اقتصاد

سر تحقيق «التارجت السنوي» للاقتراض الداخلي في 3 شهور فقط

«المالية» تجمع 91% من مستهدف إصدارات الدين المحلية..

جمعت مصر في وقت قياسي نحو 91.1% من إجمالي القيمة المستهدفة من إصدارات الدين المحلية خلال السنة المالية الجارية، في الربع الأول من العام الحالي فقط، بدعم الطلب القوي من المستثمرين الأجانب وإغراءات السيولة المعروضة في العطاءات وسط عجز الموازنة.

 

باع البنك المركزي المصري، بالنيابة عن وزارة المالية، أذون وسندات خزانة محلية وصلت إلى نحو 3.26 تريليون جنيه خلال الربع الأول من العام المالي الحالي (يوليو إلى سبتمبر)، من مستهدف سنوي بقيمة 3.575 تريليون جنيه.

 

على أساس فصلي، باع المركزي بأكثر من 39% من مستهدفه البالغ نحو 2.36 تريليون جنيه، بحسب بيانات المركزي المصري. تبدأ السنة المالية في مصر في أول يوليو وتنتهي في يونيو من كل عام.

 

يعمل البنك المركزي بالنيابة عن وزارة المالية على طرح عطاءات أذون وسندات خزانة بشكل دوري كل أسبوع بهدف جمع سيولة من المستثمرين لسداد النفقات بسبب عجز الموازنة.

 

 

 

جاذبية الأموال الساخنة

 

يرى محمد عبد العال، الخبير المصرفي، أن وزارة المالية استفادت من الزخم القوي خلال الربع الأول من العام المالي لتجمع مستويات مرتفعة من السيولة تجاوزت المستهدف تحت ضغط الحاجة لتمويل عجز الموازنة.

 

وأشار إلى أن الإقبال القوي من المستثمرين الأجانب دفعت الحكومة لتسريع وتيرة البيع وسط الحاجة لتأمين موارد دولارية بشكل سريع وفي أقصر وقت.

 

وكذلك المخاوف من منافسة العائد في الدول الأخرى التي تتقارب مع مصر في درجة المخاطر مثل تركيا والبرازيل من العوامل الأخرى التي تدفع المالية في القبول بكميات كبيرة دون انتظار الطروحات المقبلة، وفق عبد العال.

 

وأكد مصرفيون في وقت سابق أن تدفق الاستثمار الأجنبي في أذون وسندات الخزانة المحلية خلال آخر 3 أشهر ساعد في تحسن أداء الجنيه مقابل الدولار.

 

وجذبت مصر نحو 25 مليار دولار استثمار أجنبي خلال أول 15 شهرا من تحرير سعر الصرف ليتخطى إجمالي رصيد المحفظة نحو 38 مليار دولار بنهاية مايو الماضي، وفق آخر بيانات للبنك المركزي.

 

وارتفع الجنيه المصري إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من عام ليهبط سعر الدولار تحت الـ 48 جنيها للشراء والبيع.بنهاية تعاملات الخميس.

 

 

 

اعتبارات السيولة

 

بحسب محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت في شركة الأهلي للاستثمارات المالية، فإن المالية تضع دائما أمامها أهمية قصوى لتوافر السيولة في اتخاذ قراراتها التمويلية وتفضل القبول بالسيولة المتاحة بشكل عاجل بها تحسبا لاحتمال تراجعها في أوقات أخرى.

 

وأوضح أن تجاوز المالية للمستهدفات لا يأتي فقط بدافع توافر السيولة لكن تستند أيضا إلى اعتبارات عديدة منها سعر الفائدة ومعدل التضخم المتوقع.

 

كان البنك المركزي المصري خفض سعر الفائدة 6.25% منذ بداية العام الحالي لأول مرة منذ 4 سنوات ونصف آخرها 1% يوم الخميس الماضي إلى 21% للإيداع و22% للإقراض.

 

وتباطأ معدل التضخم على مستوى مدن مصر إلى 11.7% في سبتمبر من 12% في أغسطس للمرة الرابعة على التوالي.

 

 

 

مبيعات مكثفة في الآجال القصيرة

 

استحوذت أذون الخزانة قصيرة الأجل على نحو 88% من إجمالي الطروحات مقابل 12% لسندات الخزانة.

 

باعت الحكومة المصرية أدوات دين بأحجام كبيرة عبر آجال متعددة، إذ أصدرت أذون خزانة قصيرة الأجل لفترة 3 و6 و9 أشهر وسنة، خلال يوليو إلى سبتمبر بنحو 2.881 تريليون جنيه، بزيادة 40.5% عن إجمالي السيولة المستهدف جمعها خلال الربع الأول من العام الحالي بنحو 2.05 تريليون جنيه.

 

وأكد نجلة أن الاقتراض، محليًا أو خارجيًا، يظل أداة تمويلية لسد الاحتياجات، موضحا أن أمام مصر فرصة حقيقية خلال السنوات الخمس المقبلة لكسر الحلقة المفرغة من العجز والديون عبر تنويع أدوات التمويل وتوجيه القروض لمشروعات منتجة، ما قد يساهم في خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي وتوسيع المساحة المالية الموجهة للخدمات العامة بدلًا من تآكلها في خدمة الدين.

 

واعتبر نجلة أن الحل الأمثل هو مزيج متوازن بين النوعين: توجيه الخارجي طويل الأجل للمشروعات الاستراتيجية الكبرى، بينما يغطي المحلي الاحتياجات العاجلة، مع التركيز على زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتحويلات المصريين من الخارج لتخفيف الضغط على الديون.

 

أشار إلى مؤشرات إيجابية، إذ تراجعت نسبة الفوائد إلى الإيرادات من 54% قبل ثلاث سنوات إلى نحو 46% حاليًا، مع استهداف وزارة المالية النزول بها إلى أقل من 40% خلال العامين المقبلين، وهو ما يتيح مساحة مالية أكبر للإنفاق الاجتماعي والاستثماري.

 

يرى رئيس أسواق النقد والدخل الثابت في شركة الأهلي للاستثمارات المالية، أن الاقتراض المحلي أصبح خيارًا شبه إلزامي في المدى القصير لسرعة توفير السيولة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *