نزع فتيل الصراعات في الشرق الأوسط ينذر بالعديد من العواقب الوخيمة خلال الفترة المقبلة، خاصة مع اختفاء حلول شاملة تقضي عليها.. الأمر لم يعد بأيدينا ولا نملك علاج تشوهاتنا، وإنما الواقع السياسي والاستراتيجي للمنطقة بات مرهونا بإرادة الدول الكبرى التي خططت منذ سنوات ونفذت وصولا إلى الوضع الراهن.
سيناريوهات المنطقة ليست وليدة صراعات تفجرت فجأة من باطن الأرض، وإن كانت ينابيع الأرض كلها خير من الماء إلى البترول كما أنها مصدر للبراكين والزلازل، ولكنها أعدت بعناية في مكاتب الصهيونية العالمية وبلطجي العالم الأمريكي للسيطرة على الشرق الأوسط وخيراته وتأصيل وجود الدولة الصهيونية التي زرعت منذ أكثر من 7 عقود نواة لسرطان تغلغل في الجسد العربي لينتشر ويصل إلى المرحلة الرابعة.
مخططات تفتيت الوطن العربي كثيرة ومنها المخطط الذي أعده البريطاني برنارد لويس -الذي ولد في لندن عام 1916 من أسرة يهودية وتوفي في عام 2018، وعمل لسنوات طويلة مستشارا لإدارتي جورج بوش الأب والابن – والذي وجد قبولا كبيرا في دوائر اتخاذ القرار البريطانية والأمريكية، ودخل حيز التنفيذ عبر اليهود المتعصبين تحت ستار مكافحة الإرهاب خاصة بعد تفجيرات نيويورك لوضع مخطط الشرق الأوسط الجديد.
وأوضحت تصريحاته الشهيرة في عام 2005 عن نواياه، حيث أعلن أن الحل السليم للتعامل مع العرب والمسلمين هو إعادة احتلالهم واستعمارهم وتدمير ثقافاتهم الدينية، وإعادة تقسيم دولهم إلى وحدات عشائرية وطائفية.
البداية كانت مع الحرب الإيرانية العراقية ليكلف برنارد لويس من وزارة الدفاع الأمريكية بوضع مشروعه الشهير لتفكيك الوحدة الدستورية للدول العربية والإسلامية، وتضمن مشروعه خرائط تقسيم مصر إلى 4 دويلات، والسودان إلى 4 ولايات، كما تضمن تفكيك ليبيا والجزائر والمغرب وتونس إلى ولايات متناحرة، وتحويل شبه الجزيرة العربية واليمن إلى 3 دول فقط، وتقسيم سوريا إلى 4 دويلات والعراق إلى 3 أقاليم.
كما تضمن مشروع تفتيت الوطن العربي والإسلامي تحويل لبنان إلى 8 أقسام مذهبية وعرقية، وابتلاع فلسطين بالكامل وتصفية الأردن وتحويله إلى وطن بديل للفلسطينيين، وتحويل إيران وباكستان وأفغانستان إلى 10 دويلات عرقية ضعيفة، وانتزاع جزء من تركيا وضمه إلى الدولة الكردية في العراق.
باختصار.. ما يحدث في الشرق الأوسط ليس صدفة، فسيناريوهات الفوضى مكتوبة منذ زمن ومخطط لها، وتنفذ بدقة، والربيع العربي كان جزءا من هذا المخطط المأساوي والأوضاع التي تعيشها دول المنطقة وظهور النعرات السياسية والعرقية أحد المسارات التدميرية لأمتنا ووطننا العربي.. المشكلة أننا ننسى ونتغافل ونعتمد على نظرية التواكل منهاجا على أن كل شيء مقدر، فهانت علينا أنفسنا وهان بالطبع على عدونا الغدار، والنتيجة آلام السرطان الصهيوني الأمريكي البريطاني أدمت جسدنا العربي ونخرت عظامه وما عاد يقوى على مواجهة الحياة.
نلوم زماننا والعيب فينا.. وما لزماننا عيب سوانا
تبقى كلمة.. ما يحدث على أرض الواقع وما يتعرض له الغزيين والفلسطينيون عموما من حرب إبادة شاملة يأتي متطابقا مع مخطط برنارد لويس الذي أصل لفكرة ابتلاع الوطن الفلسطيني بالكامل وتمزيق الخريطة العربية ونأمل ألا يتحول هذا الكابوس إلى واقع نخشى أن يكون بداية لتحقيق المخطط التدميري الذي يقتلع جذورنا من باطن الأرض.
[email protected]