قالت “نهاد علي”، رئيس شركة “فاينانشيال تريننج هب”، إن المستثمر عادة ما يضع نفسه تحت ضغط نفسي، بأنه يصدق كل ماهو يوافق وجهة نظره تماماً، بينما يرفض كل ما يختلف معه، وبالتالي تضيع المزيد من الصفقات الاستثمارية الواعدة والمحققة .
رئيسة شركة “فاينانشيال تريننج هب”، المتخصصة فى الدورات والتدريبية للمبتدئين والمحترفين على أسس الاستثمار، “نهاد علي”، أكدت أنه حينما يبدأ المستثمر فى أن يصدق أي حديث يوافق رأيه، ويرفض كل ما يختلف معه، فهذا هو “التحيز التأكيدي”: وهو الفخ النفسي الذي يضيع عليه صفقاته .
واضافت “نهاد علي”، في صباح أحد الأيام، قرّر أحد المستثمرين وهو موظف في الثلاثينات من عمره، أن يشتري سهم “الشرقية للدخان” عند ٤٩ جنيه، وكان متأكدًا أن السهم “لن يتوقف عن الصعود وأنه سيرتفع لـ ٦٠ جنيه خلال أسابيع.
ومنذ ذلك اليوم بدأ يمرّ على كل ما يراه في السوق من خلال فلتر واحد، ويستائل ” هل هذا يدعم رأيي إن السهم سيريح ؟
ثم قرأ تحليلًا فنيًّا يقول إن السهم وصل لمنطقة مقاومة قوية، وقال ذلك المستثمر فى قرارة نفسه “هذا التحليل غلطخاطئ لا فاهم السوق، بل واعتبر تقريرًا عن تراجع أرباح الشركة، قائلا: “هذه أرقام مؤقتة… الأساسيات قوية ”
ثم رأي “بوست” على السوشيال ميديا يقول: “السهم سيتجه الى مستويات ٦٠ جنيه”، ولم يتردد بل وشاركه على الفور، وكتب: “هذه هي الحقيقة”، ثم تراجع السهم، إلا أن هذا المستثمر لم يغير وجهة نظره أو حتى رأيه لأنه لم يعد يبحث عن الحقيقة، بل يبحث عن التأكيد.
هذه ليست قصة خيالية، وإنما ظاهرة نفسية تسمى: “التحيّز التأكيدي ” Confirmation Bias
وهي واحدة من أخطر التحيّزات اللي تقتل أداء المحافظ الاستثمارية… دون أن تشعر.
ولكن ما هو التحيّز التأكيدي :
بكل بساطة هو الميل الطبيعي لأنك كمستثمر تبحث عن المعلومات التي تؤكد رأيك، وتتبنى وجهة نظرك أنت ، وتتجاهل أو تُقلّل من المعلومات التي تناقضك، وهذا ليس عيبا وإنما هو جزء من طبيعة البشر، فالإنسان عقله يبحث دائما على الاستقرار النفسي، وليست الحقيقة المطلقة.
لكن في عالم البورصة :
ولكن فى عالم الاستثمار والبورصة فالأمر يختلف تماما، لأن هذه النظرية تعد كارثة، لأن السوق لا يتعامل برأيك، وإنما يتعامل بـ الحقائق: الحجم، الاتجاه، الأساسيات، التدفقات.
وإذا كنت كمستثمر تحبس نفسك في فقاعة من “الآراء التي تستهويك وتشعر معها بالارتياح”، فيمكننى القول بأنك فى تلك الحالة لست متداول، وإنما أنت ضحية لعقلك.
كيف يظهر التحيّز التأكيدي في التداول :
تشري سهم… وتفجأ أن كل الأخبار التي تظهر لك “إيجابية” عنه، لأن الخوارزميات تعرف رأيك… وتعززه ، وتتجاهل كسر دعم رئيسي، لأنك قرأت تحليل يقول “السهم سيعاود الارتفاع”.
وتقول على أي رأي مخالف: “ده مش فاهم”،
لكن أي رأي يوافق رأيك تقول: “ده خبير حقيقي، وربما الأهم: لا تستمع لأحد يقول لك: “ربما تكون غلطان”.
ولكن كيف التغلب على التحيّز التأكيدي :
1 – عليك ان تتقمص شخصية “محامي الشيطان” لنفسك، قبل أي قرار، تسأل: ما هي أقوى حُجّة ضد رأيك، وابحث عنها بصراحة حتى لو خالفتك.
2 – أجعل دائما مصادرك متنوعة، ولا تتابع فقط المحللين الذين يقولون “السوق صاعد”، اقرأ آراء المتشائمين، المحللين المحايدين، وحتى من يقولوا “السوق هيفرق”.
3 – اكتب فرضيتك… واختبرها، مثلاً: أنا أشري هذا السهم لأن المتوسط 50 يوم هيكسر 200 يوم لأعلى.، فإذا لم يحدث الكسر خلال الوقت المتوقع… غيّر رأيك، ولا تتمسك بالفرضية بحجة “كرامتك”.
4 – اطلب نقدًا صريحًا من صديق موثوق، أو في مجتمع تداول مهني: قولي إيه اللي ممكن أكون غافله عنه ” .
الخلاصة :
السوق المصري يزخر بالعديد من الفرص الاستثمارية الواعدة، ولكن قد يكون مليئ بالأسوات المضللة، وخطرها لن يظهر إلا حينما تكون داخل الفقاعة.
فالمتداول الناجح ليس دائما الذي يرى نفسه انه دائما على حق، وإنما هو من يعترف بالخطأ حينما يقع فيه، فعليك دائما أن تكون منفتح، وأن تكون دائما “فضولي” ، وعليك أن تستعد لأن تكون جاهز لتغيير رأيك… لو تطلبت الحقائق هذا، لأن أعظم قوة في البورصة ليست في المؤشرات، وإنما فى قدرتك كمستثمر على مواجهة نفسك بصراحة.





