سلايدرمصر

سامي أبو العز يكتب: طاعون العصر الإسرائيلي 

 

 

44 يوما، السماء تمطر نارا والأرض ترتجف قصفا، والبحر تتدافع أمواجه من الصواريخ التي تنطلق من السواحل.. هذا حال سكان غزة يفترشون الأرض، ويلتحفون السماء ويختبئون تحت الأنقاض، دماء لا تجف، وأنين لا ينتهي وعويل لا يتوقف، نهارهم يتحدث بلغة صمت القبور، وليلهم نهارا من شدة الانفجارات، وأخر كلماتهم دائما الشهادتين، فلا تدري نفس ما بين رمشة العين وإفاقتها هل يمهلهم القدر فرصة جديدة لتكون أخر كلماتهم لا إله إلا الله محمد رسول الله.

الاحصائيات مرعبة، ولكن كل شيء له عوض ويمكن إعادة من جديد وبنائه وربما بطريقة أفضل، إلا الأرواح والنفس البشرية فلا بديل لها ولا عوض عنها.. لذا فإن إحصائية الشهداء هي الأكبر صدمة والأكثر إثارة لوطن تزلزله دانات المدافع والمدرعات والانفجارات وحرب الإبادة التي يرتكبها العدو اليهودي الغاشم على طريقة الأرض المحروقة.

نازيون العصر الحديث يستحلون حرماتنا، ويغتصبون أرض العروبة ويدنسون مقدسات فلسطين المحتلة، ويسلبون أرواح أشقائنا الفلسطينيين مفتخرين بعنصريتهم، متباهين بفجرهم أمام عالم أعمى يؤيدهم، وقريب مغيب يدعمهم وأرواح ترتقي إلى بارئها فرحة بلقاء ربها مختصمة جلاديها ومناصريه أمام رب العالمين.

13 ألف شهيدا ارتقت أرواحهم الطاهرة إلى سماء الخلد وجنات النعيم منذ السابع من أكتوبر الماضي مع انطلاق عملية طوفان الأقصى، في دفاع مستميت عن شرف العروبة وصيانة الأرض والعرض.

وبحسبة بسيطة فإن حصيلة الشهداء تبلغ 300 شهيدا يوميا في غزة، بمعنى أن هناك 25 شهيدا كل ساعة بمحصلة شهيد كل دقيقتين تقريبا.

طاعون العصر الإسرائيلي الذي أصاب أهالي غزة في مقتل فاق في ضراوته كل الفيروسات والأوبئة التي غزت العالم، بل وإن آلة القتل العنصرية لا تفرق بين رجال المقاومة والمدنيين ودور العبادة والمدارس وغيرها ولا تميز بين الأطفال والنساء والشيوخ، فالجميع هدف يجب القضاء عليه قتلا بالرصاص أو حرقا أو تحت الأنقاض، أو بأي وسيلة يشاؤون المهم أن يصيب الموات المكان المستهدف كله، وتفوح رائحة الموت في المكان ويصبح صمت القبور هو السمة المسيطرة للتوسع العمليات الدموية كل يوم على سابقه، ليحققوا حلمهم في الإبادة الكاملة في طريق الهلاك لتصفية القضية الفلسطينية.

الشهداء الذي يتكاثر عددهم بسرعة كبيرة وفق عداد الموت في غزة، ليس لهم إحصائية ثابتة كونها متغيرة وفقا لبورصة الشهداء المتزايدة كل دقيقة.

عموما وفقا لإحصائية الـ44 يوما، فإن الـ13 ألف شهيدا بينهم 5500 طفل و3500 امرأة ، و4000 شهيد بين رجلا وشيخ، فيما يواصل عدد المصابين الارتفاع ليصل لأكثر من 30 ألف مصاب 75% منهم أطفال ونساء.

باختصار في قراءة متأنية للأرقام والاحصائيات فإن الاحتلال الغاشم في حرب الإبادة الشاملة التي يرتكبها ضد أهالي غزة مستخدما أسلحة مشروعة وأخري محرمة وثالثة ما أنزل الله بها من سلطان، يستهدف القضاء على الأطفال والنساء لوأد جيلا من رجال المستقبل، والتخلص من السيدات أهدافه أكثر خسة ونذالة، لتفريغ وطن من أطفاله ونسائه.

كما أن رجال وشيوخ غزة ليسوا بمأمن فالصاروخ لا يميز، وطلقات الرصاص ليست طيرا أبابيل على كلا منها اسم صاحبه، ولكنها تستهدف روحا وقلبا نابضا بالحياة لتحول جسده إلى أشلاء وحاضره إلى ماضٍ في محاولة بائسة من محتل غاصب لبناء نهضة على أشلاء الشهداء.. فها تنهض أمتنا من كبوتها قبل أن يتحول وطننا كله إلى مقبرة للشهداء!!

samyalez@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *