في تطور جديد، وصلت سفينة الشحن التابعة للقوات المسلحة المصرية، حاملةً كميات ضخمة من المساعدات العسكرية إلى سواحل الصومال.
ونشر وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور صورة خلال استقباله السفينة، صورةً يظهر فيها الكورفيت الشبحي التابع للقوات البحرية المصرية “سجم بورسعيد” من طراز “جوويند” خلال مرافقة وتأمين وصول السفينة إلى ميناء مقديشو.
وعلق وزير الدفاع الصومالي، على الصورة قائلا “نحن نعرف مصالحنا وسنختار بين حلفائنا وأعدائنا”.
ونقلت قناة “الشرق – بلومبرغ” عن مصادر لم تسمها أن السفينة أبحرت إلى الصومال، وسط حراسة من القوات البحرية المصرية، ووصلت إلى ميناء مقديشو حاملة معدات، وعتادا عسكريا متنوعا.
الخلاف مع إثيوبيا
كانت وفود عسكرية مصرية وصلت إلى العاصمة الصومالية مقديشو، أواخر أغسطس الماضي، تمهيداً لمشاركة مصر في قوات حفظ سلام تابعة للاتحاد الإفريقي في الصومال.
وردًا على ذلك، أصدرت وزارة الخارجية الإثيوبية بياناً اتهمت فيه الصومال بأنها “تتواطأ مع جهات خارجية تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة”، دون أن تشير إلى مصر.
وقال السفير الصومالي علي عبدي أواري، إن قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي ، من المقرر أن تحل محل بعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية الحالية في الصومال بحلول يناير 2025.
ونقلت وكالة “رويترز” عن مصادر دبلوماسية وحكومية صومالية، قولها إن مصر سلَّمت مساعدات عسكرية للصومال، هي الأولى منذ أكثر من 4 عقود، في خطوة من المرجح أن تؤدي إلى تعميق التوتر بين البلدين من جانب وإثيوبيا من الجانب الآخر.
وأوضحت المصادر ، أن “طائرتين عسكريتين مصريتين وصلتا إلى مطار مقديشو محملتين بأسلحة وذخيرة”، في وقتٍ أظهر مقطع فيديو جرى تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، الطائرتين على مدرج المطار.
وأكدت صحيفة “الصومال الجديد” وصول طائرتين عسكريتين مصريتين، إلى مطار آدم عدي الدولي في العاصمة الصومالية مقديشو، “كان على متنهما معدات عسكرية وضباط ضمن إعادة تنظيم استراتيجي أوسع نطاقاً في منطقة القرن الأفريقي، حيث يسعى الصومال إلى تعزيز قدراته العسكرية من خلال الشراكات الدولية”.
يأتي ذلك بعد أشهر من معارضة مصر توقيع الحكومة الإثيوبية في يناير الماضي، اتفاقاً مبدئياً مع إقليم “أرض الصومال” تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمن ميناءً تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ”أرض الصومال” دولةً مستقلةً. واعتبرت مصر حينها الاتفاق “مخالفاً للقانون الدولي، واعتداء على السيادة الصومالية”.
واتهم وزير الخارجية الصومالي، أحمد معلم فقي، إثيوبيا بالتعنت، وقال إن أديس أبابا تطالب بوجود مستدام، ومستمر في المياه الصومالية، وترفض التحكيم وفق قانون البحار التابع للأمم المتحدة.
وأضاف فقي، أن الدفاع عن بلاده في حالة اندلاع حرب “مسؤولية الصوماليين”، ولكن مقديشو “ستتحالف مع من يساعدها في الدفاع عن سيادتنا”.
وأكد الوزير، في بيان، أنه إذا فشلت الجولة المقبلة من المفاوضات مع إثيوبيا في أنقرة، فإن الصومال “ستتخذ قراراً بعدم إضاعة مزيد من الوقت في مسار تفاوضي عقيم”، وأشار إلى أن تركيا “تأمل في تحقيق اختراق في الجولة المقبلة من المحادثات، لكن حتى الآن لا ندرك إمكانية حدوث ذلك”.
مصر تتعهد بالدعم
وكان وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، قد أكد حرص مصر على تحقيق الاستقرار في جمهورية الصومال من خلال دعم مؤسسات الدولة المركزية، وتعزيز الاحترام لسيادة الصومال ووحدة أراضيه.
وذكر أن مصر تقدم من هذا المنطلق، الدعم “للأشقاء الصوماليين” في مجال بناء القدرات الأمنية والعسكرية، على ضوء الخبرات الطويلة التي تتمتع بها مصر وريادتها في مجال مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن وإنفاذ القانون.
وأعلنت الرئاسة المصرية في 14 أغسطس، توقيع الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود بروتوكول تعاون عسكري بين البلدين في القاهرة، وسلمت القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو في أغسطس.
والشهر الماضي، اتهمت إثيوبيا جهات لم تسمها بالسعي إلى “زعزعة استقرار المنطقة”، بعد أن أرسلت مصر معدات عسكرية إلى الصومال.
وذكرت وزارة الخارجية الإثيوبية في بيان إن أديس أبابا “لا يمكنها أن تظل ساكنة، بينما تتخذ جهات أخرى تدابير لزعزعة استقرار المنطقة”، قائلة إنها عملت على ترويج السلام والأمن في الصومال والمنطقة، بما في ذلك إجراء مناقشات لحل الخلافات مع مقديشو. ولم تذكر إثيوبيا في بيانها مصر أو إرسالها أسلحة إلى الصومال.
جذور الخلاف
الخلاف بين الصومال وإقليم أرض الصومال وإثيوبيا هو صراع معقد ومتشابك تاريخيًا وجغرافيًا وسياسيًا. يتميز هذا الصراع بتعدد الأبعاد وتداخل المصالح الإقليمية والدولية.
يتبنى إقليم أرض الصومال هوية قومية صومالية مستقلة، ويسعى إلى الانفصال عن الصومال وتأسيس دولة مستقلة.
وترجع جذور الخلاف إلى التقسيم الاستعماري لأفريقيا، حيث تم فصل أجزاء من الشعب الصومالي وضمها إلى دول مختلفة، بما في ذلك الصومال وإثيوبيا.
وأدت الحرب الأهلية الطويلة في الصومال إلى انهيار الدولة المركزية، واستغلال إقليم أرض الصومال هذه الفوضى لتقوية حكمه الذاتي.
أبرز نقاط الخلاف
الاعتراف الدولي: يعتبر إقليم أرض الصومال نفسه دولة مستقلة، ولكنه لم يحظ باعتراف دولي واسع.
الحدود: هناك نزاع حول الحدود بين إقليم أرض الصومال والصومال، وكذلك بين إقليم أرض الصومال وإثيوبيا.
الموارد الطبيعية: تتنافس الأطراف على السيطرة على الموارد الطبيعية، مثل النفط والغاز، الموجودة في المنطقة.
التأثير الإقليمي: تسعى كل من الصومال وإثيوبيا إلى تعزيز نفوذها في المنطقة، مما يؤدي إلى التنافس والصراع.