سلايدرمصر

سامي أبو العز يكتب: ملامح الدمار على أرض غزة

ما بعد الهدنة، ربما كان اليوم الخميس، هو ما نقصده، وربما كنا قد دخلنا هدنة جديد في الحرب على غزة، حتى كتابة هذه السطور لم يكن هناك إعلان لمد ثالث للهدنة الإنسانية «4+2»، وعلى كل حال فحديثنا اليوم عن ما بعد الهدنة، سيناريوهات محتمله ربما وضع بعضها المنطقة بأسرها على فوهة بركان.

بداية نشير إلى تصريحات قادة الاحتلال خلال 48 ساعة قبل سريان الهدنة، حيث هدد وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن عفير، بأنه سوف يقدم استقالته فورا من الحكومة إذا لم تستأنف الحرب على قطاع غزة مباشرة فور انتهاء الهدنة، وشدد خلال مقابلة مع القناة 14 التابعة لليمين الإسرائيلي قبل دخول صفقة تبادل الأسرى حيز التنفيذ، قائلا القتال سيستأنف.

ولم يكن نتنياهو في معزل عن تلك التصريحات العنترية، فقد تعهد بالاستمرار في الحرب فور انتهاء الهدنة حتى تحقق أهدافها كاملة، وبالطبع وفقا لهذه الأهداف من قبل دراكولا العصر فالأمر يعني أن قوة الحرب قبل الهدنة شيء وبعدها شيء آخر تماما.

الأمر هنا يدفعنا للتذكرة وحتى لا ننسى في عجالة سوف نترك الأرقام تتحدث عن الفاتورة الباهظة التي دفعتها غزة قبل الهدنة خلال 48 يوما لم يذق فيها أشقائنا الفلسطينيين طعم الراحة ولم يعرف النوم طريقه لجفونهم إلا من رحم ربي وارتقى إلى المولى عز وجل شهيدا.

الأرقام تكشف أكثر من 15 ألف شهيدا بينهم 6150 طفلا و4000 امرأة، وأكثر من 36 ألف مصابا بالإضافة إلى 7 آلاف مفقود مصيرهم مجهول حتى الآن، بينهم 4700 امرأة وطفل.

ووفقا للإعلام الحكومي في غزة بلغ عدد ضحايا الكوادر الطبية 207 شهيدا وطواقم الدفاع المدني 26 شهيدا، فيما بلغ عدد الشهداء من الصحفيين 70 شهيدا.

ولم تكن المنشآت بمنأى عن الاستهداف فقد دمر جيش الاحتلال 103 مقرات حكومية، و266 مدرسة منها 67 مدرسة دمرت بالكامل وخرجت من الخدمة، وتدمير 88 مسجدا بصورة كلية، و174 آخرين تدميرا جزئيا، بالإضافة إلى استهداف 7 كنائس.. وبالنسبة للمباني السكنية فقد تعرضت 50 ألف وحدة لهدم كلي و240 ألف وحدة لهدم جزئي، وخرجت 26 مستشفى و55 مركزا صحيا عن الخدمة ودمرت 56 سيارة إسعاف.

ما سبق أهم ملامح الدمار الذي تعرضت له غزة قبل الهدنة، أما بعدها فهناك أكثر من سيناريو، الأول أن تتجدد الهدنة لأكثر من مرة، لأن إحصاء الخسائر للطرفين يتطلب العقل والحكمة في وضع حد للحرب في أسرع وقت، والأمر يتعلق بمدى قوة أوراق الضغط التي يملكها الرعاة مصر وأمريكا وقطر على طرفي الصراع في محاولات جادة لتكون هذه الهدنة بوابة للجلوس على طاولة المفاوضات ووضع حلولا جذرية للصراع وأهمها بالطبع حل الدولتين، والذي يعد بمثابة الحلم الذي طال انتظاره.

السيناريو الثاني هو العودة إلى الحرب، وهذا الأمر في غاية الخطورة لأنه سوف يؤدي إلى تعدد الجبهات واتساع رقعة حدود الصراع بين المحتل وبعض دول الجوار الأمر الذي يعني أن إسرائيل ستعود لاحتلال قطاع غزة ولكن هذه المرة سيتم التصدي لها بقوة من قبل المقاومة الأمر الذي سيكبد الطرفين خسائر لا طاقة لهما بها.

السيناريو الثالث هو نشر قوات دولية للفصل بين طرفي الصراع مثلما حدث بعد حربي 48، و67، إلا أن الأمر مختلف الآن، فسابقا كان الاحتلال هو القوة الوحيدة، وقوات حفظ السلام تمنعه عن الفلسطينيين العزل، أما الآن بالأمر مختلف فرجال المقاومة أشداء أولي بأس، ورغم تفوق الاحتلال عسكريا إلا أن الحقيقة على أرض المعركة وخاصة من النقطة صفر اثبتت أن رجال المقاومة أشداء مؤيدون بنصر الله وعزته.

باختصار.. الاحتلال الإسرائيلي الغاشم بات لديه قناعة كبرى أن حكاية تحقيق الحرب وهدفها أمر بات مستحيل، لأنه تيقن أن العمليات العسكرية لن تعيد له الأسرى ولن تقضي على حماس، فلجأ للهدنة وتبادل الأسرى رضوخا لضغوط الجبهة الداخلية.

والأهم من ذلك في قضية الصراع، حيث كان يأمل أبالسة العصر اليهود ومعاونيهم أن حرب الإبادة التي استهدفوا بها أهل غزة سوف تسفر عن تهجير الأشقاء إلى الأردن ومصر بهدف تصفية القضية، لكنهم وجدوا كتلة صلبة تحطمت عليها أحلامهم، فالفلسطينيون متمسكون بأرضهم ويواجهون العدو بصدورهم، ولن يبرحوا أرضهم إلا إذا ارتقوا إلى السماء.

ومصر والأردن مواقفهم ثابتة منذ اللحظة الأولى للصراع، بل على امتداد عقود طالت أنه لا تهجير على حساب تصفية القضية الفلسطينية ولا بديل عن الدولة المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.. عاشت فلسطين عربية ومهما كانت سيناريوهات بعد الهدنة ستبقى عربية وقلب العروبة النابض على أرض مهبط الأنبياء.

samyalez@gmail.com

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *