منذ أقر مجلس النواب قانون المنشآت الصحية الجديد، الذي يتيح لمستثمرين أجانب ومصريين حق إدارة وتشغيل المستشفيات العامة، لم تهدأ موجة الجدل.
ورافق تمرير القانون شائعات عديدة من بينها بيع المستشفيات الحكومية، وهو ما نفاه مجلس الوزراء، فيما رفضت نقابة الأطباء القانون معتبرة أنه يؤثر سلبيا على المرضى من محدودي الدخل وأيضا الطواقم الطبية العاملة بتلك المستشفيات.
وفقا للبيانات الرسمية، يأتي القانون في إطار المادة (18) من الدستور، التي تنص على أن الدولة “تكفل الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التي تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافي العادل”.
يجيز القانون منح إدارة المرافق الطبية العامة للمستثمرين المصريين أو الأجانب، سواء أكانوا أشخاصا طبيعيين أم اعتباريين، وتنظيم آلية المنح، في حين يحظر منح الإدارة على بعض المنشآت والخدمات الصحية الإلزامية التي تقدمها الدولة للمواطنين.
كما يحظرها على الخدمات التي لها بعد أمن قومي ومراكز ووحدات الرعاية الصحية الأساسية وصحة الأسرة وجمع الدم وتجميع البلازما، أو الانتقاص من الخدمات المقدمة للمواطنين، خاصة الوقائية من تطعيمات وغيرها والخدمات الإسعافية المجانية، أو الإخلال بحقوق المنتفعين بأحكام قانون التأمين الصحي الشامل.
ويلزم القانون المستثمر بمواصلة تشغيل نسبة لا تقل عن 25 بالمئة كحد أدنى قابل للزيادة من العاملين بالمنشأة الصحية، في حين يقيد حق المنشآت الصحية في الاستعانة بأطباء وأفراد هيئة تمريض وفنيين أجانب، بحيث لا يتجاوز عددهم 15 بالمئة في حد أقصى من إجمالي عدد العاملين بالمنشأة.
رفض نقابي
وناشدت النقابة العامة للأطباء، الرئيس عبد الفتاح السيسي، باستخدام صلاحياته الدستورية، بعدم التوقيع، على قانون تنظيم منح التزام المرافق العامة لإنشاء وإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية.
وقالت النقابة، في بيان رسمي إن “القانون الذي وافق عليه مجلس النواب يهدد سلامة وصحة المواطن المصري واستقرار المنظومة الصحية، ولا يحمل أي ضمانات لاستمرار تقديم الخدمة للمواطنين المصريين خاصة محدودي الدخل، ولالتزام المستثمر بالنسبة المحددة لعلاج مرضى التأمين الصحي ونفقة الدولة، كما أن القانون لا توجد به أي قواعد لتحديد المستشفيات التي يتم طرحها للإيجار”.
وقال نقيب الأطباء في الدكتور أسامة عبد الحي، في خطاب إلى المستشار حنفي الجبالي، رئيس مجلس النواب، والدكتور أشرف حاتم، رئيس لجنة الصحة في المجلس، إنه لا يوجد بمشروع قانون الحكومة أية ضمانات لالتزام المستثمر بالنسبة المحددة لعلاج مرضى التأمين الصحي ونفقة الدولة، متسائلاً هل ستلزم الحكومة المستثمر أن يبقي على الدوام هذه النسبة شاغرة لهؤلاء المرضى.
وفيما أعربت النقابة عن ترحيبها بتشجيع القطاع الخاص للمشاركة في تقديم الخدمات الصحية، وإنشاء وإقامة مستشفيات خاصة جديدة تضيف إلى الخدمة الصحية، وتذليل العقبات كافة في تسجيل وترخيص المنشآت الصحية، ومنح المستثمرين حزمة من الحوافز التي تشجعهم على بناء مستشفيات جديدة، رفضت النقابة أن يتم ذلك عبر ما سمّته “تأجير المستشفيات الحكومية القائمة” التي تقدم خدماتها للمواطن المصري وبالأخص محدودي الدخل.
وأشارت إلى أن قانون الحكومة يهدد استقرار 75 بالمئة من العاملين بالمنشآت الصحية التي تنوي الحكومة تأجيرها، حيث أن القانون أتاح للمستثمر أن يستغني عنهم وأن يعاد توظيف هؤلاء العاملين من الأطباء والتمريض والإداريين بمعرفة وزارة الصحة في أماكن أخرى.
وأبدت النقابة تخوفها من جلب المستثمر لأطباء من خريجي جامعات غير معترف بها من المجلس الأعلى للجامعات والتي قررت نقابة الأطباء في جمعيتها العمومية عدم قيدهم بسجلاتها.
وأوضحت أن القانون أجاز لوزير الصحة أن يمنح ترخيص مزاولة مهنة الطب للأطباء الأجانب للعمل فقط داخل المنشأة التي يستأجرها المستثمر، متخطياً بذلك الإجراءات المعمول بها في منح ترخيص مزاولة مهنة الطب للأجانب والمنصوص عليها في القوانين السارية.
دفاع حكومي
من جهته قال وزير الصحة خالد عبد الغفار، أن السماح للقطاعين الخاص والأهلي بالمشاركة في تقديم خدمات الرعاية الصحية ليس انسحابا حكوميا من دورها، وإنما يسهم في التطوير وتقديم خدمات أفضل، وتحفيز بيئة الاستثمار.
وأكد أن طرح المنشآت الصحية على القطاع الخاص سيكون عبر قنوات كثيرة، تنتهي بإصدار عقد التزام بقرار من مجلس الوزراء، ولن يكون مسؤولية الوزير المختص بمفرده.
وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة، حسام عبد الغفار، إن القانون يدعم تقديم الخدمات الصحية للمستشفيات ويضيف للعمالة الطبية، موضحًا أن القانون يسعى للاستفادة من الخبرات الأجنبية في مصر بجانب الأطقم المصرية.
وأشار في تصريحات متلفزة، إلى أن هذا القانون وضع شروط واضحة وهو ان الخبراء الذي يأتون لمصر وموافقة النقابة عليهم ياتون بشروط ونفس هذه الشروط موجودة في القانون والتسجيل في النقابة، ولن يكون لديهم اختلاف عن العمالة الأجنبية والخبراء الأجانب الموجودين في مصر قبل هذا المشروع.
وأضاف أن هناك شروطًا وهي الشهادات والاعتراف، وليس هناك مسار تعييني مختلف عما كان يتم العمل به سابقًا، مؤكدًا أن هذا القانون لا يشكل خطرًا على العمالة الطبية لمصر، ويشكل إضافة للخبرة من خلال الاحتكاك مع كبار الخبراء الأجانب وهو أمر مفيد للأطباء في مصر.
وشددا على أنه ليس هناك خطر على العمالة المصرية بالمستشفيات بعد إقرار قانون إدارة المنشآت الصحية، مؤكدًا أن نقابة الأطباء هي طرف في الموافقة على خبراء أجانب وتعطي حقق ممارسة المهنة لبعض الأطباء، وهذا القانون سيزيد من عدد الأسرة بالمستشفيات.
جدل نيابي
النائب ضياء الدين داود، اعتبر أن مشروع القانون المطروح أمام مجلس النواب الخاص بإدارة المستشفيات الحكومية، خطير للغاية، حيث “نرى فيه التخلي عند العجز، حيث تسعى الدولة إلى تقديم مرافقها العامة للمستثمرين فيجب الحديث عن الأمور بوضوح”.
وتابع “نحن بصدد عقد يمثل تنازلا مؤقتا عن إدارة مرفق واجب على الدولة إدارته، أرفض القانون، والعنوان الخاص بالقانون غريب ولا يوضح الفارق بين الإدارة والإنشاء والتطوير الخاص بالمرافق الصحية”.
أما النائب عبد الهادي القصبي، رئيس الأغلبية بمجلس النواب، فقد عقب بالقول “إن نواب الأغلبية نواب الشعب. لدينا دراسة علمية وطنية قبل أن نتحدث، ولا يعد هذا القانون إطلاقا عجزا للدولة المصرية ولا تنازلا عن خدمات الدولة، وإنما القانون كان واضحا وألزم الدولة بجميع التزاماتها أمام المواطن”.
من جهته، قال الدكتور أحمد العرجاوي، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، إن الهدف الرئيسي للقيادة السياسية يتمثل في إصلاح منظومتي الصحية والتعليم.
وأضاف خلال تصريحات متلفزة أن القانون يستهدف تطوير المنظومة الصحية، مع تدريب العاملين على أحدث مستوى، وتطوير المنشأة بحيث تصبح قادرة على تقديم الخدمات، إضافة إلى علاج غير القادرين بفئات التأمين الصحي وقوائم الانتظار والطوارئ وقوائم نفقة الدولة.
وتابع “الهدف الرئيسي خلال مناقشة القانون كان الحفاظ على حقوق المواطن البسيط، والقانون لا يؤثر على مريض نفقة الدولة والتأمين الصحي والطوارئ وقوائم الانتظار كما ذكرت”، مختتما أن اللجنة استجابت لتعديلات كثيرة، بينها تعديلات تخص الرعاية الصحية.