أصبح سجن صيدنايا سيئ السمعة تحت الأضواء في الأيام الماضية، وسط الجهود المبذولة للبحث عن أي سجناء محاصرين في المنشأة، بعد إطلاق سراح العشرات من السجناء يومي الأحد والاثنين.
تحاول منظمات الإنقاذ، وعلى رأسها الدفاع المدني السوري، المعروفة بـ”الخوذ البيضاء”، أيضًا الكشف عن غرف السجن المخفية في محاولة للكشف عن المزيد من المعاملة السيئة التي تلقاها السجناء.
واهتمت صحيفة “عرب نيوز” في نسختها الصادرة بالإنجليزية بالسجن وأحوال السجناء فيه، مشيرة إلى أن العديد من السجناء محتجزون في زنازين تحت الأرض، والتي يصعب الوصول إليها؛ بسبب قفلها برموز سرية لا يعرفها سوى حراس السجن، بالاضافة لتصميم السجن الممتد الذي يشبه المتاهة.
تاريخ السجن
افتُتح سجن صيدنايا في ثمانينيات القرن العشرين على بعد حوالي 30 كيلومترًا، شمال العاصمة دمشق أثناء رئاسة الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد، وأصبح موقعًا لانتهاكات الحقوق وأساليب التعذيب والإعدامات الجماعية لسنوات، وتوفي العديد من السجناء فيه، بسبب الإهمال الطبي.
وزادت الفظائع بشكل كبير خلال الحرب الأهلية السورية، التي اندلعت بسبب حملة القمع الوحشية التي شنها نظام الأسد على نشطاء المعارضة.
الكشف عن الانتهاكات
في عام 2014، تم الكشف عن حجم الانتهاكات في المنشأة بشكل أكبر على يد المصور المنشق عن جيش النظام السوري المعروف بـ”سيزار”، والذي عمل كمصور جنائي في المنشأة وصوّر الآلاف من المعتقلين القتلى.
أظهرت صور سيزار التي عرضت في مقابلة أجراها تحالف من الناشطين السوريين والمحامين الدوليين معه، علامات الجوع والضرب الوحشي والخنق وأشكال التعذيب الأخرى والقتل.
وفي عام 2022، كشفت جمعية معتقلي ومفقودين سجن صيدنايا أن المسؤولين عن الفظائع في المنشأة كانوا مرتبطين بالمحكمة الميدانية العسكرية للنظام السوري وفرع المخابرات السورية 227 وفرع 293.
أفادت منظمة العفو الدولية أنه بين سبتمبر 2011 وديسمبر 2015، تم إعدام ما لا يقل عن 13 ألف سوري في المنشأة في “سرية تامة”، ودُفن العديد من الذين أُعدموا لاحقًا في مقابر جماعية.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان في يناير 2021 إن حوالي 30 ألف شخص قُتلوا على يد قوات السجن بناءً على أوامر النظام.
ترويع ورعب
ووصف معتقلون سابقون، الرعب الذي تحملوه في السجن على مر السنين/ ومن بين القصص الأكثر ترويعًا، كانت قصة عمر الشغري الذي اعتقل وعمره 17 عاماً وقضى عشرة أشهر خلف القضبان في صيدنايا.
وقال الشغري لمنظمة العفو الدولية في عام 2016 إن السجناء كانوا يواجهون واقعين أسوأ من بعضهما البعض، إما الموت أو قتل شخص آخر، مضيفًا أن حراس السجن، الذين يحملون السكاكين والحبال، يسألون السجناء عما إذا كان لديهم أي أصدقاء أو أقارب محتجزين في السجن ويعطونهم خيار قتل أحدهم أو قتلهم.
الاعتقالات والاعدامات
كان المعتقلون يتعرضون للإساءة بشكل مستمر، سواء كنوع من الترحيب بهم في السجن، أو أثناء تنقلهم بين مراكز الاحتجاز، أو لعدم الالتزام بقواعد السجن، مثل تنظيف الزنازين وعدم التحدث.
وتعرض العديد من المعتقلين الذين أعدموا لاحقًا، للتعذيب مسبقًا، عن طريق حرمانهم من الطعام والماء والرعاية الطبية.
لا يُمنح السجناء محاكمات عادلة قبل سجنهم في المنشأة، وعادة ما يقضون وقتًا في الاحتجاز في مكان آخر قبل نقلهم، ولا يحق للسجناء أيضًا الاستعانة بمحامين، ولا يُستخدم التعذيب لانتزاع المعلومات، بل بطريقة لإذلال السجين وتشويه سمعته.
إنكار النظام
وعلى مر السنين، أنكر النظام السوري الادعاءات المتعلقة بالإساءة التي تُرتكب في ذلك السجن، كما رفضت حكومة الأسد تقديم معلومات بشأن المعتقلين تعسفيًا.
يعاني العديد من المعتقلين من سوء التغذية بشكل واضح، والبعض الآخر كان غير قادر على الإجابة على أسئلة أساسية حول أنفسهم، حيث قضوا معظم حياتهم في السحن.