![](https://alborsagia.news/media/2025/02/475652679_1791601371604716_4180900652257073851_n-1-780x470.jpg)
أعرب عدد من العائلات الفلسطينية عن رفضهم خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجيرهم من أراضيهم وإعادة توطينهم في دول أخرى بعد 15 شهرًا من حرب الإبادة الإسرائيلية، مؤكدين أن “هذه المرة سنبقى في أراضينا ولن نغادرها مرة أخرى”.
في صباح أحد أيام فبراير الباردة، امتلأت عينا سعيد سالم بالدموع وهو يتأمل بقايا حيّه في شمال غزة. كان يستريح على كرسي نجا بطريقة ما من الحرب، محاطًا بأحفاده وأنقاضه، وأمله في المستقبل وأنقاض ماضيه، بحسب صحيفة “الجارديان” البريطانية.
كانت عائلته قد فقدت منزلاً في عام 1948، عندما فرت من قرية حربيا، التي أصبحت الآن موقع مستوطنة زيكيم داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي، هربًا من القصف والتقارير عن الفظائع التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية.
واقع جديد في خيام اللاجئين
“أغلقنا منزلنا، وأخذنا المفتاح، وسرنا نحو غزة، معتقدين أننا سنعود بعد بضعة أيام”، هكذا قال سالم الذي كان في الخامسة من عمره آنذاك. كان الانتظار في نهاية رحلة شاقة بمثابة واقع جديد في الخيام ومخيمات اللاجئين والنفي الدائم في شمال قطاع غزة.
يضيف: “عندما اتضحت الحقيقة، بأننا هجرنا منازلنا وأن آخرين أخذوها، تمنينا ألف مرة لو بقينا وواجهنا الموت بدلاً من ذلك. لم يفارقنا الندم أبداً”.
كان واحدًا من نحو 700 ألف فلسطيني أجبروا على ترك منازلهم في “النكبة”، أو الكارثة، خلال حرب عام 1948 التي أحاطت بإنشاء ما يسمى بدولة إسرائيل.
لذا، عندما دخلت القوات الإسرائيلية غزة في أكتوبر 2023، بعد أكثر من سبعة عقود من الزمان، تحدى سالم وعائلته الأوامر الصادرة للمدنيين بالإخلاء إلى جنوب القطاع. وقال: “لقد أقسمنا على عدم ارتكاب هذا الخطأ مرة أخرى”.
لقد ظلوا في شمال غزة أثناء الحرب، مع حوالي 400 ألف آخرين، حتى مع الحصار داخل الحصار الذي يعني أن الشمال يحصل على مساعدات أقل من الجنوب. وحذرت هيئة مراقبة عالمية من المجاعة الوشيكة هناك العام الماضي، بحسب تقرير الجارديان.
يقول سالم: “لقد تحملنا المجاعة والعطش والقصف والخوف وكل شيء. كنا نعيش بين الجثث وتحت الأنقاض ونأكل طعاماً لا يصلح للحيوانات. لكننا لم نغادر شمال غزة قط”
ومضى بالقول: “في كل مرة كان الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء المنطقة قبل الغزو البري، كنت أنتقل فقط إلى حي قريب. وبمجرد انتهاء الغزو، كنت أول من يعود”.
بعد أسبوع واحد فقط من عودة سالم، أعلن دونالد ترامب أنه يريد أن “تستولي” الولايات المتحدة على غزة وتعيد تهجير وتوطين سكانها الفلسطينيين في أماكن أخرى، واصفا القطاع بأنه “مكان سيئ الحظ” يجب إعادة بنائه كـ”ريفييرا الشرق الأوسط” على حد قوله.
غضب دولي من تصريحات ترامب
وأثار اقتراحه غضبا دوليا، وتحذير من التطهير العرقي من قبل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، وعدم تصديق بين سكان غزة، الذين تشبثوا بطريقة أو بأخرى بمنازلهم على مدى 15 شهرا من الحرب.
لقد فقد سالم أكثر من 90 من أصدقائه وأقاربه في بداية الحرب عندما أدت غارة جوية على منزل شقيقه إلى مقتل كل من لجأ إلى هناك. وهو يدرك المخاطر المترتبة على البقاء في غزة، وخاصة إذا لم يصمد وقف إطلاق النار، ولكن لا شيء يمكن أن يغريه أو يخيفه الآن.
“لن نرحل. لن نكرر النكبة. لن نتخلى عن غزة كما تخلينا عن حربيا. هذه المرة سنبقى مهما كلفنا الأمر”.
شنت دولة الاحتلال الإسرائيلي حربها على غزة بعد أن شنت حماس هجمات عبر الحدود في 7 أكتوبر 2023، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص وأسر 251 آخرين كمحتجزين.
وفي الأشهر الخمسة عشر التي تلت ذلك، استشهد أكثر من 48 ألف فلسطيني في هجمات إسرائيلية، بما في ذلك أكثر من 13 ألف طفل، وأصيب أكثر من 111 ألف شخص، وفقاً للسلطات الصحية في القطاع.
لقد تضررت أو دمرت تسعة من كل عشرة منازل، بينما نزح أكثر من 90% من سكان غزة وأصبحوا يعانون من الجوع الدائم.
كما تعرضت المستشفيات للهجوم بشكل متكرر، مما أدى إلى شل النظام الصحي، وكان الوصول إلى المياه النظيفة والصرف الصحي محدودا للغاية.
ويشهد الاقتصاد الفلسطيني أزمة خانقة منذ السابع من أكتوبر 2023، جراء تصاعد اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي التي تسببت بانكماش في الاقتصاد بنسبة 28% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا للخبير المالي مؤيد عفانة.
وأوضح عفانة في حديث لإذاعة “صوت فلسطين”، اليوم الأحد، أن القيود العسكرية الإسرائيلية المشددة، بما في ذلك 898 حاجزًا وبوابة، شلت الحركة التجارية بين مدن الضفة، خصوصًا في جنين وطولكرم وطوباس، التي تتعرض لحصار وتدمير ممنهج للبنية التحتية.