الشارع الإسرائيلي مؤثر رئيسي وهام في الصراع العربي الإسرائيلي عموما، وفي الحرب الدائرة الآن في غزة على وجه الخصوص، ولا يجب تجاهله حيث أن الضغوط الداخلية تصاعدت بصورة كبيرة ضد جيش الاحتلال، وارتفعت طلباتها بالإضراب العام المفتوح حتى عودة الأسرى.
أصبح لدى الشارع الإسرائيلي قناعة متزايدة أن الأهداف المعلنة لحرب غزة من قبل الاحتلال الإسرائيلي لم يتم تحقيقها بعد 70 يوما من القتال، وأن الجيش لم يعد قادرا على إنجازها، بالإضافة إلى فشله في تقويض حركة حماس الهدف الرئيسي من الحرب.
وندد الشارع الإسرائيلي بفشل جيشه في عودة الأسرى سالمين بعد هذه المدة الطويلة، ما يعني تقليص قدراته وكفاءة أفراده، الأمر الذي أربك صفوفه وبدأت النيران الصديقة تعرف طريقها بين الجنود، بل إن الجيش تسبب في تصفية ثلاث أسرى إسرائيليين خلال عملية عسكرية في قطاع غزة، ظنا منه أنهم من المقاومة، الأمر الذي يبين مدى الارتباك والأيادي المرتعشة التي تظهر الحالة النفسية السيئة للجنود.
الشعب الإسرائيلي فقد الثقة ليس فقط في قدرة جيشه على حمايته وحماية الأسرى، بل أيضا في صدق تصريحات قادة الجيش، وفشلت كل رسائل الطمأنينة في تحقيق أهدافها المرجوة، بل إن الشارع الإسرائيلي بات يتلقى البيانات العسكرية بطريقة عكسية وبنفور تام يكشف الهوة الكبيرة التي بدأت في الاتساع بين المواطن اليهودي وجيش الاحتلال.
ووفقا لوسائل إعلام إسرائيلية أمس الأول السبت، فقد طالبت عائلات الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، حكومة بلادهم بوقف القتال فورا وبدء مفاوضات جادة مع حركة حماس لتأمين الإفراج عن الأسرى.
وصرحت ابنة الأسير حاييم بيري، قائلة: «لا نتلقى سوى الجثث، نريد منكم وقف القتال وبدء المفاوضات»، وقال روبي تشين والد الأسير إيتاي تشين 19 عاما مستهجنا «الأمر يبدو كأنه لعبة الروليت الروسية.. من سيكون التالي»، مضيفا «وعود الحكومة الإسرائيلية غير صادقة لقد وعدتنا أنها ستقوم بحرب برية لإعادة المختطفين لكنهم يعودون موتى».
وهدد أهالي الأسرى الإسرائيليين في غزة حكومة الاحتلال أنه في حال فشلها في ضفقة الأسرى فإنهم سينقلون اعتصامهم إلى مقر وزارة الحرب في تل أبيب.
وخلال وقفة احتجاجية حاشدة في عاصمة الكيان قالت رزاز بن عامي، إحدى المفرج عنهن مؤخرا من قبل حماس ومازال زوجها في الأسر «توسلنا إلى مجلس الوزراء وحذرنا من أن القتال قد يلحق الضرر بالأسرى، وللأسف كنا على حق»، ودعت خلال كلمة ألقتها في ساحة المختطفين الحكومة إلى إطلاق صفقة تبادل لإعادة الأسرى.
باختصار.. في الوقت الذي تشن فيه إسرائيل أكبر تسونامي بشري دموي في العالم على أهالي غزة، فإنها تواجه ضغوطا شديدة في الشارع الإسرائيلي وفقا لوسائل إعلام الاحتلال، حيث يتجمع أهالي المحتجزين لبدء خطوات تصعيدية بمطالب محددة وهي وقف المعارك البرية وإقامة صفقة تبادل سريعة مع حماس.
تبقى كلمة.. إذا كان هناك أوراق ضغط من قبل الشارع اليهودي على جيش الاحتلال لوقف الحرب فلماذا لا نستغلها كمسلمين وعرب نملك الكثير من أوراق الضغط غير المستخدمة لتكون عملية ضغط موازية وأشد قوة على الاحتلال وكفيله الأمريكي لنضع حدا لتلك المجازر والتجاوزات والانتهاكات الصارخة للقانون التي أعادتنا إلى عصور ما قبل التاريخ.
وأخيرا لماذا لا نستغل الفرصة الذهبية لنخاطب الشارع الإسرائيلي الثائر بلغته عبر إذاعاتنا وفضائياتنا التي غطت سماء الدنيا، أم أنها أسست لغير قضايانا العربية والإسلامية.. أفيقوا من غفوتكم يرحمكم الله.