مصر

سامي أبو العز يكتب: غزة.. 4 آلاف عام من الصمود

غزة مركز الصمود العربي والإسلامي بل والعالمي، حيث استحقت هذا اللقب بجدارة.. نعم 2.2 مليون غزاوي يدفعون أرواحهم ثمنا غاليا دفاعا عن الأرض والعرض وحق الأمة بأكملها في التمسك بجذورها والتصدي لتتار العصر مهما كان الثمن.

منذ فجر الإسلام حتى اليوم وغزة مقبرة الغزاة، المدينة الباسلة التي بنيت قبل 4 آلاف عام تدفع ثمن موقعها الجغرافي المتميز بين عدة قارات وملتقى الهجرات والقوافل، وفتحها قدماء المصريين والبابليين واليونان والفرس والرومان حتى وصل إليها العرب والفتح الإسلامي.

تعددت أسماء غزة تاريخيا، وورد اسمها في سفر التكوين، وسميت إيوني، مينووا، قسطنريا، غاريس، وأطلق عليها الفرس «غازا»، كما يعني اسم غزة المنعة والقوة، ومن بين أسمائها غزة هاشم تيمنا بجد النبي صلي الله عليه وسلم هاشم بن عبد مناف، والذي كان يقصدها للتجارة في رحلات الصيف ثم دفن فيها، وهي التي ولد فيها الإمام الشافعي أحد الأئمة الأربعة، وأطلق عليها العبرانيون «عزة»، والكنعانيون «هزاتي»، أما قدماء المصريين فقد أطلقوا عليها «غازاتو» أو «غاداتو».

كشف كتاب تاريخ غزة للمؤلف الفلسطيني عارف العارف، والذي صدر عام 1943 تاريخ المدينة الساحلية العريقة كاشفا أنها من أقدم المدن التي عرفها التاريخ، وفي بداية القرن الماضي في العام 1907 وصف الحاخام الأمريكي مارتن ماير غزة قائلا: «إنها مدينة مثيرة للمهتمين بدراسة التاريخ»، مضيفا أنها نقطة التقاء للقوافل التي كانت تنقل بضائع جنوب الجزيرة العربية والشرق الأقصى إلى البحر الأبيض المتوسط ومركز توزيع البضائع إلى سوريا وآسيا الصغرى وهمزة الوصل بين مصر وفلسطين.

وتعني كلمة غزة العزة والمنعة والقوة وفقا لقاموس العهد القديم، وذلك بسبب الحروب الكثيرة التي دارت على هذه الأرض الطيبة وصمدت خلالها جميعا صمود الجبابرة.

وكشف عالم الأثار الإنجليزي السير فلندرس بتري، أن غزة أنشئت قبل الميلاد بثلاثة آلاف عام فوق التل المعروف بـ«تل العجول» وأن الملاريا التي اجتاحت المدينة حين ذاك أجبرت سكانها على النزوح بعيدا عن المكان الموبوء حيث حطوا رحالهم على بعد ثلاثة أميال وأنشأوا غزة الجديدة في موقع المدينة الحالي وكان ذلك في عهد الهكسوس الذين سيطروا على المنطقة كلها في ذلك الوقت.

وهناك رأي مخالف يرى أن غزة مازالت في موقعها القديم وأن تل العجول كانت ميناء غزة التجاري، وهناك رأى ثالث يرى أن غزة القديمة قد خربت على يد الإسكندر الأكبر، كما يرى مؤرخون أن مملكة معين وسبأ أولى الممالك العربية التي أسست مدينة غزة وسكنها «العويون» و«العناقيون» وهم الفلسطينيون القدماء والذين يعدون أول من استوطن غزة، وجاء ذكرهم في أسفار العهد القديم، كما استوطنها «الديانيون» أحفاد النبي إبراهيم عليه السلام، و«الآدميون» وهي قبائل بدوية كانت تقطن جنوب الأردن.

باختصار.. غزة التي صمدت أمام كل النكبات منذ فجر التاريخ، وهزمت كل الغزاة وحولت أرضها إلى مقبرة لكل من تسول له نفسه النيل من ترابها، كتب الله عليها الجهاد حتى أصبحت مدينة الأبطال ومصنع الرجال الأشداء، لا فرق بين صبي وشاب وشيخ حتى نسائها أصبحن رمزا للصمود والتصدي.

ما يحدث في غزة اليوم إحدى حلقات الكفاح المستمر في مواجهة حرب الإبادة الجماعية تحت سمع وبصر العالم يواجهون خلالها بصدور عارية الآلة الإسرائيلية العسكرية الجبارة والدعم الأمريكي الغربي اللامحدود وسط صمت 2 مليار مسلم حول العالم يكتبون حلقة جديدة من حلقات الصمود وسيكون حليفهم بإذن الله النصر لأن وعد الله أتٍ لا محالة.

تحية للغزيين الذين تزيدهم الحرب صلابة وقوة سائلين الله أن يكتب لهم نصرا قريبا والنجاة من شباك اليهود وأعوانهم.

samyalez@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *