
تستعد مصر لافتتاح المتحف المصري الكبير، أكبر صرح حضاري مخصص لحضارة واحدة في العالم، ليصبح أيقونة ثقافية تعكس هوية الجمهورية الجديدة وتُبرز مكانة مصر كمنارة للثقافة والتراث على مستوى العالم.
و قال مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، إنه عندما تعلن مصر عن حفل افتتاح المتحف الكبير واهتمام القيادة السياسية به، فإنها تعلن عن هويتها الثقافية وتعرض قوتها الناعمة أمام العالم، لتقول من نحن وماذا قدمنا وما زلنا نقدمه للعالم.
فالمتحف ليس حدثًا أثريًا فحسب، بل هو إعلان عن مصر الجديدة وهويتها في الجمهورية الجديدة، وهو بحق حدث القرن الذي يجسد قدرة مصر على الجمع بين أصالتها التاريخية وريادتها المعاصرة.
وأضاف شاكر في تصريح خاص لـ البورصجية ، أن الموضوع لا يقتصر على كونه متحفًا فقط كما يظن البعض، بل نحن نتحدث عن منارة ثقافية لمصر في الجمهورية الجديدة، إذ كان لابد أن تمتلك الدولة منارة حضارية تعبر عنها أمام العالم.
وأوضح أن المشروع لم يبدأ مع الجمهورية الجديدة، لكنه شهد نهضته الحقيقية منذ عام 2017 بعد توقفه نتيجة أحداث يناير 2011، مشيرًا إلى أن المتحف ليس مشروعًا عاديًا، ولا يقع في مكان عادي، فهو يقف أمام إحدى معجزات العالم القديم و المعجزة الوحبدة الباقية حتى الآن، وهو الهرم الأكبر .
وأشار كبير الأثريين إلى أن تصميم المتحف جاء متناغمًا مع طبيعة المنطقة الأثرية، إذ استُلهم شكله من الهرم نفسه، كما رُوعي فيه التوافق مع أشعة الشمس التي تتلاقى عند الأهرامات الثلاثة، لتشكل رمزية حضارية متصلة بمعاني الخلود والضياء في الحضارة المصرية القديمة.
وقال شاكر إن المتحف يضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية من مختلف العصور المصرية، وهو ما لا يتوافر في أي متحف آخر في العالم، من بينها خزانة كنوز الملك توت عنخ آمون التي تحتوي على نحو 5,392 قطعة أثرية، أبرزها القناع الذهبي الشهير الذي يُعد من أندر وأهم القطع في تاريخ الآثار العالمية.
وتابع إن المتحف المصري الكبير ليس مجرد مكان للعرض فقط، بل هو مؤسسة ثقافية متكاملة تضم داخله عدة متاحف فرعية مثل متحف الطفل ومتحف مركب الشمس، إلى جانب قاعات مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، ومكتبة تحتوي على كتب نادرة ومواد مرئية وصوتية متخصصة في علم المصريات، بالإضافة إلى مسرح وسينما و أوبرا ومناطق للتسوق والعروض العالمية.
ولفت شاكر إلى أن المتحف اعتمد أحدث تقنيات العرض المتحفي في العالم، مثل الذكاء الاصطناعي، والليزر، والهولوجرام، والعرض ثلاثي الأبعاد، ما يجعل تجربة الزائر تفاعلية ومليئة بالمعلومات بطريقة مبتكرة وجذابة.
وأكد أن المشروع يمتد أيضًا ليشمل تطوير المنطقة المحيطة بالكامل، بدءًا من نزلة السمان حتى الظهير الصحراوي ودهشور وسقارة، بهدف خلق تكامل عمراني وسياحي ضخم، تدعمه بنية تحتية حديثة مثل مطار سفنكس الدولي الذي سيسهم في تحويل المنطقة إلى واحدة من أهم الوجهات السياحية في العالم خلال السنوات القليلة المقبلة.
وأكد ،أن نجاح مصر في هذا المشروع الضخم واهتمام الدولة به يعكسان رؤية القيادة السياسية في إبراز الهوية المصرية وتأكيد مكانتها الحضارية، فالمتحف المصري الكبير ليس مجرد مشروع ثقافي، بل هو رسالة من مصر إلى العالم بأنها ماضية بخطى ثابتة نحو المستقبل، دون أن تنفصل عن جذورها العريقة .





