سلايدرفن وثقافة

«لام شمسية».. شروق جديد يسلط الضوء على ضحايا التحرش

دراما تواجه المحظور وتكسر الصمت..

في السنوات الأخيرة، لم تعد الدراما مجرد وسيلة للترفيه، بل تحولت إلى منبر جريء يسلّط الضوء على قضايا مسكوت عنها تمس المجتمع، ومن أبرز هذه القضايا ظاهرة التحرش، خصوصًا بالأطفال. وفي موسم درامي شهد تنوعًا كبيرًا في المواضيع المطروحة، برزت أعمال اختارت أن تواجه المحظور، وتخترق جدران الصمت لتكشف خفايا العنف النفسي والجسدي الذي قد يتعرض له الأطفال في محيطهم الأقرب.

تلك الأعمال لم تكتف بعرض المشكلة، بل سعت إلى تحليلها من جذورها، مقدمة نماذج واقعية للدوافع والنتائج، وموضحة الأثر النفسي العميق الذي يخلّفه هذا الانتهاك، في محاولة جادة لإطلاق حوار مجتمعي واسع حول كيفية الوقاية والحماية والدعم.

في حوارها مع “البورصجية”، تناولت الأخصائية النفسية بسمة سامي فاروق، الدور التوعوي المهم الذي لعبه مسلسل “لام شمسية” في تسليط الضوء على قضايا حساسة تمس الواقع الاجتماعي، وعلى رأسها قضية التحرش الجنسي بالأطفال، ولا سيما من قبل الأقرباء، وهو جانب نادرًا ما يتم طرحه بهذا العمق في الدراما العربية.

وأكدت بسمة، أن المسلسل جاء برسائل واضحة لرفع الوعي حول خطورة التحرش بالأطفال، خاصة عندما يكون الجاني من داخل الأسرة أو من الدائرة القريبة، مشيرة أن معالجة هذا الموضوع تتطلب شجاعة درامية ووعي مجتمعي متكامل.

وأوضحت، أن الأعمال الفنية، وبخاصة الدرامية، تعد من أقوى أدوات التأثير المجتمعي، لما تحمله من قدرة على الوصول إلى الجمهور بطريقة سلسة وعاطفية، مؤكدة أن ” لام شمسية” نجح في عرض المشكلة، وفهم دوافع الشخصيات، وتقديم حلول علمية نفسية واقعية، ما جعله عملاً متكاملًا.

ورغم تركيز المسلسل على التحرش من الأقرباء، بيّنت الأخصائية أن هناك أنواعًا أخرى من التحرش، مثل: تحرش البالغين بالأطفال من الجنسين، وتحرش الأطفال ببعضهم البعض، والاستغلال الجنسي خلال المراهقة، واستغلال الحاجة النفسية أو الأسرية من قبل المتحرش.

وعن دور الأسرة في الحماية والتوعية، شددت “سامي” على أهمية تأسيس علاقة آمنة بين الطفل وولي أمره، قوامها الحب والدعم والاحتواء، ومن ثم تبدأ مرحلة التوعية من خلال القصص والحكايات والألعاب المناسبة لأعمارهم، مشيرة أن التثقيف لا بد أن يبدأ من سن مبكرة.

كما أشارت إلى ضرورة أن تقوم المدارس والحضانات بدورها في التثقيف الجنسي الوقائي، من خلال الحملات وورش العمل، بالتعاون مع الأخصائيين النفسيين، ومشاركة الأسرة في المتابعة والتوجيه.

وترى الأخصائية، أن الإعلام والدراما وحملات التوعية، مسؤولين عن تغيير النظرة المجتمعية التي تلوم الضحية، ونقل اللوم إلى المتحرش، مطالبة بسن قوانين صارمة تحمي الأطفال وتعاقب الجناة.

ولفتت، أن التحرش قد يترك آثارًا نفسية عميقة مثل: اضطرابات القلق، تدني احترام الذات، الميل للعزلة، اضطرابات النوم، أو ميول جنسية غير سوية، كما يؤثر جسديًا على صحة الطفل، ويُعد سببًا في إعاقة النمو الاجتماعي والنفسي السليم.

وبيّنت “سامي” عددًا من العلامات التي يجب أن يلاحظها الأهل والمعلمون، تدل على تعرض الطفل للتحرش، منها: التبول اللاإرادي، العنف أو الانطواء، اضطرابات النوم، الإدمان الرقمي، التراجع الدراسي وفقدان التركيز.

واختتمت حديثها، مؤكدة أن ثقافة الحوار بين الأطفال وذويهم هي السبيل الأول للوقاية، وأن التوعية يجب أن تكون جزءًا من التربية اليومية، سواء من قبل الوالدين أو المدرسة، موضحة أن مسلسل “لام شمسية” قدّم نموذجًا يمكن الاستفادة منه كأداة توعوية فعّالة إذا تم تقديمه بشكل مناسب حسب الفئة العمرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *