ألقت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، طوق نجاة للاقتصاد المصري، الذي يقاوم أمواجا متلاطمة، عندما قررت للمرة الأولى منذ خمس سنوات، وتحديدا منذ شهر مارس من العام 2019، رفع تصنيف الديون طويلة الأجل لمصر بدرجة واحدة من (بي سالبة) إلى (بي)، مشيدة بالتحسينات التي يشهدها الاقتصاد الكلي للبلاد.
وذكرت فيتش في بيانها أن “التعاملات المالية الخارجية لمصر كانت مدعومة” بعدد من البرامج والاستثمارات، بما في ذلك من جانب صندوق النقد الدولي، لافتة إلى “تحسن المعايير السياسية، ولا سيما زيادة مرونة سعر الصرف والشروط النقدية الأكثر صرامة”، بجانب تعافي الاحتياطات الأجنبية وتزايد ثقتها في أن سياسة سعر الصرف الأكثر مرونة ستكون أكثر استدامة مما كانت عليه سابقاً.
وقالت إن “المخاطر على المالية العامة انخفضت بشكل معتدل عبر إجراءات للحد من الاستثمارات العامة من خارج الميزانية وتوسيع القاعدة الضريبية، بينما نتوقع انخفاضاً ملحوظاً في عبء الفائدة المرتفع جداً على الدين المحلي لمصر”.
ويسهم رفع التصنيف الائتمانى فى زيادة الإقبال على شراء السندات الدولارية المصرية فى الأسواق الدولية؛ بما يدعم تدفقات بقيمة 7 مليارات دولار سنويا.
إنجاز مهم
تعليقا على ذلك، قال عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء، وليد جاب الله، إن قرارات مؤسسات التصنيف ينعكس بشكل كبير على جميع الاستثمارات العالمية، إذ يشير التصنيف الإيجابي إلى أن الدولة تسير في مجال نقدي ومالي جيد.
وأكد أهمية التوقعات التي رصدتها “فيتش” في تقريرها بشأن تراجع معدلات التضخم في مصر نحو 12.5 في المائة بنهاية العام المالي 2024 ـ 2025، مما يعطي رسالة اطمئنان قوية للمواطنين بالدولة والمستثمرين والقطاع الخاص في الحصول على تمويل بأسعار عادلة وعدم تأثيرها بشكل سلبي على الاستثمار.
وأوضح في تصريحات تلفزيونية أن هذا التقييم الإيجابي يفند كل الادعاءات التي تفيد بوجود اختلافات في وجهات النظر بين مصر وصندوق النقد الدولي، واصفا في الوقت نفسه علاقة مصر بالمؤسسات الدولية بـ”الجيدة”.
واعتبر أن هذا التصنيف إنجاز مهم يعكس قوة الاقتصاد المصري وإصرار الدولة على مواصلة الإصلاحات الاقتصادية الضرورية، لا سيما أنه أتى في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي تحديات كبيرة.
وقال الخبير الاقتصادي، مصطفى بدرة، إن رفع التصنيف الائتماني للدولة المصرية يعطي ثقة أكبر في الاقتصاد المصري وشهادة للمستثمرين للدخول باستثمارات في الاقتصاد المصري، مشددا على أنه سيساعد في جذب وتدفق مزيد من التدفقات الاستثمارية خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى التدفقات المالية من الأموال الصعبة خاصة بعد صفقة رأس الحكمة.
وأضاف بدرة في تصريحات تلفزيونية، أن هذا التقييم يشير إلى أن وكالة فيتش قامت بمراجعة شاملة تؤكد التحسن الملحوظ في الإمكانات الاقتصادية لمصر، موضحا أن السوق المصرية شهدت تزايداً ملحوظاً في حجم العملات الأجنبية المتاحة، بالإضافة إلى ارتفاع عدد الاستثمارات داخل البلاد؛ وهو ما ساهم بشكل مباشر في التقديرات الإيجابية الصادرة عن وكالة فيتش.
من جهته، قال عمرو حسنين، الخبير الاقتصادي، إن تصنيف فيتش كان متوقعا خاصة بعد صفقة رأس الحكمة، حيث حدث تحسنا في مؤشرات الاقتصاد المصري.
وأشار، في تصريحات تلفزيونية، إلى أن الاحتياطي النقدي لمصر ارتفع، كما ارتفعت نسبة النمو الاقتصادي، موضحا أن مصر أكبر من مستوى “B”، معتبرا أن ما حدث خطوة إيجابية، ولكن لا يليق بالدولة المصرية.
لا تعويم
الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، يعتقد أن المرحلة المقبلة ستشهد تدفقات خارجية بعد تقرير وكالة “فيتش، مؤكدًا أن فكرة التعويم الجديدة للجنيه المصري لن تحدث خلال الفترة المقبلة بسبب وجود وفرة في العملة الصعبة، وسعر الصرف يشهد استقرارا في الجهاز المصرفي خلال الآونة الحالية.
وأشار في تصريحات تلفزيونية إلى أن “ما يحدث الآن في سعر الدولار من ارتفاعات بسيطة بسبب وجود مرونة اقتصادية لسعر الصرف فقد يرتفع ويتراجع ولكن لن يكون هناك تعويم جديد للجنيه خلال الفترة المقبلة”.
ويعد رفع تصنيف مصر “شهادة ثقة للاقتصاد المصري”، وفقا للخبير الاقتصادي محمد البهواشي، الذي يؤكد أن الإجراءات التي انتهجتها الدولة المصرية عززت صدور هذا القرار.
وأضاف في تصريحات تلفزيونية، أن التدفقات الاستثمارية المباشرة التي تعتبر الأضخم في تاريخ مصر، أسهمت في رفع التصنيف، بالإضافة إلى أن القيادة السياسية تسهم في التشجيع على الاستثمار المحلي والأجنبي.
وأكد أن لجنة السياسات النقدية والبنك المركزي كانا أحد العوامل وراء توفير النقد الأجنبي، بالإضافة إلى التجارب الناجحة للاستثمار في كل القطاعات.
شهادة ثقة
وقال الخبير الاقتصادي محمد رزق، إن رفع التصنيف الائتماني لمصر سيسهم في زيادة تنافسية الاقتصاد المصري رغم العديد من التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي الآن.
وأشار في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إلى أن هذا التقييم الإيجابي يأتي نتيجة لتطبيق عدد من الإصلاحات التي ساهمت في تعزيز الاستقرار المالي والنقدي منها تحرير سعر الصرف والحفاظ على مرونة سعر الصرف وأيضا التدفقات النقدية الكبيرة التي تلقتها مصر خلال الفترة الماضية.
من جهته، اعتبر النائب سيد سمير، عضو اللجنة العامة بمجلس النواب، رفع وكالة فيتش التصنيف الائتماني لمصر للمرة الأولى من 2019، مؤشرا مهما وإيجابيا يعكس تحسن مؤشرات الاقتصاد المصري، وخاصة بعد الإجراءات الإصلاحية الأخيرة، كما يؤكد أن الاقتصاد الوطني المصري يسير في مسار صحيح.
وأشار في بيان، إلى أن هذا التصنيف سيسهم في تعزيز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في القدرات المتنوعة للاقتصاد المصري، في إطار سعي الدولة لتعظيم عوائد الاستثمار في مصر من خلال بيئة أعمال متوازنة وجاذبة وأكثر تنافسية، ومحفزة لزيادة مساهمة القطاع الخاص.
وأيد رأيه النائب محمد رضا البنا، الذي اعتبر هذه الخطوة “إيجابية جدا” وتؤكد تحسن مؤشرات الاقتصاد المصري ونجاح جهود الدولة المصرية، في دفع عجلة النمو الاقتصادي وكسب ثقة المؤسسات الاقتصادية الدولية الكبرى في الاقتصاد المصري.
وأوضح البنا، أن الجهود التي تبذلها الدولة لتهيئة بيئة جاذبة ومناسبة للاستثمار وصفقة مشروع رأس الحكمة وتوحيد سعر الصرف، والحوافز التي تقرها لجذب الاستثمارات وتعزيز مشاركة القطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية، وغيرها من الخطوات الإصلاحية، دعمت وعززت قرار وكالة فيتش برفع التصنيف الائتماني لمصر.
وقال إن رفع التصنيف الائتماني لمصر مؤشر إيجابي لمستقبل الاقتصاد الوطني، ويعزز ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد المصري، ومن شأنه أن يسهم في دفع عجلة النمو والإنتاج ويسهم فى زيادة الإقبال على شراء السندات الدولارية المصرية فى الأسواق الدولية.