سلايدرملفات وحوارات

سلاح المقاطعة ذو حدين… يضر “داعمي إسرائيل” أم الاقتصاد المصري؟

حين بدأ الجيش الإسرائيلي هجماته الوحشية على المدنيين في قطاع غزة، بدأت حملة عربية واسعة لمقاطعة مجموعة من الشركات الأجنبية التي لم تخف دعمها المطلق لإسرائيل وعملياتها العسكرية في القطاع.

إلا أنّ تلك الحملة أثارت الخلاف بين أبناء الوطن العربي عموما والمصريين خصوصا حول ما إذا كانت تؤتي ثمارها بالفعل، عبر التأثير المباشر في تلك الشركات، أو أنها تضر بالاقتصاد الوطني.

ومع أنّ عديد الخبراء رأوا في حملات المقاطعة خطرًا على الاقتصاد الوطني، شدد آخرون على أنّ فيها فرصة حقيقية لتعزيز تنافسية الشركات المحلية، والإلغاء التدريجي للاعتماد على المنتج الأجنبي.

وكانت “نقابة المحامين”، أولى الداعين إلى مقاطعة منتجات الدول التي تدعم إسرائيل. وفي بيان رسمي، أعلن نثب المحامين عبد الحليم علام عزم النقابة “تحريك دعاوى قضائية أمام المحاكم وفي المحافل الدولية ضد جرائم إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني”.

وقال عضو مجلس نقابة المحامين، عيسى أبو عيسى، في تصريحات صحفية، إن النقابة “حددت الدول التي تدعم إسرائيل؛ لكن لم تسم المنتجات سواء التي يتم استيرادها من الخارج أو الموجودة في مصر”.

تضر بالاقتصاد المحلي

وفي خضم الجدل، خرج الاتحاد العام للغرف التجارية، ببيانٍ يحذر فيه من الانسياق خلف دعوات المقاطعة لشركات مصرية تحمل علامة تجارية أجنبية (قيل إنها تدعم إسرائيل في حربها على غزة).

وأوضح الاتحاد في بيانه، أن الشركات التي يُدعى إلى مقاطعتها، تعمل بنظام “فرانشايز”، أي أن الشركة الأمّ لا تملك أيًا من الفروع الموجودة في مختلف دول العالم.

وأكد الاتحاد أن تلك الشركات “شركات مساهمة مصرية، توظف عشرات الآلاف من أبناء مصر، وتسدد ضرائب وتأمينات لخزانة الدولة”.

وقال البيان إن من يدعم جيش الاحتلال في غالبية الأحوال هو الوكيل في إسرائيل وليس الشركة الأم، لافتا إلى أن مثل تلك الحملات لن تؤثر في الشركات الأم، لأن مصر تشكل أقل من “واحد في الألف” من حجم الأعمال العالمية، فيما لا يتجاوز نصيب الشركة الأم من “الفرانشايز” 5 في المئة من إيرادات الشركة المصرية، وبالتالي فالأثر على الشركة الأم لا يُذكر، لكنّ الذي سيتأثر هو المستثمر المصري والعمالة المصرية.

وأيّد ذلك، المهندس أشرف الجزايرلي، رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، الذي قال إنّ حملات المقاطعة “غير منطقية ولا تعمل على تشجيع المنتج المحلي كما يتخيل البعض، بل على العكس تضر بهذا المنتج المحلي، كما تضر بالعمالة وكذا الحال الاقتصاد ككل، لأن هذه المشروعات تدفع رواتب للعمال وضرائب وجمارك للاقتصاد”.

وأضاف في تصريحات صحفية أن “الاستثمارات الأجنبية عندما تأتي إلى السوق المصري، يشترط على المستثمر تشغيل 70 في المئة من العمالة المصرية لديه”.

وفي بعض المشروعات الأجنبية بمصر، تُستورد بعض مكونات المنتج من الخارج، بينما تكون بقية مكوناته مصرية لتحقيق قيمة مضافة، وبالتالي تضر المقاطعة بالمصنع المصري، على حد تعبيره.

إلى ذلك الاتجاه، ذهب وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، ياسر عمر، الذي قال في تصريحات صحفية، إن دعوات المقاطعة لبعض المنتجات والعلامات التجارية العالمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي “غير مقبولة وغير منطقية”، لما لها من تأثير سلبي على الاقتصاد المصري والاستثمارات الاجنبية المباشرة.

وشدد على ضرورة الفصل بين الاقتصاد والتعاطف الوطني، لأن الظروف الاقتصادية الحالية تحتم علينا مراعاة ذلك لأن الضرر الاقتصادي الناتج عنها أكبر بكثير على مصر، حسب تعبيره.

ولفت إلى أن الشركات التي يُدعى إلى مقاطعتها “تشكل العمالة المصرية نحو 99 في المئة منها، كما تسدد الضرائب للدولة، وتعدّ منتجاتها مصرية، لأن تصنيعها يكون بمصانع داخل مصر، محذرا من أن تلك الدعوات سينتج عنها انخفاض في المبيعات وبالتالي تراجع في الضرائب المسددة.

تسريح آلاف العمال

ويعتقد الذين يناهضون فكرة المقاطعة، أن “مئات الآلاف من المواطنين الذين يعملون في الشركات المدعو إلى مقاطعتها مهددون بالتسريح”، ويردّ عليهم مؤيدوها بأن تشجيع الشركات المحلية سوف يزيد من إنتاجها ومن ثمّ يزيد من توظيف العمالة فيها لتحقيق الإنتاج المطلوب.

لكنّ النائب ياسر عمر يعلق ذلك بقوله إن المنتجات المحلية التي يتم ترويجها كبديل “موجودة في السوق المحلية منذ سنين ولا تتمتع بإمكانيات ولا قدرة إنتاجية تستوعب العمالة التي ستضرر من دعوات المقاطعة، معتبر أن هذا الأمر “أثبت فشله منذ 50 عاما مضت”.

في المقابل، يقول رئيس جمعية “مواطنون ضد الغلاء”، محمود العسقلاني، إن “المقاطعة سلاح مهم، وستكون مجدية جدا، ولا خوف على العمالة المصرية أو الاقتصاد المصري من هذا الأمر”.

وأضاف في تصريحات صحفية أن “معظم السلع والمنتجات التي تدعم إسرائيل لها بدائل محلية في السوق المصرية”.

متى تصبح فعالة؟

وأيّدت المحللة الاقتصادية الأردنية، ليان الصالحي حملات المقاطعة، لكونها “تؤثر بالتأكيد على الشركات الأم، التي تستفيد بشكل شهري أو سنوي من أرباح ومبيعات الشركات المحلية بمختلف دول ومناطق العالم، مقابل استغلال اسمها التجاري”. وأكدت أن “تأثر الشركات المحلية من مقاطعة منتجاتها وحدوث أي خلل على مستوى أرباحها، يطول الشركة الأم أيضا”.

لكنّ أستاذ الاقتصاد بجامعة أسيوط، الدكتور عبد الهادي سويفي، يقول إن سلاح المقاطعة “يصبح ذا جدوى -فقط- إذا كان العرب أو المصريون هم المستورد الرئيسي لسلعة معينة من دولة معينة، واتفقوا جميعا على المقاطعة”.

وحذر من أن إطلاق حملة مقاطعة عامة لجميع السلع قد يضر بالسوق المحلية، فضلا عن تأثيرها على العمالة وخسارة استثمارات كبرى”.

وشدد أستاذ الاقتصاد على ضرورة أن يخضع الأمر للانتقاء ولدراسات تثبت أن “مقاطعة هذه الشركات أو المنتجات ستكون مؤثرة حقا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *