب استشارة نفسية متخصصة لمساعدة الطالب على استعادة ثقته ومواصلة التقدم.